«العدالة والتنمية» يعقد مؤتمرا حاشدا.. ومشعل يدخل لأول مرة من بوابته إلى المغرب

ابن كيران حذر وزراءه والبرلمانيين من «إغواء» المناصب.. وحمل الجزائر مسؤولية استمرار غلق الحدود

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية خلال افتتاح مؤتمر حزب العدالة والتنمية في الرباط أمس (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

حمل عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الجزائر مسؤولية استمرار إغلاق الحدود بين البلدين. وقال في افتتاح مؤتمر حزبه أمس في الرباط «نرجو الله الهداية لإخواننا في الجزائر، الذين يحكمون هذه الدولة العزيزة، نأمل أن يهديهم الله ليفتحوا الحدود ويساهموا في حل مشكلة الصحراء.. لو أرادوا في يوم واحد ستحل المشكلة» على حد قوله. وأضاف ابن كيران موجها خطابه للمسؤولين في الجزائر «صدقوني.. إرادة الشعوب ستنتصر طال الزمن أو قصر الحدود ستفتح، وسنرجع كما كنا إخوانا متعاونين». ودعا إلى الاستفادة من تجربة الأوروبيين «الذين تختلف لغاتهم وأديانهم وتاريخهم ومع ذلك فتحوا الحدود وأزالوا العوائق وسمحوا بحرية التجارة والتنقل والاستقرار».

وغصت قاعة الملعب الرياضي «الأمير مولاي عبد الله» ملء سعتها بالمشاركين في المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية، واضطر آلاف المشاركين لمتابعة أشغال المؤتمر عبر شاشات كبيرة نصبت خارج القاعة بعد أن أغلقت أبوابها القاعة بسبب الاكتظاظ، لكن المؤتمر اتسم بالتنظيم، واستعملت بطاقات إلكترونية للضيوف وأعضاء المؤتمر والصحافيين.

وحضر المؤتمر ممثلون عن عدد من الأحزاب السياسية الأجنبية، لكن معظم الحضور كانوا من «الإسلاميين» في الجزائر وموريتانيا والسودان ومصر وتركيا والكويت، وحظي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» وتوكل كرمان، اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بترحيب لافت، وهذه أول مرة يزور فيها مشعل المغرب. وخلال تقديم الضيوف لقي ممثلو مصر وليبيا وموريتانيا ترحيبا كبيرا، وقابل أعضاء المؤتمر بفتور حضور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني، في حين ارتفع الصفير والاستياء عند تقديم ممثل الحزب الشعبي الإسباني. وخص الحاضرون ممثل حزب العدالة والتنمية التركي بترحيب خاص. وعند تقديم ممثل حركة فتح عزام الأحمد ارتفعت الشعارات تنادي بوحدة الصف الفلسطيني وتردد شعار «لا فتح لا حماس الوحدة هي الأساس».

وحضر الجلسة الافتتاحية، قادة الأحزاب والنقابات المغربية، ومجموعة من العلماء والدعاة وشيوخ التيارات السلفية في المغرب، واعتذر حزب النهضة التونسي عن الحضور بسبب تزامن مؤتمري الحزبين. كما اعتذرت أحزاب فرنسية لتزامن انعقاد المؤتمر مع العيد الوطني الفرنسي.

وأشار ابن كيران في كلمته الافتتاحية إلى أن قيادة الحزب أصرت على تنظيم المؤتمر السابع للحزب في وقته، على الرغم من الظروف المحيطة به، والتطورات التي عرفها المغرب في سياق الربيع العربي والتي نقلت الحزب من خانة المعارضة إلى السلطة بعد فوزه الساحق في الانتخابات الأخيرة. وأشار ابن كيران إلى أن المغرب استطاع أن يصمد أمام رياح الربيع العربي بفضل التلاحم بين الملك محمد السادس والشعب المغربي، مشيرا إلى أن المغاربة عرفوا تداول أمرهم في إطار دولة مستقلة مند 12 قرنا، إضافة إلى وجود «أحزاب وتنظيمات نقابية وحركات إسلامية ودعاة وعلماء ظلوا ينبهون إلى ضرورة إدخال إصلاحات، يناضلون يضحون ويدفعون الغالي والنفيس من أجل ذلك» وزاد قائلا «لدينا أسرة ملكية تحب الشعب ويحبها، وتقوم بدور الحكم أكثر مما تقوم بدور الحاكم والشعب يحس بانتمائه إليها».

وقال ابن كيران إن «المغرب أيضا كان يعاني التوجهات التحكمية التي تدعي القدرة على إنجاز التنمية الاقتصادية من خلال الاستثمار وتوفير الشروط له، ومواجهة الشعب بالقمع والإرهاب وشراء الذمم والمكر والخداع واستعمال القضاء» وأضاف أن «القدرة الإلهية شاءت أن يكون هذا البلاء محدودا في المغرب ومكنت من الانتصار عليه بفضل تلاحم إرادة الملك والشعب».

ودعا ابن كيران القوى السياسية المغربية، سواء في المعارضة أم في الحكومة، إلى التعاون وقال «لا أتصور من يريد الخير لهذا البلد إلا متعاونا وسلسلة واحدة. فمهما تعددت المرجعيات فنحن أمة واحدة وإنما نتنافس على جلب الخير». وأشاد بالمعارضة ودورها في تنشيط الحياة السياسية، وطالبها بتلطيف أدائها.

وأشار ابن كيران إلى نجاح التجربة المغربية والتي أصبحت محط أنظار عبر العالم وتعتبر نموذجا للتحولات الديمقراطية في المنطقة. غير أنه قال إن الامتحان لم ينته، مشيرا إلى أن الحزب سيقبل بنتائج الانتخابات المقبلة شريطة أن تكون نزيهة وغير مزورة. ودعا ابن كيران حزبه إلى تقدير المسؤولية التي ألقاها عليه الناخبون، وقال «عندما انتخبتموني أمينا عاما عام 2008، وكنا نعاني الأمرين، هل كنتم تتخيلون أننا سنكون في رئاسة الحكومة؟». وأضاف أن على الحزب أن يكسب معركته الداخلية، التي وصفها بمعركة الأخلاق والقيم والمبادئ، والقرب من المجتمع والإنصات للسكان وإيجاد حلول لمشكلاتهم. وحذر الوزراء والبرلمانيون مما سماه بـ«إغواء وإغراء المناصب والمسؤولين». ودعاهم «ليأخذوا بالمعروف ويعطوا دون حساب»، على حد تعبيره، وأن لا ينسوا أنهم جاءوا لخدمة الوطن والتضحية من أجله.

وقال مخاطبا المؤتمرين إذا كنتم تنتظرون رئيس حكومة يقول لكم إن أداء الحكومة كان جيدا مائة في المائة فابحثوا عن رئيس حكومة آخر. وأشار إلى أن الظروف صعبة، «وإرث الحكومات السابقة، على الرغم من إيجابياته لكن فيه سلبيات ثقيلة على رأسها اقتصاد الريع وعدم التوازن في المجتمع وضياع الفقراء والمساكين، وأمور كثيرة تحتاج إلى معالجة».

ومن بين الإصلاحات التي قال إن الحكومة ستعجل بها إخراج قانون استعمال الأمازيغية، وخدمة الأسرة والطفل، والسعي إلى تحقيق المناصفة بين النساء والرجال. مشيرا إلى أن الحزب قرر تخصيص حصة 25 في المائة من المواقع القيادية للنساء.

إلى ذلك، سيناقش مؤتمر «العدالة والتنمية»، تعديلات أساسية في أنظمة الحزب وتوجهاته لملاءمتها مع الموقع الجديد للحزب الذي نقلته تداعيات «الربيع العربي» من المعارضة إلى رئاسة الحكومة. وتم الإعداد للمؤتمر الذي انطلقت أشغاله أمس في الرباط، في وقت قياسي لم يتجاوز أربعة أشهر، على الرغم من انشغال الحزب خلال الفترة الماضية بقيادة أول حكومة مغربية بعد إقرار دستور جديد في البلاد.

ولم تتسرب معلومات حول المرشحين المحتملين لقيادة الحزب، إلا أن تكهنات تشير إلى أن عبد الإله ابن كيران يتوفر على أقوى الحظوظ للفوز بولاية ثانية، باعتبار أنه استطاع قيادة الحزب بنجاح خلال الانتخابات الأخيرة مما مهد له الطريق لرئاسة الحكومة.

ويعتمد الحزب نظاما فريدا في انتخاب أمينه العام، إذ يمنح القانون الأساسي للحزب الحق لأي عضو في المجلس الوطني (برلمان الحزب) ترشيح ما بين اثنين إلى ثلاثة أشخاص لتولى الأمانة العامة، ومن ينال أعلى الأصوات يصبح هو الأمين العام، وذلك دون أن تكون هناك ترشيحات للمنصب. وفي إطار التعديلات المقترحة للنظام الأساسي للحزب تم اقتراح رفع عدد أعضائه من 100 إلى 160 عضوا، ضمنهم ستة أعضاء يمثلون الجاليات المغربية في الخارج، و30 عضوا تقترحهم الأمانة العامة ويصادق عليهم المجلس الوطني.

وجرت أمس مناقشة تقارير حول أداء الحزب والوثائق التوجيهية والنظام الأساسي للحزب والمصادقة عليها قبل انتخاب المجلس الوطني، الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر. وسيخصص اليوم لانتخاب الأمين العام واختتام الأشغال. وتقترح هذه التعديلات أيضا توسيع الأمانة العامة للحزب (المكتب السياسي) التي أصبحت تضم 40 عضوا بدل 27 عضوا في النظام الأساسي السابق، إذ تمت إضافة وزراء الحزب إلى الأمانة العامة. وأصبحت الأمانة العامة للحزب تتكون من الأمين العام، ورئيس المجلس الوطني، ونائبين للأمين العام، والمدير العام للحزب وهو منصب جديد لم يكن موجودا في السابق، و15 عضوا منتخبين من المجلس الوطني، ووزراء الحزب، ورئيسي الفريقين البرلمانيين، وأمين المال، ورئيسة الهيئة الوطنية لنساء الحزب، ورئيس الهيئة الشبابية للحزب، ورئيس هيئة الحزب المشرفة على عمل الكوادر، وسبعة أعضاء إضافيين يقترحهم الأمين العام. ويقترح مشروع النظام الأساسي الجديد للحزب إنشاء إدارة عامة، وهي عبارة عن أمانة عامة مصغرة، تتولى الإدارة اليومية لشؤون الحزب ومتابعة تنفيذ قرارات أمانته العامة. وتضم الإدارة العامة كلا من الأمين العام والمدير العام وأمين المال ورؤساء اللجان والتنظيمات الموازية إضافة إلى خمسة أعضاء تعينهم الأمانة العامة. وتهدف هذه الهيكلة الجديدة للأمانة العامة للحزب إلى الفصل بين مهام القيادة السياسية للحزب والمهام الإدارية والإدارة اليومية لشؤون الحزب.