حددوا المشكلة أولا يا جماعة

محمود تراوري

TT

«كيف يصل مستوى التربية البدنية في مدارسنا وجامعاتنا إلى هذا المستوى المتواضع، سواء في الحصص أو الإلزام أو التدريب أو الملاعب أو الأدوات، حتى التمرينات الصباحية أخذت تلفظ أنفاسها في مدارسنا». مطلع التسعينيات الميلادية، إثر إخفاق في بطولة كأس العالم للشباب التي استضافتها السعودية وفازت بها البرتغال، وأعقب ذلك إخفاق في الدورة العربية وحصول دول عربية صغيرة حجما وإمكانات على ميداليات تتجاوز عدد الميداليات التي حازها رياضيون سعوديون، خرج الكاتب الكبير مشعل السديري في «رسالة مفتوحة إلى الأمير فيصل بن فهد» رحمه الله، قال فيها كلاما كثيرا، ظللنا نردده على مدى هذين العقدين بعيد كل إخفاق تقع فيها رياضاتنا حتى جاء الخروج من التصنيف المئوي أخيرا. كان السديري يقول بالنص «أنا أعتقد جازما أنه لا توجد دولة في منطقتنا ولا في البلاد العربية ولا في الشرق الأوسط ويمكن ولا في آسيا وأفريقيا كلها، لا توجد دولة أنشأت أندية وملاعب وجهزتها بالإمكانات الآلية والفنية كدولتنا ممثلة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب. كما أن العناصر موجودة ممثلة بالبراعم والشباب الذين يشكلون أكثر من 60 في المائة من سكان المملكة، فلماذا إذن لا نكون على قدر طموحنا، وأبو الطيب يقول (على قدر أهل العزائم...) ويقال إن الملك عبد العزيز رحمه الله كان يردد دائما (الحزم أبا اللزم) فبالحزم والعزم واللزم، أي الإصرار والالتزام والمثابرة نستطيع أن نحقق النتائج الذهبية». بينما المدرب الاتحادي حسن خليفة كان يعبر في لقاء صحافي أخيرا عن دهشته أثناء وجوده في إسبانيا لامتلاك كل ناد أكثر من ملعب تصل لاثنين وثلاثة وأربعة، بل تصل إلى سبعة ملاعب على ذمة الخليفة، الذي أعلن عن أسفه لعدم وجود ملاعب كافية لدى معظم الأندية السعودية. ولو أضفنا هذا المأزق إلى تراجع الدور الريادي والقيادي للرياضة المدرسية، وتراجع أدوار الحارات، نظرا لتقلص البرحات والفضاءات المفتوحة التي كانت تغذي الأندية بعشرات المواهب الحقيقية، لتوقفنا تماما عند ما ذكره الزميل مسلي آل عمر في مقاله البديع والقوي «إنها أنديتك يا نواف» وتساءل «هل أنجب الاتحاد بعد الخليوي وجميل ونور أي لاعب يلفت الانتباه؟ أين الأهلي من مواهب كخالد مسعد وعبد الجواد..» الخ من تساؤلات كاوية، تؤكد فعلا أنه «لا يمكن أن يبدأ العمل على إصلاح الوضع إلا بالتعرف على المشكلات التي تعانيها رياضتنا» بحسب مسلي، وهو ما يعرف منهجيا بـ«تحديد المشكلة» أولا، وتوصيفها بدقة قبل الشروع في معالجتها.

يالله.. لماذا نهدر كل هذا الوقت في الكلام والتنظير؟ ألم يئن الأوان لـ«تحديد المشكلة»؟