البنك المركزي الأوروبي «يطمئن».. ويتعهد بالحفاظ على اليورو

قال إنه مستعد للتدخل في أزمة الديون لحماية إيطاليا وإسبانيا

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت بألمانيا («الشرق الأوسط»)
TT

«البنك المركزي الأوروبي على استعداد للقيام بكل ما يلزم للحفاظ على اليورو. وصدقوني. إنها ستكون كافية» هذا ما صرح به رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، لتسود أجواء من التفاؤل الأسواق الأوروبية. ومن وجهة نظر كثير من الخبراء الاقتصاديين، التصريحات هي الأوضح التي يدلي بها دراجي حتى الآن، وتشير إلى أن البنك المركزي الأوروبي مستعد للتدخل في أزمة الديون لحماية إيطاليا وإسبانيا اللتين ارتفعت تكاليف اقتراضهما إلى مستويات غير محتملة، وقفز اليورو وتراجعت السندات الألمانية بعد تصريحاته.

وقال وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غويندوس: «الحكومة الإسبانية اجتمعت بعدة مناسبات مع السيد دراجي ضمن مجموعة اليورو، نعلم جيدا أن البنك المركزي الأوروبي هو الضامن الرئيسي لمستقبل اليورو. ولهذا السبب أنا لم أتفاجأ بتصريحات السيد دراجي». ويشير الاقتصاديون أن البنك قد يضطر مرة أخرى لشراء السندات أو مساعدة دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة. وكانت لتصريحات دراغي تأثيرات على أسعار الفائدة في إيطاليا، التي انخفضت لمعدلات أقل من 6 في المائة، ووصلت إلى 5.95 في المائة، بعد أن وصلت الأسبوع الماضي إلى 6.5 في المائة، وجاء ذلك بعد أن عرفت روما مظاهرة احتجاجية نظمتها نقابات عمالية إيطالية بالقرب من البرلمان في العاصمة، لإثارة الاهتمام بمشكلة مئات الأشخاص الذين هجروا عملهم، بعد أن وقعوا عقودا تخص التقاعد المبكر، وهم يئنون الآن تحت وطأة الإجراءات التقشفية دون منحة، بعد أن أدخلت الحكومة إصلاحا على نظام التقاعد لتقليص النفقات العامة، بالرفع من سن التقاعد والمساهمة في صناديق التأمين. فمن جهة، أعمار تلك الفئة تخول لهم مزيدا من العمل سنوات مقبلة، ومن جهة أخرى، فإن أعمارهم متقدمة، ومن الصعب أن يجدوا عملا جديدا, وفي نفس الوقت انخفضت أسعار الفائدة في إسبانيا، التي هبطت إلى معدلات أقل من التي وصلت إليها قبل أسبوع عندما بلغت مرحلة الإنذار وهي 7 في المائة، وفي مدريد أيضا، كانت هناك أنباء سارة نوعا ما، فقد أظهرت بيانات رسمية، أمس (الجمعة), أن معدل البطالة الإسباني ارتفع أقل من المتوقع في الشهر السابق.

في هذا التقرير من وزارة العمل والهجرة قيل إن معدل البطالة الإسباني ارتفع إلى المعدل السنوي وقدره 24.6 في المائة من 24.4 في المائة في الشهر الذي قبله. توقع خبراء المال بخصوص معدل البطالة الإسباني أن يصعد 24.9 في المائة في الشهر السابق. من جانبه، أكد وزير المالية الياباني، جون أزومي، أن بلاده تأمل أن يقدم البنك المركزي الأوروبي دعما أكثر «حسما ومباشرة» لدفع اقتصادات منطقة اليورو ودعم المصارف والمؤسسات المالية المتعثرة.

وشدد أزومي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليابانية (كيودو)، على أهمية تعزيز اقتصاد منطقة اليورو «لوضع حد للأزمة في أوروبا»، مشيرا إلى أن بلاده سترحب بـ«دعم أكثر حسما ومباشرة» من جانب المركزي الأوروبي. من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألماني الاتحادي غيدو فيسترفيلله أن الأوضاع في البلدان التي تعاني من مصاعب مالية في مجموعة اليورو، تختلف الواحدة عن الأخرى، وقال فيسترفيلله في تصريحات صحافية إن «تدابير التقشف المتفق عليها في كل من البرتغال وآيرلندا واليونان، تختلف بحسب الوضع في كل بلد بشكل تام»، وأضاف: «لقد أظهرت آيرلندا والبرتغال فقط أن سياسة ثابتة للإصلاح يمكن أن تفضي إلى تحسن بشكل سريع جدا»، ولفت رئيس الدبلوماسية الألمانية إلى أن «النمو لا يمكن أن يتحقق مع الدين، فهو نتيجة للقدرة التنافسية»، وشدد الوزير الألماني على أنه «لا يمكن التغلب على أزمة الديون عن طريق تسهيل الديون، ولكن فقط من خلال خلق ثقة جديدة» و«هذه الثقة تأتي عندما يكون واضحا أن المرء قد تعلم الدروس الصحيحة من الأزمة».

وتوجه رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إلى أثينا في خضم أزمة منطقة اليورو للقاء رئيس الوزراء اليوناني انطونيوس سامارس. وتزامنت زيارته مع زيارة قادة ترويكا الجهات الدائنة لليونان المكلفة بإعداد التقرير السابع حول الحسابات العامة اليونانية منذ إقرار أول خطة مساعدة دولية لأثينا عام 2009. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو: «الكلمة الفاصلة هنا هي الإيفاء بالوعود ثم الإيفاء بالوعود، وذلك من أجل الحفاظ على ثقة الشركاء الأوروبيين والدوليين، يجب وضع حد للتأخير بالإيفاء بالوعود». وصرح أيضا بأن اليونان ستبقى في منطقة اليورو، وأن المفوضية ستواصل دعمها لاقتصادها طالما تفي حكومتها بالتزاماتها المتعلقة بسياسة التقشف.

وقال المسؤول الأوروبي: «إن اليونان جزء من الأسرة الأوروبية ومنطقة اليورو، ونعتزم عمل كل شيء من أجل الحفاظ على هذا الحال». مع ذلك أكد باروزو ضرورة «تحقيق الاتفاق الجديد داخل اليونان حول برنامج الإصلاحات والتنمية». وفي نفس الوقت خرجت مظاهرات حاشدة في العاصمة احتجاجا على مناقشات حكومية حول تشديد التقشف بالنسبة لمعاشات التقاعد والمساعدات الاجتماعية، بعد التخفيضات المتتالية التي أقرت منذ 2010، واقتطعت حتى 30 في المائة من الأجور والمعاشات التقاعدية. وتزامن ذلك مع توقع بنك «سيتي» الأميركي خروج اليونان من منطقة اليورو بنسبة احتمال تقترب من 90 في المائة، في فترة تتراوح ما بين 12 و18 شهرا، وذلك في ظل تفاقم أزمة الديون السيادية. ورجح المصرف الأميركي تخلي اليونان عن عملة اليورو في غضون الأرباع الثلاثة المقبلة. كما توقع بنك «سيتي» أن تشهد الأعوام المقبلة إعادة هيكلة واسعة للديون السيادية والديون المصرفية في البرتغال وآيرلندا، تليهما بعد فترة إيطاليا وإسبانيا وقبرص.