الكنيست يحتضن مؤتمرا للمتطرفين المنادين ببناء «الهيكل» على أنقاض الأقصى

الكشف عن حفريات جديدة في باب المغاربة

TT

على الرغم من نفي السلطات الإسرائيلية وجود أي مساس بالمسجد الأقصى المبارك وقولها إن ما يقال عن «خطر على الأقصى هو مجرد وهم وتحريض سافر ضد الدولة العبرية»، فإن الكنيست احتضن مؤتمرا حضره أكثر من مائة يميني متطرف، بينهم رجال دين وقادة للمستوطنين وأعضاء كنيست وغيرهم من المنادين بـ«إعادة بناء الهيكل المهدوم» على أنقاض المسجد الأقصى.

وعقد المؤتمر تحت شعار «الصلاة اليهودية في جبل البيت (وهو الاسم العبري لباحة المسجد الأقصى).. أحكام الدين والواقع والحلم». وقال زعيم الجناح المتطرف في حزب الليكود الحاكم: «إن إسرائيل تحتاج إلى رئيس حكومة شجاع يفصح عن الأمل اليهودي الأكبر ببناء الهيكل وإضاءة شموع النور والبركة في يوم افتتاحه». ثم صاح: «أنا أريد أن أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي ينفذ هذا الوعد». وخرج المؤتمرون بقرار «البدء بإجراء الاستعدادات اللازمة لبناء الهيكل»، و«التمرد على قرارات الشرطة الإسرائيلية بمنع اليهود من الصلاة بحرية في الباحات».

وكانت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» قد رصدت في الآونة الأخيرة تصعيدا لنشاطات أذرع الاحتلال الإسرائيلي ومنظماته في الدعوة إلى تسريع بناء الهيكل على حساب المسجد الأقصى، عشية ما يعرف بـ«التاسع من أغسطس (آب).. ذكرى خراب الهيكل». وأقدم بعض المستوطنين على نشاطات اعتبروها «تدريبات عملية على بناء الهيكل». وأشارت «مؤسسة الأقصى» إلى أن هذه النشاطات تترافق مع اقتحامات شبه يومية لمستوطنين لباحة الأقصى، وأدائهم الشعائر اليهودية في ساحات الأقصى، إضافة إلى حفر الأنفاق أسفل محيط المسجد الأقصى وتحويلها إلى شبه مدينة يهودية دينية سياحية.

ولوحظ أن أكثر من منظمة يهودية عمدت في الأيام الأخيرة إلى توزيع عشرات آلاف النسخ الإلكترونية والورقية لنشرات ومطويات تدعو إلى تسريع بناء الهيكل، تتضمن صورا ومجسمات لذلك الهيكل ومواصفات ومراحل بنائه، والألبسة والطقوس التي سيؤديها «الكهنة»، ومن المنظمات التي نشطت في هذه الحملة منظمة «حباد» المعروفة بنشاطاتها الدينية العالمية.

وجاء المؤتمر في الكنيست، أول من أمس، ليتوج هذه النشاطات ويعطيها طابعا رسميا.

من جهة ثانية، كشفت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث»، في تقرير لها أمس يحتوي على وثائق وصور فوتوغرافية ومقاطع الفيديو، عن أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم في هذه الأيام باستكمال هدم طريق باب المغاربة، الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى، وأن الحفريات تحولت في الأيام الأخيرة إلى حفريات علنية في وضح النهار، بعد أن كانت تنفذ سرا. وأكدت المؤسسة من خلال تقريرها أنها رصدت عمليات هدم الطريق بالمعاول والفؤوس والمماسك الحديدية والأيدي لطريق باب المغاربة، حيث كان عشرات الحفارين يقومون بالتناوب على هدم الحجارة والأتربة وتفكيك الطريق إلى أجزاء، ثم يقومون بنقل هذه الأتربة والصخور بالدلاء البلاستيكية إلى أكياس توضع بجانب الطريق.

وترجح «مؤسسة الأقصى» أن الاحتلال يقوم بتحميلها ليلا على شاحنات ونقلها إلى جهة مجهولة، كما ذكرت أنه بجانب هذه الحفريات يلاحظ أن الاحتلال يقوم بأعمال إعادة تأهيل وصيانة للتفريغات والتجويفات في باطن طريق باب المغاربة، وهو ما يرجح أن يكون بقايا «مسجد الأفضل»، وبحسب معلومات وخرائط حصلت عليها المؤسسة سابقا فإن الاحتلال يخطط لتحويل هذه الفراغات والتجويفات، أو ما يمكن أن يبقى من طريق باب المغاربة، إلى كنيس للنساء.

وقد رصدت هذه الحفريات على مدار ثلاثة أيام ولمدة ساعات، حتى استطاعت بعد ظهر أول من أمس أن تتوصل إلى حقيقة ما يجري من حفريات وهدم، لكن هناك بعض الجوانب في هذه الحفريات ما زالت غير معروفة وغير واضحة، وترجح المؤسسة أن الاحتلال يريد أن يجعل من أسفل طريق باب المغاربة مدخلا ومعبرا جديدا ورئيسيا لشبكة الأنفاق التي يحفرها أسفل الطريق، الرامية إلى اختراق المسجد الأقصى. ومن الجهة الأخرى هناك باب كبير أسفل باب المغاربة يسمى بـ«باب النبي» وهو باب يمكن من خلاله الوصول إلى أسفل ساحة الحرم القدسي، علما بأن أسفل طريق باب المغاربة يوصل إلى هذا الباب، بالإضافة إلى وثائق حصلت عليها «مؤسسة الأقصى» ونشرتها سابقا تقع ضمن مخطط «أورشليم أولا» تشير إلى أنه من المخطط فتح نفق جديد أسفل طريق باب المغاربة. ووصفت «مؤسسة الأقصى» ما يجري في هذه الأثناء بأنه جريمة كبرى بحق المسجد الأقصى المبارك، بل هو استكمال لمخطط هدم جزء من المسجد، وأن هذا الطريق هو وقف إسلامي تابع للأقصى، وهو تلة إسلامية تاريخية تحوي آثارا إسلامية عريقة، وكان جزءا من حي المغاربة الذي هدمه الاحتلال عام 1967.

ودعت المؤسسة إلى التحرك عاجلا لإنقاذ ما تبقى من طريق باب المغاربة، مشيرة إلى أن الاحتلال قد جمد قبل أشهر قرارا باستكمال هدم طريق باب المغاربة وبناء جسر عسكري بديل، بسبب المواقف القوية والصريحة التي أعلنت عنها الدول العربية آنذاك، وخاصة الأردن ومصر، وها هو الاحتلال يحاول أن يلتف على قراره بطرق ملتوية ويقوم عمليا بالهدم البطيء والهادئ بدلا من الهدم بالجرافات والآليات الثقيلة، ولذلك لا بد من تكرار الوقفات والمواقف الإسلامية والعربية التي يمكن أن تسهم بتخفيف الأذى عن المسجد الأقصى وزوال الاحتلال عن القدس.