الزعفراني لـ «الشرق الأوسط»: «الإخوان» في مرحلة قطف الثمار «الخطرة»

قيادي منشق عنها: الجماعة ستضطر لتغيير مواقفها رغما عنها.. وأدعو مرسي لاقتناص سلطته من «العسكري»

الدكتور إبراهيم الزعفراني أحد قيادات «الإخوان» المنشق عن الجماعة
TT

كشف الدكتور إبراهيم الزعفراني، أحد قيادات «الإخوان المسلمين» في الإسكندرية المنشقة عن الجماعة، عن أن حزب الحرية والعدالة الإخواني لا يأخذ قراراته من داخله، وإنما القرارات يقررها مكتب إرشاد الجماعة.

وقال الزعفراني، أحد رموز العمل الإسلامي في السبعينات، في حواره مع «الشرق الأوسط» إن «الجماعة في مرحلة قطف الثمار الخطرة، وإن انخراطها الشديد في السياسة أدى إلى تفريغ العمل الدعوى داخلها وجعل الدعوة السلفية تسيطر على المشهد في المساجد خاصة مع شل الدولة لمؤسسة الأزهر».

وأوضح الزعفراني، وهو عضو سابق بمجلس شورى الجماعة، قدم استقالته منه في أبريل (نيسان) عام 2011، ونائب رئيس حزب الإصلاح والنهضة (الإسلامي الوسطي) حاليا، أن هناك رفضا داخل الجماعة من تقنين وضعها القانوني الذي وعد به الرئيس محمد مرسي، مؤكدا أن مصر لا يمكن أن تصبح مثل إيران وسيطرة رجال الدين عليها لن تحدث.

وكشف القيادي المنشق عن «الإخوان» عن أنه ليس هناك إيمان كامل لدى الطبقة التي تقود الجماعة بدور المرأة القيادي وعضويتها في الجماعة ناقصة، متوقعا أن تتغير جماعة الإخوان رغما عنها، لأن دخولها عالم السياسة وعملها مع آخرين يحتاج إلى مراجعة كما فعل السلفيون، داعيا مرسي لاقتناص سلطته من المجلس العسكري.. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* ذكرت أن حزب الحرية والعدالة غير مستقل عن «الإخوان».. فكيف ترى ذلك؟

- حتى الآن لا توجد أي دلائل على أن حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) يأخذ قراره من داخله، وإنما القرارات تقررها الجماعة ومكتب الإرشاد، وهي بالطبع مشكلة كبرى لأنه حزب كبير ويضم كوادر كثيرة، واستقلاله سيكون لمصلحة الحزب والجماعة معا، لأن الحزب يجب أن ينافس على المستوى السياسي وليس الدعوى، والعمل السياسي يحتاج إلى مواءمات وتوافقات قد لا تتفق مع العمل الدعوى الذي يعتمد على المبادئ الإسلامية دون تنازلات، فالانفصال بين الحزب و«الإخوان» سيجنب أن يقال إن الجماعة تنازلت في مواقف أو كانت عبئا على الحزب في حرمانه من بعض التوافقات مع القوى الأخرى.

* عندما استقلت من «الإخوان» قلت إنك اخترت هذا التوقيت والجماعة في قوتها ولا يوجد أحد من أفرادها في السجون حتى لا يتفرق الصف.. فهل ترى أن الوقوف أمام سطوة نظام مبارك هو ما كان يجمع أعضاء الجماعة، وأنه مع وجود تيارات مختلفة داخلها الآن يمكن أن تنهار؟

- الظلم والإحساس بالاضطهاد يجعل أي مجموعة تتكاتف وتتآلف وتنغلق على نفسها، والآن زال نظام مبارك؛ ولكن الخطر لا يزال موجودا، وإذا تفرقنا يمكن مثلا أن ينقض المجلس العسكري على الرئاسة، فالآن الجماعة في مرحلة قطف الثمار، والثمار لا تزال في خطر، وسوف تنتقل هذه الفكرة إلى الناس وتتضخم.

* بعدما أمضيت نحو 45 عاما مع «الإخوان».. ما الذي دفعك للانفصال عنها؟

- أسباب متعددة أهمها عدم فصل الجانب الدعوى عن السياسي، فالأصل أنها جماعة دعوية تربي الإنسان على القيم، ثم تتركه ليواجه حياته، سواء في العمل العام أو في الانضمام لحزب سياسي. والانخراط الشديد في السياسة أدى إلى تفريغ العمل الدعوي داخل الجماعة وجعل الدعوة السلفية تسيطر على المشهد الديني في المساجد، خاصة مع قيام الدولة بـ«شل» حركة الأزهر الشريف، وهناك أسباب لائحية أخرى، مثل رقابة الأجهزة المنتخبة على التنفيذية، فرقابة مجلس شورى الجماعة على مكتب الإرشاد لم يكن لها أي صلاحية أو محاسبة، وكذلك منظومة العدل داخل الجماعة كانت غير متوازنة، فلا توجد لوائح محددة بالجزاءات، بالإضافة إلى وجود رفض داخل الجماعة من تقنين وضعها القانوني.

* يتردد أن «الإخوان» تسعى لتطبيق النموذج التركي أو الإيراني في مصر.. ما تعليقك؟

- مصر متقدمة عن النموذج التركي، فأردوغان كان يشق طريقة في دولة شديدة العلمانية لكنها ديمقراطية، والوضع في مصر مختلف، فلدينا رصيد ديني شعبي كبير، والدين هو مكون أساسي في حياة المصريين، مسلمين ومسيحيين، ومصر لا يمكن أن تصبح مثل إيران، فسيطرة رجال الدين على الدولة لن تحدث، وإنما مصر ستخلق نموذجها الإسلامي الخاص بها.

* كيف ترى المخرج من مخاوف التيارات السياسية والمسيحيين والمرأة من «الإخوان»؟

- المسيحيون مخاوفهم غير مبررة، فـ«الإخوان» أو غيرهم لن يستطيعوا أن ينتقصوا أي شيء منهم؛ بل على العكس أتوقع أن يكون وضعهم أفضل في المستقبل من النظام السابق الذي عمل على افتعال مشكلات طائفية، أما موضوع المرأة فقد يكون به بعض المشكلات، فليس هناك إيمان كامل لدى الطبقة التي تقود الجماعة بدور المرأة القيادي، بدليل أن عضوية المرأة في الجماعة ناقصة، وليس لها حق التصويت أو المناصب القيادية أو العضوية في مكتب الشورى أو الإرشاد، وتبرير قيادات الجماعة أن تجنيبها هذا حتى لا تتعرض للمخاطر في نظام مبارك، أراه غير منطقي الآن، فالمرأة محصنة ومحمية من المجتمع الذي لن يتقبل الاعتداء عليها بأي شكل.

* ما نظام الدولة الذي تفضله لمصر في الدستور.. وكيف يمكن تحقيق التوافق في الفريق المصاحب للرئيس؟

- أرى أن يكون النظام مختلطا، لا يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات كاملة، لأن وضعنا لا يسمح بنظام برلماني لعدم وجود أحزاب قوية، فوجود حكومة من الأغلبية ورئيس وزراء يملك صلاحيات كاملة هو أمر يصعب الآن، والتوافق سيحدث عندما يختار الرئيس الأكفأ ولا يخضع لأي ابتزاز، فتشكيل الحكومة يجب أن يكون متجانسا ومواليا للثورة ومؤمنا بأهداف برنامج الرئيس حتى يستطيع أن يعمل على تحقيقها.

* كنت من جيل السبعينات الذي أعاد تأسيس جماعة الإخوان.. فهل ترى أن الأفكار التي بنيت عليها هذه المرحلة تصلح للتطبيق الآن مثل مبدأ السمع والطاعة.. أم أن الجماعة بحاجة إلى تطوير نفسها من الداخل؟

- داخل العمل الحزبي هذه الأفكار لا تصلح، ويمكن أن يكون لها بعض النصيب في العمل الدعوى، وأتوقع أن تتغير جماعة الإخوان رغما عنها، لأن دخولها عالم السياسة وعملها مع آخرين يحتاج إلى مراجعة في بعض الأمور كما فعل السلفيون، وأتمنى أن يحدث هذا في الوقت المناسب.

* باعتبارك قياديا سابقا في «الإخوان».. كيف تقيم أداء الجماعة منذ الثورة وحتى الآن؟

- بالطبع لهم إيجابيات وسلبيات، فهم جماعة كبيرة وقوية ومنظمة ومنتشرة في ربوع البلاد، وكانت الوحيدة الجاهزة بالفعل للعمل، ومنذ أيام الثورة الأولى كان لها دور لا يمكن إنكاره، وخصوصا في مواقف محددة مثل «موقعة الجمل»، ولكن كان هناك قرارات خاطئة مثل التخلي عن الثوار وقت أحداث شارعي محمد محمود ومجلس الوزراء (وسط القاهرة) وشق الصف الوطني العام والانقسامات بين التيار الإسلامي، في حين أن الجماعة كان عليها استيعاب الجميع في هذه اللحظة باعتبارها الكيان الأكبر.

* وهل تتوقع حدوث صدام بين الرئيس والمجلس العسكري في المستقبل؟

- أتمنى أن يحدث هذا الصدام وأن يتخذ الدكتور محمد مرسى قرارات ثورية ويقتنص صلاحياته، فيلغي الإعلان المكمل ويستفتي الشعب على ذلك، ويواجه الموقف مواجهة قوية، والشعب سيكون مع الرئيس لأنه يدرك جيدا أن صلاحياته منقوصة، والبديل عن ذلك هو الفشل.

* انضممت لحزب الإصلاح والنهضة (الوسطي).. ما الاختلاف بينه وبين الأحزاب ذات التوجه الإسلامي مثل حزب الوسط؟

- لا يوجد خلاف كبير بين أفكار الأحزاب الإسلامية ذات التوجه الوسطى؛ لكن التعدد يخلق حالة من التنافس تثري الحياة السياسية التي تم تجريفها لعقود طويلة، كما أنه يمكن أن يكون هناك تعاون أو تحالفات استراتيجية بينها.