السياسة تزاحم المظاهر الرمضانية المعتادة في مصر

أرخص أنواع التمر سعرا أطلق عليه «الفلول»

TT

يشعر المصريون بأن شهر رمضان هذا العام استثنائي بامتياز، ليس فقط بسبب درجة الحرارة المرتفعة، التي تجاوزت الأربعين درجة في الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، بل أيضا بسبب سخونة الأحداث السياسية التي فاقت في كثير من الأحيان حرارة الجو.. فشهر رمضان هذا العام هو الأول الذي يحل على البلاد وهي تحت حكم رئيس ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين هو الرئيس محمد مرسي، وما حمله هذا الأمر من رؤية المصريين لرئيسهم وهو يصلي التراويح ويخطب في المصلين، بل ذهب البعض للترويج إلى أن الرئيس مرسي سيعتكف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، وهي مظاهر لم يعتد عليها المصريون من رئيسهم على مدار الثلاثين عاما الأخيرة، فالرئيس السابق حسني مبارك كان لا يظهر مصليا أمام وسائل الإعلام إلا في صلاة العيدين الفطر والأضحى.

كما ينتظر المصريون خلال هذا الشهر إعلان مجلس الشورى أسماء رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد، بالإضافة إلى استئناف عمل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد وسط توقعات بحلها إن فشلت في أداء المهمة المنوطة بها.

كل هذه الأحداث ساهمت في امتداد تأثير السياسة على المظاهر الرمضانية، فأطلق تجار البلح أسماء الأحزاب والشخصيات السياسية على بضاعتهم، كوسيلة ترويج.

يقول خالد عبد الحفيظ، أحد تجار البلح والياميش بمنطقة وسط القاهرة: «لدينا هذا العام أكثر من 15 نوعا من البلح، أطلقنا على أغلاها سعرا اسم (بلح مرسي) تيمنا باسم الرئيس الجديد».

ويضيف خالد «أرخص أنواع التمر سعرا أطلقنا عليه اسم (الفلول)، في إشارة إلى رجال النظام القديم»، موضحا أن إطلاق تسميات مختلفة على أنواع البلح هو عادة سنوية.

ويقول خالد «كل عام نطلق أسماء مختلفة على البلح كنوع من الدعاية، فعندما فازت مصر بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم أطلقنا على أفضل أنواع البلح أسماء المدرب حسن شحاتة واللاعبين محمد أبو تريكة وعماد متعب وغيرهم، وأحيانا نطلق على البلح أسماء فنانين وفنانات».

تأثير السياسة لم يقتصر على البلح والياميش، بل امتد أيضا إلى عالم فوانيس رمضان، فقبل ثورة 25 يناير كانت أشكال الفوانيس تقليدية إلى حد ما، وكان أقصى تطوير طرأ عليها هو الأغاني المسجلة على تلك الفوانيس، أو أنها تتخذ شكل شخصيات كرتونية يحبها الأطفال، لكن في شهر رمضان من العام الماضي، وهو الأول بعد الثورة، استغل مصنعو الفوانيس أحداث الثورة وما رافقها من انفلات أمني استدعى نزول قوات الجيش ودباباته إلى الشارع، وصنعوا فانوسا على شكل دبابة احتل الصدارة في الإقبال عليه.

يقول مجدي مدحت، تاجر فوانيس بمنطقة باب الخلق بقلب القاهرة الفاطمية: «بعد رواج فكرة الفانوس الدبابة العام الماضي، قررنا هذا العام إنتاج فانوس على شكل رجل ملتح».

ويضيف مجدي «الفكرة طرأت على أذهان المصنعين بسبب سيطرة الإسلاميين على الأغلبية في مجلس الشعب، قبل حله، ووصول رئيس إخواني للسلطة»، قائلا «أردنا أن نواكب ما يحدث في البلد، ولم نقصد السخرية أو الاستهزاء بأحد».

ويوضح مجدي أن فانوس الشخص الملتحي هو الذي يحتل الصدارة هذا العام في الإقبال، ومعه الفانوس التقليدي المصنوع من «الصاج»، مشيرا إلى أن سعر الأول لا يزيد على 30 جنيها مصريا، بينما قد يصل سعر الثاني إلى 200 جنيه حسب حجمه.

ولم تكن موائد الرحمن غائبة عن المشهد السياسي هذا العام، فقد حرصت الأحزاب السياسية على إقامة موائد إفطار في أغلب المحافظات المصرية، كما تبارى أعضاء مجلس الشعب (المنحل)، لإقامة مثل هذه الموائد، كفرصة للدعاية الانتخابية، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة، على الرغم من أنه لم يتحدد موعدها بعد.

وشهدت المناطق الشعبية تنافسا بين الأحزاب السياسية والمرشحين على إقامة موائد الرحمن التي تعتبر مظهرا رمضانيا مميزا في الشوارع المصرية.