باريس: مستمرون في التشاور مع موسكو لمنع حصول مذابح في حلب

مصادر فرنسية: هذه «بدائلنا» للتحرك في سوريا

TT

تكثفت الاتصالات الدبلوماسية في الساعات الماضية في محاولات دولية لمنع حصول مذابح في حلب، فيما يبدو أن معركة السيطرة عليها بين المعارضة المسلحة وقوات النظام مقبلة لا محالة. وبينما تتواتر التحذيرات من كارثة إنسانية ستحل في العاصمة الاقتصادية لسوريا، طلبت باريس مباشرة من موسكو وبكين التدخل لمنع حصول هذه المذابح. وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن «مشاورات متواصلة تجري مع الجانب الروسي، لبحث السبل التي يمكن أن تفضي إلى وقف العنف في سوريا والبدء في عملية الانتقال السياسي». وأعربت باريس مجددا، مثل بقية العواصم عن مخاوفها من ارتكاب نظام الرئيس الأسد مجازر جديدة، مستدلة على ذلك بالكم الكبير من الآليات، التي تم حشدها حول حلب وباللجوء إلى الوسائل الجوية لقصف المدينة.

وترى مصادر دبلوماسية أجنبية في باريس في دعوة وزير الخارجية لوران فابيوس الموجهة لروسيا والصين دليلا على «افتقار الأسرة الدولية للأدوات التي من شأنها أن تلجم (الرئيس السوري بشار الأسد) وتنقذ آلاف النفوس في حلب». وبحسب هذه المصادر، فإن الآمال التي علقت على حصول تغير في مواقف موسكو من المسار الذي تسلكه الأزمة السورية قد «تبخرت» مع استخدام موسكو وبكين لحق النقض يوم الخميس الماضي في مجلس الأمن، الأمر الذي أجهض مشروع قرار غربي يهدد الأسد بـ«عقوبات» إن لم يسحب أسلحته الثقيلة ويتوقف عن ضرب المدن. وخلصت المصادر إلى أنه «لا يمكن التعويل» على موسكو، بينما تبدو بكين غير قادرة على حسم موقفها و«الابتعاد» عن موسكو.. وكشفت المصادر أن المندوب الصيني في مجلس الأمن، لوح للسفراء الغربيين أن بلاده تميل إلى الامتناع عن التصويت، غير أن النتيجة جاءت عكس ذلك إذ رفع المندوب الصيني يده، إلى جانب نظيره الروسي، للاعتراض على مشروع القرار ما أدى إلى إجهاضه. وقال برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية الفرنسية أمس إنه « إزاء حشد الوسائل العسكرية الذي يقوم به النظام حول حلب، فإن باريس بالغة القلق بصدد المعلومات الميدانية التي تصلها، ولذا فإنها تدعو النظام إلى وضع حد للعنف ولاستخدام الوسائل العسكرية الثقيلة، وتدعو إلى رحيل الأسد». وبالنظر إلى التطورات الميدانية وشلل مجلس الأمن الدولي، يجري البحث جديا عن «بدائل» للتحرك، التي يقع من بينها التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل استصدار قرار جديد لا يتمتع بقوة «الإلزام» كالتي يتمتع بها قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع؛ ولكنه يتحلى بقيمة «سياسية». وبرأي باريس، فإنه سيبين عزلة سوريا والدول التي تدعم نظامها.

وأعلنت الخارجية الفرنسية أمس أن «باريس تؤيد وتدعم المبادرة السعودية في الأمم المتحدة، كما أنها تقف إلى جانب الدول العربية في مساعيها للضغط على النظام السوري في الأمم المتحدة». وتعتبر فرنسا أن ما تسعى إليه الرياض «مهم»؛ لأن صدور قرار يحظى بدعم واسع في الأمم المتحدة يحمل رسالة قوية ومن شأنه «تقوية الدينامية السياسية» الهادفة إلى تحقيق الانتقال السياسي.

وتعتبر باريس ومعها قسم كبير من الأسرة الدولية، أنه من الضروري التحرك على كل الأصعدة، وطرق كل الأبواب لإظهار أن الأسرة الدولية لن تقف مكتوفة الأيدي، لأن مجلس الأمن مشلول بل إن هناك إمكانات واسعة للعمل من خارجه. وفي هذا السياق، تبرز «مجموعة أصدقاء الشعب السوري»، التي من المقرر أن تعقد اجتماعها المقبل في الرباط بداية شهر سبتمبر (أيلول) كأحد وسائل تعبئة الأسرة الدولية وزيادة الضغط على النظام السوري وعلى الأطراف التي يتمتع بحمايتها. ويؤكد المسؤولون الغربيون أن سقوط النظام السوري «مسألة وقت»، ولذا فإن إحدى الأوراق المهمة في الفترة الراهنة تتمثل في نجاح المعارضة في تشكيل حكومة انتقالية، تكون من مهماتها الاستعداد لإدارة الشؤون السورية.

وتقول المصادر الدبلوماسية إن أهمية قيام حكومة انتقالية تكمن في أنه سيسهل مهمة الاعتراف بها ممثلا وحيدا للشعب السوري. غير أن المصادر الفرنسية أبدت أسفها لاستمرار تشرذم المعارضة، حيث إن لحظة قيام الحكومة الموعودة «لن تحل غدا». وبحسب المصادر الفرنسية فإن المعارضة «ليست وحدها»، وهناك عمل مشترك لدعمها يتم بالتفاهم والتنسيق مع الأطراف الأميركية والتركية والعربية. وتفيد معلومات متوافرة أن المعارضة تحصل على معلومات استخبارية عن تحركات قوات النظام في المناطق المختلفة من جهات غربية مختلفة، كما تحصل على أعتدة وأسلحة ووسائل اتصال عسكرية فضلا عن دعم خبرات عسكرية متعددة المصادر.