عراقيون لـ «الشرق الأوسط»: ندعو أن تذيب حرارة رمضان جليد الكتل السياسية المتناحرة

بغداديون يعيشون أجواء «أسخن» رمضان منذ سنوات

الارتفاع الكبير في درجات الحرارة وأسعار السوق في العراق تزامن مع بداية شهر رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

لم يبد أبو محمد، صاحب مقهى «الأمل» التراثي في منطقة الشيخ معروف (جنوب بغداد) اهتماما بأطراف الحديث الدائر قربه حول مشكلات «شحة» الكهرباء، والارتفاع المجنون لدرجات الحرارة وأسعار السوق التي ترافقت مع بداية شهر رمضان هذا العام، لأنه كما يقول: «صار حديثا مكرورا ولا يجلب إلا وجع الراس»، وتذكر «خيبات» الناس بوعود الحكومة المنتخبة بتحسين واقع الكهرباء وزيادة مفردات الحصة التموينية بلا نتائج مثمرة منذ أكثر من تسعة رمضانات ماضية.

واستقبل البغداديون شهر رمضان الفضيل هذا العام، بدرجات حرارة جاوزت الخمسين درجة مئوية، مع استمرار انقطاع الكهرباء الوطنية عن دورهم لأكثر من 22 ساعة يوميا، ووسط استمرار تجاذبات سياسيي البلاد وحملة إصلاحاتهم التي ينتظر منها الفرج الأخير للأزمة، علاوة على مشكلات العراقيين الفارين من عنف سوريا، حتى إن الخبر الذي أعلنته وزارة التجارة العراقية، بنيتها توزيع ربع كيلو عدس إضافي لكل مواطن عراقي خلال شهر رمضان، ضمن مفردات الحصة التموينية، لم يحظ بأي تجاوب، بعد أن شهدوا ملامح انقراض لمعظم مفردات تلك الحصص الشهرية التي اقتصرت على ثلاث مواد غذائية بعد أن كانت تسع مواد في زمن النظام السابق.

يقول «القهوجي» أبو محمد (53عاما) لـ«الشرق الأوسط»: «شكاوى الناس صارت متشابهة، وكل من يجلس هنا، يشكو من عطل مولدة الشارع التي تجهز بيته بالكهرباء أو جشع صاحبها، وارتفاع أسعار السوق التي صارت حالة مترادفة مع قدوم شهر رمضان بغياب السلطة الرقابية التي كانت تمنع في وقت مضى مثل تلك الممارسات».

ويضيف: «نتمنى أن تذيب حرارة رمضان هذا العام جليد الكتل السياسية المتناحرة منذ سنوات ويسعون لإنجاح حملة إصلاحاتهم بشكل حقيقي على أرض الواقع وليس في نشرات الأخبار فقط».

وعلى الرغم من تحريم المراجع الدينية لمسألة رفع الأسعار في رمضان، فإن معظم الأسواق العراقية، شهدت زيادة ملحوظة في أسعار المواد الغذائية والخضراوات، بسبب الإقبال على اقتنائها من قبل العوائل البغدادية وطقوسها التي اعتادت عليها كل عام بحملات مسبقة للتسوق وتجهيز البيت بخزين مضاعف لتلك المواد تحسبا لاستقبال زيارات الأهل والأقارب طيلة شهر رمضان الكريم.

«القصاب» أبو سيف، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نقم بزيادة أسعارنا، لكننا نواجه نقصا في عدد الأغنام المذبوحة بسبب تزايد الطلب عليها، وبالتالي يقوم تجار المواشي برفع أسعارها، ونضطر لزيادة طفيفة في سعر الكيلو غرام من لحم الغنم العراقي وهو مبلغ 16 ألف دينار عراقي». فيما يؤكد صاحب «مطاعم الخيام»، في منطقة الكرادة، وسط بغداد، أن المواد الأولية التي يستخدمها في توفير المواد الغذائية لمحله زادت بنسبة كبيرة، لكن ذلك لم يمنع إقبال الناس بشكل كبير على ارتياد المطاعم خلال وجبة الفطور، وعلل ذلك برغبتهم في التغيير والفوز بوجبة إفطار في أجواء باردة بدلا من الجلوس في البيت وانتظار رحمة مولدة الشارع التي أصابها التعب هي الأخرى.

وعن أسعار الوجبات الغذائية التي يقدمها قال:«الوجبة الرئيسية بكامل ملحقاتها تتراوح مابين 20 و35 ألف دينار، وهو مبلغ مناسب مع توفر الخدمات والكهرباء، ومعظم زوارنا يحتاجون لحجز مسبق بسبب التزاحم على المطعم قبل وقت الإفطار بقليل».

ويؤكد أن حرمة شهر رمضان قلت كثيرا عن السابق، إذ إن كثيرا من المطاعم وأصحاب العربات المتجولة لا تعبأ بمحددات الإفطار العلني، وتشهد كثرة المفطرين بسبب موجة الحر الشديدة، وطوال ساعات الصوم التي جاوزت 16 ساعة. وتشهد معظم المناطق البغدادية حركة رواج شديدة للعوائل العراقية خلال وبعد ساعات الإفطار لساعات تمتد إلى منتصف الليل، بينما ما زال قرار حظر التجوال هو العائق الوحيد لإحياء معظم الجلسات البغدادية، الذي حدده الجهات الأمنية العراقية في الساعة الواحدة والنصف ليلا منذ وقت طويل.