ازدياد الجماعات المسلحة في سيناء.. وأنباء عن «هدنة» و«معسكرات تدريب»

أعضاؤها جهاديون من جنسيات مختلفة.. ومخاوف من قدراتها التنظيمية

TT

تحدثت مصادر متفرقة في سيناء أمس عن ازدياد الجماعات المسلحة في شبه الجزيرة المصرية المتاخمة لإسرائيل وغزة، مع أنباء عن «معسكرات تدريب»، قائلة إن أعضاء هذه الجماعات يسعون لهدنة مع السلطات المحلية، حتى تتمكن من بناء قدراتها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وأضافت المصادر أن أعضاء الجماعات المتشددة بسيناء جهاديون من جنسيات مختلفة، وتوجد مخاوف من قدرتهم التنظيمية والتسليحية بعد تهريب أعداد كبيرة من الأسلحة من ليبيا والسودان إلى مصر.

وأوضحت مصادر قبلية وأمنية مصرية في شبه جزيرة سيناء أمس، أن عناصر جهادية موجودة بالمنطقة استغلت حالة الفراغ الأمني بسيناء منذ مطلع العام الماضي، في بناء قدراتها التنظيمية والتسليحية و«أنها لا ترغب في الدخول في مواجهات مسلحة مع السلطات المحلية حاليا، لأنها في مرحلة بناء، تبدأ بعدها تنفيذ عمليات ضد إسرائيل انطلاقا من سيناء».

ومنذ سقوط النظام السابق، انتشرت مجموعات من الإسلاميين المتشددين في شمال سيناء لتهاجم مراكز شرطة وخط أنابيب تصدير الغاز لإسرائيل. وقال أحمد شتيوي، وهو أحد أبناء رفح المصرية، إن أعضاء في جماعات متشددة في سيناء يستقطبون صغار السن ويغدقون عليهم الأموال ويزوجونهم أيضا. وأضاف أحمد سلامة من حي السلام برفح: «ضعف الأمن في سيناء منذ العام الماضي، ونشعر بالخطر».

وساد هدوء نسبي الحدود بين مصر وإسرائيل على مدى ثلاثة عقود بعد أن وقع البلدان اتفاقية سلام عام 1979، لكن إسرائيل تقول إن القبضة الأمنية على سيناء ضعفت منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

وأوضح سمير فارس، العضو في حزب البناء والتنمية ومن سكان رفح المصرية، أن الجماعات المتشددة والمسلحة تمثل الخطر الأكبر على الأمن القومي ليس على سيناء فقط؛ بل على مصر كلها، حيث تزداد أعدادها يوما بعد يوم. وقدر فارس عدد هذه العناصر بنحو خمسة آلاف شخص قال إنه تم استقطابهم من مختلف محافظات الجمهورية ومن خارج البلاد إلى سيناء.

وقال سكان في مدينتي رفح والشيخ زويد بالقرب من حدود مصر مع كل من غزة وإسرائيل، إن الفراغ الأمني بسيناء الذي ظهر عقب اختفاء قوات الشرطة من المنطقة الحدودية منذ الثورة المصرية مطلع العام الماضي، شجع الجماعات الجهادية المسلحة على الظهور بقوة.

وأضاف فؤاد برهوم، العضو بحزب الوسط، أن تلك الجماعات لديها من الأسلحة والعتاد ما يمكنها من الوقوف ضد الشرطة والجيش.

من جانبه، أوضح إبراهيم أبو عياد، العضو بحزب الوسط في سيناء أيضا، أن هناك منظمات فلسطينية يهمها أن «تصبح مصر دولة مستباحة يدخلون فيها ويرتعون وينفذون فيها عمليات إرهابية»، وأضاف: «سيناء أصبحت منطقة خطرة وملتهبة». وظهر في تسجيل مصور بث على الإنترنت يوم الجمعة الماضي أعضاء في ما يسمى «مجلس شورى المجاهدين» يرتدون ملابس عسكرية ويحددون أهدافا لضربها قرب حدود مصر مع إسرائيل. وأعلنت جماعة جهادية أخرى تسمى «أنصار بيت المقدس» في تسجيل مصور بثته على الإنترنت الأسبوع الماضي المسؤولية عن تفجيرات خط أنابيب الغاز بسيناء.

وأضاف مسعد نصير، أمين تنظيم بالحزب الوطني المنحل برفح، الذي كان يرأسه مبارك، أن العناصر التكفيرية في سيناء قسمت نفسها إلى مجموعات تحت أسماء مختلفة مثل «جماعة الجهاد الإسلامي» و«جماعة التوحيد»، و«جماعة أنصار الجهاد»، و«مجلس شورى المجاهدين» و«أنصار بيت المقدس».

وقال زايد، وهو بدوي من سكان الشيخ زويد طلب عدم ذكر اسمه كاملا، إنه هناك من يقول بوجود معسكرات لتدريب العناصر المسلحة على أرض سيناء.. وأضاف: «أنا لم أر شيئا، لكن نسمع أن لهم معسكرات تدريبية يضم كل منها ما بين 10 إلى 15 فردا داخل الصحراء جنوب الشيخ زويد، وأن بعضهم لا يحمل الجنسية المصرية، ولكنني لم أر بعيني».

وقال مصدر أمني بالشرطة إن العناصر الجهادية بدأت تظهر في كل من رفح والشيخ زويد وهي تحاول الإسراع في ضم أكبر عدد ممكن من الشباب المتشدد إليها.. «فهي تسابق الوقت خوفا من عودة الأمن بقوة لسيناء خلال الفترة المقبلة»، مشيرا إلى أن العناصر الموجودة داخل سيناء ما زالت أعدادها محدودة و«هي مجموعات تعتنق فكر الجهاد، بالإضافة إلى بعض المتورطين في تفجيرات (سبق أن وقعت في) سيناء بين عامي 2004 و2006 والذين فروا من السجون عقب الثورة» مطلع العام الماضي.

وأضاف المصدر الأمني أن الدخول في مواجهة مسلحة في الوقت الحالي مع العناصر المسلحة في سيناء سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الجانبين وزيادة الاحتقان بين البدو وأجهزة الأمن، قائلا إن التدخل المسلح سيكون الحل الأخير في حال فشل جهود مشايخ البدو في إقناع هذه العناصر بنبذ العنف والعودة للاعتدال. وقال إن «هذه العناصر حصلت على أسلحة حديثة خلال الفترة الماضية تم تهريبها عبر الحدود المصرية مع ليبيا والسودان».

وقال المحلل السياسي الدكتور قدري الكاشف، وهو من أبناء المنطقة، إن التوتر في سيناء ووجود الجماعات المسلحة، أمر تستفيد منه إسرائيل لتحقيق أطماعها بدعاوى تردي الأوضاع الأمنية في سيناء.

يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال قبل ثلاثة أشهر إن سيناء أصبحت منطقة يغيب عنها القانون والأمن، لكن حكومته أبدت منذ ذلك الحين مزيدا من الثقة في قدرة الحكومة المصرية الجديدة على استعادة الأمن.