الجيش العراقي يحفر الخنادق في مواجهة مواقع القوات الكردية شمال غربي الموصل

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط» : المالكي يستفزنا.. وما يجري ستكون له تداعيات خطيرة

أفراد عائلة عراقية في مركز للشرطة البحرية الإندونيسية في سورابايا بجزيرة جاوا أمس بعد إنقاذهم من قارب تعطل في عرض البحر في طريقه إلى أستراليا (أ.ف.ب)
TT

تتزايد المخاوف الكردية من تكرار تجربة خانقين حين أرسل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الكثير من قوات الجيش العراقي إليها عام 2008 لمواجهة البيشمركة، خاصة مع ورود أنباء من منطقة زمار، شمال غربي الموصل، التي تقدمت إليها القوات العراقية قبل أيام، تفيد بأن الجيش العراقي بدأ بحفر الخنادق هناك، في إشارة إلى وجود قرار لدى تلك القوات بالاستقرار والثبات في المنطقة.

وصرح أنور الحاج عثمان، وكيل وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، بأن القوات التي تقدمت نحو منطقة زمار وانتشرت قرب نقطة حدود ربيعة مع سوريا، «لم تنسحب بعد وأن أفرادها بدأوا بحفر الخنادق هناك». وأضاف «رغم أن القوات العراقية لم تتقدم ولو شبرا واحدا، وأن قوات البيشمركة أيضا لم تتحرك من مكانها لحد الآن، ولكن يبدو أن القوات المستقدمة تحاول البقاء في المنطقة وعدم الانسحاب بدليل الخنادق التي يحفرونها».

وفي وقت أبلغت مصادر عسكرية كردية «الشرق الأوسط» بأنها تلقت أوامر بإطلاق النار على قوات الجيش العراقي إذا حاولت التقدم نحو المواقع التي يسيطر عليها البيشمركة في المناطق المتنازع عليها وخاصة زمار، أكد الأمين العام لوزارة البيشمركة أن «لغة التهديدات وتحريك القوات لا تحل المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد، بل من شأنها أن تعقد الأوضاع أكثر مما هو عليه بين الجانبين». وعبر الفريق جبار ياور في تصريح عن استغرابه من البيان الصادر عن مكتب نوري المالكي أول من أمس، واعتبره تهديدا واضحا من القيادة العامة للقوات المسلحة ضد الكرد، معربا عن أمله ألا يكون القائد العام المالكي يؤيد هذه الصيغة من التهديدات الواردة في البيان، وقال: «نحن نعتقد أن دولة رئيس الوزراء الدكتور نوري المالكي لا يوافق على هذه اللغة، ونأمل ألا يكون البيان معبرا عن نواياه، لأننا نعلم أن دولته يتحلى بروح المسؤولية أمام شعبه لبناء مستقبل العراق، وأن مثل هذه المشاكل الصغيرة يمكن حلها عبر الحلقات الأدنى، وننتظر من دولته في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها البلد حاليا موقفا حكيما، وأن يضع حدا للملتفين حوله الذين يؤججون نيران الخلافات من وراء ظهره، ويتسببون في مزيد من تعقيد الأزمات».

وختم ياور تصريحه بدعوة من سماهم «إخواننا الشركاء في الدولة الاتحادية العراقية»، «بألا ينخدعوا بدعايات بعض البعثيين السابقين والشوفينيين الذين يثيرون الفتنة والفوضى ويحاولون إعادة العراق إلى ما كان عليه قبل عام 2003، ونحن نعتقد أن المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد لا تحل بالتهديدات واستقدام القوات العسكرية، بل بالحوار والتفاهم الأخوي والالتزام بالدستور».

إلى ذلك، كشف قيادي كردي أن «هناك مساعي تبذل حاليا بين وزارة الدفاع الاتحادية وقيادة قوات البيشمركة من أجل تلافي أي تصعيد بين الطرفين». وقال النائب عن «التحالف الكردستاني» وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهات المعنية رأت أن الحل يجب أن يظل في إطار فني وتنسيقي لهذه الأزمة دون الحاجة إلى مسائل أخرى مثل طرحها داخل البرلمان أو مناقشتها في إطار لجنة الأمن والدفاع»، مشيرا إلى أن «الجهات العسكرية في وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش والبيشمركة كفيلة بإيجاد حل لهذه الأزمة التي لن يكون فيها رابح وخاسر، بل الجميع خاسرون وأولهم المواطن العراقي».

وأكد طه أن «القيادة الكردية تحترم الدستور العراقي والمؤسسات الاتحادية، ومنها الجيش العراقي ومهامه على صعيد تأمين الحدود، ولكن الأمر المثير للانتباه أن رئيس الوزراء نوري المالكي بدأ سلسلة خطوات بهدف استفزاز الكرد عبر سياسة لا تلتزم الدستور أو المواثيق»، مشيرا إلى أن «اجتماعا عقد يوم الثاني والعشرين من هذا الشهر بين قائد القوة البرية وقائد عمليات نينوى وقائد فرقة حرس الحدود وممثل وزارة البيشمركة، حيث تم وضع خطة للتحرك والتنسيق من أجل منع تسلل الإرهابيين من سوريا إلى داخل الأراضي العراقية». وأوضح أنه «بموجب الخطة، فقد تم تقسيم العمل بين هذه القيادات بحيث تكون منطقة ربيعة جنوبا إلى القائم هي من حصة القوات الاتحادية ومنطقة ربيعة شمالا حتى جسر الخابور فإنها تقع على عاتق فرقة حرس الحدود الاتحادية، أما خلف حرس الحدود وهي المناطق الصحراوية فإن قوات البيشمركة هي المسؤولة عنها»، مشيرا إلى أن «الذي حصل هو أن قوات بقوام لواءين تحركت من الجنوب بعكس الاتجاه من المحمودية في ربيعة إلى جسر الخابور دون تنسيق وعلم قيادة الإقليم»، كاشفا عن قيام هذه القوات «بحفر خنادق باتجاه قوات البيشمركة كأنه استعداد للقتال، بينما المفروض أن يكون اتجاهها للحدود السورية»، معتبرا أن «ذلك يعتبر سابقة خطيرة ولها تداعياتها الأكثر خطورة على السلم الأهلي في العراق ما لم يجري تدارك مثل هذه التصرفات غير المسؤولة».