انقطاع الكهرباء عن نصف الهند «يكهرب» الحكومة

حرم 600 مليون نسمة منها لساعات طويلة

TT

تم إصلاح جميع شبكات الكهرباء الهندية التي أدى تعطلها إلى انقطاع التيار في نحو 20 ولاية أول من أمس كما صرح مسؤول كبير في شركة الكهرباء الوطنية صباح الأربعاء لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال سي. كي. سوني مدير شركة «باور سيستم أوبريشن كوربوريشن» إن, «التيار الكهربائي عاد كليا من خلال شبكات الشمال والشرق والشمال الشرقي» بعد الانقطاع الهائل غير المسبوق الذي حرم 600 مليون نسمة من الكهرباء أي نصف سكان الهند. وإجمالا انقطع التيار في 20 ولاية من الولايات الهندية الـ29 استنادا إلى تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية. وبدأت الكهرباء تعود شيئا فشيئا ومن منطقة إلى أخرى اعتبارا من بعد ظهر أمس.

وكانت البلاد قد شهدت أيضا الاثنين الماضي انقطاعا ضخما للتيار حرم 300 مليون شخص من الكهرباء في شمال البلاد.

وتسبب انقطاع التيار الكهربائي، الذي استمر في الحالتين لساعات عدة وشمل مناطق كثيرة في حالة فوضى سادت وسائل النقل خاصة عربات المترو والقطارات وفي احتجاز 200 عامل منجم تحت الأرض لعدة ساعات، وفي معاناة الملايين من الحر الشديد مع توقف أجهزة تكييف الهواء. وأعلنت الحكومة فتح تحقيق لمعرفة أسباب انقطاع التيار هذا الذي سبب إحراجا شديدا لهذه الدولة الناشئة التي حققت تطورا كبيرا ومعدلات نمو مرتفعة منذ عشر سنوات. وقال وزير الطاقة الجديد فيرابا مولي الذي عين الثلاثاء في مداخلات تلفزيونية كثيرة توقفت إحداها بسبب انقطاع التيار إن «الوضع صعب للغاية ويتعين إيجاد حلول سريعة». ويرجع المسؤولون الحكوميون هذين الانقطاعين المتتاليين للتيار الكهربائي إلى تجاوز بعض الولايات القدرة المحددة لشبكتها مما كان له تأثير الدومينو.

وأضاف وزير الطاقة «لن أبدأ لعبة (خطأ من هذا؟).. على الحكومة الفيدرالية والولايات العمل معا في هذا الشأن». وتابع: «الواقع أن الطلب على الطاقة كبير جدا في مختلف أنحاء الهند وعلينا أن نسعى إلى المحافظة على المعدل مترافقا مع معدل النمو». ووجهت الصحف الهندية هجوما عنيفا على الحكومة صباح الأربعاء معتبرة أنه ليس لديها رغبة سياسية في تطبيق الإصلاحات اللازمة لتحسين شبكة الكهرباء. وعنونت «تايمز أوف إنديا»، «بلا تيار وبلا أفكار» بينما عنونت «إيكونوميك تايمز»، «الهند أيتها القوة العظمى، ارقدي في سلام». واعتبر اتحاد الصناعات الهندية أن هذا الانقطاع الكهربائي أضر كثيرا بصورة الهند في الخارج.

وقال المدير العام للمنظمة شاندراجيت بانيرجي في بيان «من الضروري أن تكون البنى التحتية على مستوى تطلعات الفاعلين الاقتصاديين في البلاد بصفتنا من الاقتصادات الناشئة الأكثر ديناميكية». وتبحث الهند عن مصادر جديدة للتزود بالطاقة لتلبية احتياجات نموها. وكثيرا ما تحدث حالات انقطاع للكهرباء إلا أنها تكون عامة لفترات قصيرة. وتعتمد البلاد أساسا على الفحم لتوليد الكهرباء إلا أن الهند تريد زيادة الاعتماد على الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء لترتفع من 3 في المائة حاليا إلى 25 في المائة بحلول عام 2050. وفي تقرير لوكالة الأنباء الألمانية عن حياة الناس فقد انطفأت الأنوار بينما كانت الطالبة أنوبوتي سينجال تحت الأرض في العاصمة نيودلهي، مما أدى إلى توقف قطار الأنفاق الذي كانت بداخله فجأة ليضطر عدد من الركاب إلى النزول من القطار إلى النفق.

وقالت سينجال أمام كاميرات القنوات التلفزيونية، «التساؤل هو، لماذا لا تستطيع الهند وهي قوة صاعدة ترسل بعثات إلى القمر، أن تؤمن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء لشعبها؟»، معبرة عما يشعر به كثير من الهنود بعدما تسبب انقطاع الكهرباء في إصابة نصف البلاد بالشلل.

وسقطت شبكة الكهرباء عبر النصف الشمالي من البلاد يوم الاثنين، وبذلت الحكومة في نيودلهي بقيادة حزب المؤتمر الوطني الهندي، قصارى جهدها لاستعادة الكهرباء بعد بضع ساعات. لكن ذلك لم يدم طويلا، ففي أول من أمس كان هناك انقطاع هائل آخر للكهرباء في الشمال، وذلك بعد انهيار شبكات في الشرق والشمال الشرقي. وبينما اعتاد الشعب الهندي على انقطاع الكهرباء فجأة، فإن مدى الانقطاع الذي شهده يوم أمس دخل مرحلة مختلفة. فقد وجدت نصف البلاد نفسها في ظلام بعد ما كان يعتقد أنه الانقطاع الأسوأ على الإطلاق. فلم تكن هناك كهرباء في 19 ولاية هندية من 35 ولاية، يعيش فيها أكثر من نصف سكان البلاد البالغ تعدادها 1.2 مليار نسمة. وربما لا يكون هناك اختلاف كبير بالنسبة لنحو 300 مليون شخص يعيشون على أي حال من دون كهرباء في منازلهم، لكن ذلك الانقطاع ضرب الأعمال التجارية في اقتصاد يشهد نموا بوتيرة متسارعة. ويعد الأمر كارثة بالنسبة لحكومة تتعرض للنقد بالفعل بسبب قضايا فساد وعدم كفاءة، كما أن سوشيل كومار شندي وزير الطاقة، ضمن أولئك الذين يتم انتقادهم بسبب عدم الكفاءة. ونقل شندي يوم الثلاثاء إلى وزارة الداخلية في تعديل وزاري حسم قبل انقطاع الكهرباء. وانضمت المعارضة ورجال الأعمال إلى عامة الناس في الشوارع للاحتجاج على الساسة الحاكمين. وانتقد حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، أكبر أحزاب المعارضة، بشدة الحكومة لـ«الفشل الكبير في إدارة قطاع الكهرباء». وقال المتحدث باسم الحزب براكاش جافاديكار إن هناك «إخفاقا ثنائيا» في الإدارة والسياسة. وقالت مجموعات استثمارية إنها تكبدت خسائر فادحة وطالبت الحكومة في نهاية المطاف بفعل شيء ما بشأن قطاع الطاقة. وقال رجل أعمال أجنبي ينشط في الهند منذ عدة أعوام، ورفض الإفصاح عن اسمه، «هذا الأمر كان متوقعا». وأضاف: «هذا نتيجة لأعوام من نقص مزمن ومنهجي للاستثمار في البنية التحتية»، مشيرا إلى أن الطلب على الطاقة الكهربائية في اقتصاد يشهد نموا تزيد سرعته على محطات الطاقة التي يتم بناؤها. وبينما هناك عدد من محطات الطاقة تحت الإنشاء، فإن إتمامها تأجل بسبب الروتين وحتى لو تم تشغيل تلك المحطات جميعها غدا، فإن الشبكة على أي من الأحوال لن تستطيع تحمل الضغط.

واشتكى رجل الأعمال الأجنبي من نقص التخطيط من جانب الحكومة إلى جانب الإفراط في البيروقراطية. كما انتقد أيضا السياسات الشعبوية التي يركز فيها الساسة على تقديم إعانات إلى أنصارهم بدلا من الاستثمار في البنية التحتية.

ويرى أن الانقطاع الحالي هو ببساطة نتيجة لهذا النقص في السياسة. وقال، «التساؤل المثير هو ما إذا كان ذلك سيكون بمثابة دعوة إيقاظ للهند. فهل يتغير شيء ما؟».