تونس: الترخيص لمجموعة أحزاب ذات «مرجعية إسلامية»

قيادات سياسية معارضة: «النهضة» تخطط لجبهة إسلامية تضم تلك الأحزاب إلى صفها

TT

بعد الترخيص لحزب الرحمة التونسي بممارسة نشاطه السياسي، تكون مجموعة من الأحزاب السياسية قد تشكلت بعد الثورة، ومن بينها حركة النهضة التي تقود البلاد، بالحصول على الترخيص القانوني لأول مرة على غرار حزب التحرير الذي لم يحصل سابقا وطوال تاريخه الذي بدأ في تونس فعليا بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي.

وتطرح عمليات الترخيص المتواصلة لأحزاب ذات مرجعية إسلامية أكثر من سؤال حول علاقتها مع حركة النهضة، وقالت بعض القيادات السياسية لأحزاب الأقلية المعارضة إن حركة النهضة بدأت منذ الآن في التخطيط لجبهة إسلامية تضم مختلف تلك الأحزاب في صورة تراجع حليفيها الرئيسيين حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عن تحالفهما معها في قيادة البلاد بعد المحطة الانتخابية القادمة (الانتخابات الرئاسية والبرلمانية) المقررة مبدئيا يوم 20 مارس (آذار) 2013.

وتمكنت 3 أحزاب إسلامية ذات وزن سياسي من الحصول على تراخيص قانونية من خلال قرارات صادرة عن الوزارة الأولى التي يرأسها حمادي الجبالي (القيادي في حركة النهضة)، بعد أن كانت تراخيص تكوين الأحزاب تصدر عن وزارة الداخلية. وتشمل القائمة جبهة الإصلاح التي يقودها محمد خوجة، وهو أول حزب سلفي يحصل على الترخيص القانوني في تونس. وقد تمكن من الحصول على الترخيص القانوني على الرغم من الجدل المتصاعد حول أنشطة التيارات السلفية وتعارض تلك الأنشطة مع البرامج الرسمية التي تسعى حركة النهضة إلى تطبيقها. وقد قوبل الترخيص لأول حزب سلفي بمجموعة من الانتقادات، من بينها أن التيارات السلفية مثلت خلال فترة ما بعد الثورة الذراع الطولى لحركة النهضة في مهاجمة خصومها، وعبرت الأقلية المعارضة عن تعجبها من إسناد الترخيص لتيارات سياسية مصنفة ضمن الأحزاب المتشددة. كما ضمت القائمة حزب التحرير الذي ينادي بعودة دولة الخلافة، وهو حزب محظور في تونس ولم يسند إليه الترخيص مطلقا وظل لمدة عقود من الزمن يعمل بشكل سري، وقد زجت السلطات التونسية السابقة بقياداته في السجون وتعرضوا لمجموعة من المحاكمات. واستثنت حكومة الباجي قائد السبسي حزب التحرير بالخصوص من الحصول على الترخيص القانوني في مرة أولى، وعللت الأمر بمخالفته لقانون الأحزاب. إلا أن حكومة حمادي الجبالي مكنته أخيرا من الترخيص على الرغم من تعارض مجموعة من أدبياته مع الثقافة الديمقراطية ونشاط الأحزاب ومناداته بعودة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية واعتبارها المصدر الأساسي للتشريع، وهذا خلافا لحركة النهضة التي احتفظت بالفصل الأول من الدستور التونسي على علاته على الرغم من كثير من الانتقادات التي تعرضت لها بسبب ما سماه منتقدوها «تراجعها عن مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية».

وكان موقف راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة على ما يبدو مرجحا في هذا المجال، فقد تجنب توجيه انتقادات مباشرة إلى حزب التحرير، وصرح في أكثر من مناسبة بأن أبناء التيارات الدينية المتشددة «هم أبناؤنا ولا بد من مواجهتهم عبر الحوار».

وأعلن أمس على حصول حزب الرحمة على الترخيص القانوني، وقال سعيد الجزيري رئيس الحزب الإسلامي الجديد إنه يحترم الحريات العامة والخاصة بشرط أن تكون حرية متزنة تراعي معتقدات المجتمع التونسي وثقافته. وأضاف الجزيري أنه سيحارب وبقوةٍ التعذيب الذي كان هو نفسه من بين ضحاياه، وطالب في المقابل باحترام الإنسان مهما كانت ديانته.

ويتفق الجزيري مع حركة النهضة في دعم النظام البرلماني كنمط لحكم تونس ويعتبره الأكثر تعبيرا عن إرادة الشعب ودعم الديمقراطية الشعبية. وعلى الرغم من حداثة عهد هذه الأحزاب فإن مختلف المتابعين للمشهد السياسي يرون أنها تمثل رصيدا انتخابيا قويا سيلعب أدورا حاسمة لصالح حركة النهضة. ويساند المحلل السياسي التونسي المنذر ثابت هذا الرأي بالإشارة إلى تغيير سيطرأ على الخريطة السياسية في تونس وتوزيع جديد سيظهر خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، وتوقع حصول حركة النهضة على نسبة أقل من الأصوات قد لا تتجاوز حدود 35 في المائة من الناخبين.