خلافات بين الأغلبية والمعارضة تؤجل مساءلة ابن كيران في البرلمان المغربي

تباين حول تفسير مادة دستورية وتوزيع الحصص الزمنية للظهور التلفزيوني

TT

استبعدت مصادر من الغالبية البرلمانية في مجلس النواب عقد جلسة شهرية جديدة في المجلس لمساءلة عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة خلال ما تبقى من الدورة التشريعية الحالية، بسبب خلافات محتدمة بين الغالبية والمعارضة بشأن هذه الجلسة، في حين قالت مصادر أخرى إن ابن كيران ربما يتحدث أمام مجلس المستشارين يوم الأربعاء المقبل.

وكانت الجلسة الشهرية الثالثة المقرر عقدها في مجلس النواب نهاية الشهر الحالي، قد ألغيت بسبب بروز خلافات كثيرة حولها بين فرق الغالبية والمعارضة والحكومة، حول توزيع الحصص الزمنية للمداخلات، وكذلك بشأن تفسير الفصل 100 من الدستور الذي ينص على حضور رئيس الحكومة كل شهر إلى البرلمان لمساءلته حول السياسات العامة.

وينص هذا الفصل الذي يحدد العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، على أنه «تقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة».

أي إن النص لم يحدد، إن كان المقصود الغرفة الأولى أو الثانية (النواب والمستشارين)، وإذا ما كان لزاما على رئيس الحكومة أن يحضر أمام الغرفتين مرة كل شهر.

وكانت الجلسة الأولى قد عقدت في منتصف مايو (أيار) الماضي، وخصصت لمحورين يتعلقان بسياسة الدولة في مجال محاربة الريع والبطالة. في حين اكتست الجلسة الثانية التي عقدت في 29 يونيو (حزيران) الماضي طابعا اقتصاديا، ووجهت إلى ابن كيران أسئلة تتعلق بمناخ الاستثمار في البلاد، وإجراءات إصلاح في صندوق دعم المواد الاستهلاكية الأساسية، وتأثير الزيادة في أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين.

وفي هذا السياق قال عبد العزيز عماري، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية (الذي يقود الائتلاف الحكومي) لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف الذي ظهر بشأن انعقاد هذه الجلسة تمثل في تفسير المادة التي تنظمها، فهل يتعلق الأمر بحضور رئيس الحكومة كل شهر لكل غرفة على حدة أم أن الأمر يتعلق بحضوره مرة واحدة في الشهر للبرلمان أي أمام إحدى الغرفتين» وأضاف أن الخلاف الثاني هو توزيع الحصص الزمنية أثناء انعقاد الجلسة، حيث تم التوافق خلال الجلستين السابقتين بمجلس النواب على تقسيم المدة الزمنية مناصفة بين الحكومة وبين البرلمانيين معارضة وغالبية، إلا أنه خلال التحضير لجلسة شهر يوليو (تموز)، رفضت المعارضة التقسيم السابق، وطالبت بأن تحصل على نصف الحصة، بينما النصف الآخر يوزع بين الحكومة والغالبية، وهو ما رفض.

وأوضح عماري أن «هذه الخلافات لن تحل إلا من خلال إعداد نظام داخلي يحدد بالتدقيق كل هذه النقاط ومن ثم إحالته على المحكمة الدستورية، ولحد الآن لم يشرع في ذلك، وبالتالي لا أتصور أن تعقد أي جلسة جديدة خلال العام الحالي».

وتصر المعارضة بمجلس النواب على عقد الجلسة الشهرية في موعدها كل شهر دون ربطها بأي ظروف، وفي المقابل يخشى البرلمانيون أن تتحول الجلسة الشهرية إلى مجرد تكرار للجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة، حيث يلاحظ أن عددا من الأسئلة تتعلق بالقطاعات الوزارية التي سبق للوزراء أن أجابوا عنها وليس بالسياسة العامة.

كما أن هناك تشابها في المحاور التي يساءل عنها رئيس الحكومة بمجلس النواب ومجلس المستشارين. وهناك من يقترح أن يخصص محور واحد في كل جلسة، تفاديا في للرتابة والتكرار.

ونشب خلاف كبير بشأن توزيع الحصص الزمنية للمداخلات بين الغالبية والمعارضة ورئيس الحكومة بشان هذه الجلسة، حيث تتشبث فرق المعارضة بالمجلسين على أن تخصص لها المدة الزمنية الأوفر لطرح الأسئلة ليصبح لهذه الجلسة مغزى لا أن «تسائل الحكومة نفسها».

ويحرص كل جانب أن تكون مدته الزمنية أطول، للاستفادة من النقل التلفزيوني المباشر، حيث يفضل السياسيون المغاربة الظهور في التلفزيون اعتقادا منهم أنه الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا.

وتعرف الجلسة الشهرية ارتباكا في التحضير لها، حيث لا يعرف موعد محدد وثابت لعقدها، إذ يحدد الموعد بناء على التوافق بين مكونات مجلس النواب والحكومة، الذين يدخلون في شد وجذب، حتى إنه لا يعلن عن موعد الجلسة إلا في آخر لحظة، كما أن ابن كيران أعلن في الجلسة السابقة أنه توصل بمحاور الأسئلة في اليوم نفسه. ولن يتسنى التحضير الجيد للجلسة، في نظر النواب، إلا إذا كان موعدها معروفا مسبقا وغير قابل للتأجيل أو الإلغاء.