قتلى وجرحى في هجوم على نقطتين للجيش المصري بسيناء

مصادر أمنية لـ «الشرق الأوسط» : المنفذون سرقوا مدرعتين واتجهوا بهما إلى الحدود مع إسرائيل

صورة أرشيفية لتعزيزات أمنية إسرائيلية عقب هجوم سابق على الحدود المصرية الإسرائلية في 18 يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)
TT

شن مسلحون مجهولون هجوما مساء أمس (الأحد) على نقطتين أمنيتين تابعتين للجيش المصري في شبه جزيرة سيناء قرب معبر كرم أبو سالم الحدودي بين مصر وإسرائيل في حادث رفع التأهب الأمني في البلدين. وتضاربت الأنباء الأولية حول عدد القتلى والجرحى من جراء الهجوم، ولكن أكدت مصادر أمنية ان عددا من القتلى والجرحى سقطوا في صفوف الجيش المصري.

وقالت مصادر أمنية مطلعة بسيناء لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجوم الذي يعتقد أنه تم بواسطة الأسلحة النارية وتم فيه استخدام قنابل وعبوات ناسفة قد أسفر عن مصرع نحو 15 ضابطا وجنديا بالإضافة إلى إصابة 7 آخرين». ويذكر ان وكالة «رويترز» افادت مساء أمس ان 20 ضابطا وجنديا قتلوا وجرحوا في الحادث.

وأضافت المصادر أن منفذي الهجوم كانوا يستقلون سيارات دفع رباعي وهاجموا حاجزا أمنيا بمنطقة الماسورة بمدخل مدينة رفح المصرية بالتزامن مع غروب الشمس ووقت الإفطار، وقاموا بالاستيلاء على مدرعتين تابعتين لقوات الجيش المصري، استخدموها لاحقا للهجوم على نقطتين تابعتين لقوات الجيش المصري قرب العلامة الدولية رقم 6 جنوب معبري رفح وكرم أبو سالم بالمنطقة عن طريق الأسلحة النارية وقذائف الـ«آر بي جي» والقنابل.

وبعد ان هاجمت القوة المسلحة موقع الجيش المصري، وقام بعض المسلحين بالسيطرة على سيارة مصرية مصفحة كانت في الموقع وراحت تطلق النيران باتجاه السيارات الإسرائيلية العابرة في الطرف الآخر من الحدود. ثم اقتحمت الحدود مع إسرائيل بواسطة السيارة المصفحة. وقد انطلقت طائرات إسرائيلية إلى الجو وقصفت السيارة المصفحة، ووضعت قوات إسرائيلية برية كبيرة على أهبة الاستعداد للرد على تفاقم هذه المعركة.

وبينما كانت الدوافع وراء الهجوم والمجموعة المسؤولة عنه غير واضحة على الفور، رجحت المصادر الأمنية المصرية انتماء المسلحين إلى إحدى الجماعات التكفيرية بالمنطقة الموالية للتنظيمات الإرهابية الدولية وعلى رأسها تنظيم «القاعدة» في سيناء.

وتابعت المصادر الأمنية قائلة إن المسلحين أطلقوا النار على أهداف إسرائيلية فيما ردت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار وقتلت أحد المسلحين، مشيرة إلى أن المسلحين استولوا على سيارة مدرعة ثانية وواصلوا الاشتباك مع قوات الأمن المصرية. وأشارت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» مشترطة عدم ذكر اسمها، إلى أن قوات الجيش والشرطة المصرية فرضت طوقا أمنيا على المنطقة التي وقع بها الحادث، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية حول مداخل ومخارج سيناء لتعقب منفذي الهجوم.

وأفاد شهود عيان إن مروحيات إسرائيلية بدأت التحليق في المنطقة في الجانب الإسرائيلي، ووردت أنباء عن تدمير إحدى المدرعات التي استخدمها المسلحون.

ودعا الرئيس المصري محمد مرسي المجلس العسكري لاجتماع طارئ لبحث تداعيات الهجوم.

ونقلت تقارير إعلامية أن الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، أعطى الأوامر بالقتال ضد أي عنصر يهاجم القوات المصرية سواء كان فلسطينيا أو إسرائيليا دون تمييز وسلاح الجو المصري يرسل طائرتين من طراز «F16» لمراقبة القتال الدائر هناك والاشتباكات مستمرة.

ونفت مصادر أمنية فرض حظر التجوال في سيناء، وأكدت أن قوات الجيش المصري انتشرت بشكل مكثف، وتم غلق مستشفى العريش المركزي. وقالت المصادر إن «الاشتباكات تتم داخل الأراضي الإسرائيلية وإنه لا صحة عن سقوط أي صواريخ إسرائيلية داخل الأراضي المصرية».

فيما قال شهود عيان إن طائرات أباتشي إسرائيلية تقوم بإطلاق رصاص كثيف على فلسطينيين في مناطق قريبة من الحدود مع مصر، وإن القوات الإسرائيلية أطلقت القنابل المضيئة في سماء رفح.

وقال محافظ شمال سيناء في تصريحات أولية: «إن الخسائر كبيرة»، مضيفا أنه تم نقل الجرحى إلى مستشفى رفح، وتم الدفع بنحو 8 سيارات إسعاف إلى المستشفى لنقل المصابين إلى مستشفى العريش المركزي.

ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك وتعرض جهاز الشرطة المصري الى ضربات عدة شكلت شبه انهيار كامل له، ظلت شبه جزيرة سيناء مرتعا لتحركات العناصر الجهادية. وشهد خط تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل والأردن 15 تفجيرا منذ لك الوقت، كان آخرها نهاية الشهر الماضي.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش الثاني الميداني أغلقت مداخل مدينة العريش الحدودية ومخارجها، وتم نشر عدة حواجز أمنية بدءا من جسر قناة السويس وحتى رفح المصرية.

وقال المصدر الأمني إن هناك روايتين لمنفذي العملية؛ الأولي، أن فلسطينيين تسللوا إلى مصر عبر الأنفاق واستولوا على إحدى المدرعات من منطقة المسورة ثم توجهوا بها إلى الحدود، وقاموا بإطلاق الرصاص على قوات الأمن وكانوا في طريقهم لتفجير معبر كرم أبو سالم، أما الرواية الثانية فترجح أن فلسطينيين نفذوا العملية انتقاما من القوات المصرية التي ألقت القبض على أحد الفلسطينيين تسلل إلى مصر.

واعتبرت مصادر أمنية مصرية إن العملية مركبة ونوعية، وأن استهداف الجيش المصري جاء للتعمية على الهجوم. ونفت المصادر القبض على أي من عناصر العملية؛ لكنها في الوقت نفسه تتوقع سقوط قتلى بينهم.

وقد تم نقل المصابين إلى مستشفى رفح، وأمر محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الوهاب مبروك، بإرسال 15 سيارة إسعاف لمستشفى رفح لمتابعة الموقف عن قرب، ونقل الحالات الحرجة لمستشفى العريش العام.

ومن جهته، قال اللواء أركان حرب أحمد يوسف، قائد قوات حرس الحدود، في تصريحات لموقع «اليوم السابع» الإلكتروني، إنه لم يتم حتى الآن الوقوف على ملابسات حادث الهجوم على كمين قوات حرس الحدود جنوب رفح.

وفي غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة الاستنفار القصوى في صفوفه إثر الهجوم على نقاط أمنية مصرية في سيناء وانفجار سيارة في معبر كرم أبو سالم، بينما أعلن التلفزيون الإسرائيلي عن قيادة الجبهة الداخلية إعلان حالة الطوارئ في المستوطنات المحيطة بغزة ونصح بنزول سكانها إلى الملاجئ تحسبا لتصاعد وتيرة القصف.

وفي تعقيب اسرائيلي أولي على الهجوم، قال أفيخاي أدرعي المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي على صفحته في موقع «تويتر»: «إنه لم تقع إصابات في صفوف قواتنا، وتم استهداف المدرعتين اللتين حاولتا اقتحام الحدود الإسرائيلية، وقتل عدد من المخربين». وأضاف المسؤول الاسرائيلي: «إن رئيس الأركان (الاسرائيلي) عقد جلسة لتقييم الأوضاع بمشاركة قادة الجيش، وهناك حملة واسعة يشنها الجيش الإسرائيلي للتأكد من قتل جميع المخربين».

وكانت هيئة مكافحة الإرهاب في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي قد ناشدت الأسبوع الماضي السياح الإسرائيليين الذين يزورون المنتجعات السياحية في سيناء، العودة إلى البلاد، إثر تلقيها إنذارات جدية بإمكانية التعرض للسياح وقيام جهات مختلفة من غزة ومصر بالتخطيط لعمليات اختطاف لمواطنيها.

وفمن جهته، افاد مصدر فلسطيني مطلع إن الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة قامت منذ قليل بإغلاق جميع الأنفاق بين مصر وغزة لحين إشعار آخر.

وفي تل أبيب ربط الإسرائيليون ما بين الهجوم على الجنود المصريين ومحاولة اقتحام الحدود الإسرائيلية وبين الصدامات التي سبقت، ما بين الجيش الإسرائيلي التنظيمات الفلسطينية. فقالوا إن الفلسطينيين شنوا هجمات صاروخية كثيفة باتجاه البلدات الإسرائيلية في الجنوب، وذلك ردا على قيام طائرة إسرائيلية باغتيال الشاب الفلسطيني من قطاع غزة، عياد حجازي، وإصابة مواطن آخر بجراح.

وذكرت مصادر في الجيش الاسرائيلي أن الشاب ينتمي إلى تنظيم فلسطيني مقرب من «القاعدة»، وأنه كان شريكا في الهجوم على العمال الإسرائيليين في بناء الجدار العازل بين إسرائيل وسيناء المصرية قبل شهرين، الذي قتل فيه مقاول من عرب 48. وقد رد الفلسطينيون بزخ من الصواريخ باتجاه إسرائيل. وردت إسرائيل بقصف مدفعي في التاسعة بالتوقيت المحلي من مساء أمس، وفي الوقت ذاته أغلقت طريق الحدود مع مصر في هذه المنطقة وأمرت الإسرائيليين بالدخول إلى غرف آمنة في بيوتهم أو إلى الملاجئ.

وقد أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيانا أشاد فيه بقوات المخابرات التي تمكنت من الوصول إلى الشاب حجازي قائلا: «إن المخابرات الإسرائيلية كانت على علم بنية المسلحين تنفيذ هجوم إرهابي وأعلنت عن ذلك في وسائل الإعلام، حيث إنها حذرت المواطنين الإسرائيليين في سيناء بأن يعودوا إلى بيوتهم في إسرائيل، وطلبت من السياح الإسرائيليين أن لا يتوجهوا إلى سيناء». وقال: «على كل من يفكر في المساس بإسرائيل والإسرائيليين أن يعرف أن ذراعنا الطويلة ستصل إليه».

من ناحيته، أدان هشام زعزوع وزير السياحة المصري، وإلهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية، الحادث، وقال زعزوع في تصريحات صحافية إن الحادث جاء في توقيت نحاول فيه استعادة حركة السياحة، وسيكون له آثار سلبية على الحركة الوافدة إلى مصر، خاصة سيناء والبحر الأحمر التي كانت تعد أهم مناطق السياحة الشاطئية.

وأضاف زعزوع أنه يجري اتصالات مع الجهات الأمنية، وخاصة وزارة الداخلية، للوقوف على تفاصيل الحادث، والتنسيق لمواجهة تلك الحالة الأمنية، مشيرا إلى أن ذلك الحادث يلقي بظلاله على السائح الذي يرغب في زيارة سيناء.

وأوضح وزير السياحة أنه سيكلف المكاتب الخارجية باستطلاع الموقف بالنسبة لمنظمي الرحلات، مقدما في ذات الوقت خالص العزاء إلى أسر شهداء هذا الحادث.

في السياق نفسه، أدان إلهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية، الحادث، مشيرا إلى أنه سيدعو لجنة الأزمات بالاتحاد لدراسة نتائج الهجوم وأثره على واقع السياحة الحالي.

وتعد هذه العملية الإرهابية هي الأعنف منذ الهجوم المسلح الذي شنه مجهولون على مدينة العريش المصرية في يونيو (حزيران) من العام الماضي، حيث احتل المدينة لعدة ساعات مسلحون يرتدون القمصان السوداء ويرفعون رايات سوداء.