لبنان: حكم قضائي بمنع ترحيل سوري إلى بلاده يحدث صدمة سياسية

شدد على ضرورة تقيد لبنان باتفاقية مناهضة التعذيب

TT

أحدث الحكم القضائي الذي أصدره القاضي المنفرد الجزائي في جب جنين (البقاع اللبناني) فادي العريضي، والذي يقضي بعدم تسليم مواطن سوري إلى بلاده في المرحلة الراهنة، صدمة في الأوساط السياسية والقانونية وحتى الشعبية.. وسجل سابقة في الاجتهاد القضائي تتلاءم مع مطلب المعارضة وجمعيات حقوق الإنسان، بعدم تعريض حياة الناشطين والمعارضين السوريين المقيمين في لبنان للخطر، خصوصا أن هذا الحكم يأتي غداة تسليم الأمن العام اللبناني 14 مواطنا سوريا إلى الأمن السوري.

وأصدر القاضي العريضي حكما قضى بـ«عدم إخراج المدعى عليه السوري محمود (...) مواليد 1977 من البلاد في المرحلة الراهنة، وبالتالي عدم تطبيق أحكام المادتين 32 أجانب و88 عقوبات لهذه الجهة، إنما تطبيق نص المادة 3 من اتفاق مناهضة التعذيب الذي انضم إليه لبنان بالقانون رقم 185 بتاريخ 24 / 5 / 2000. على أن يكون للأمن العام اللبناني بعد إنفاذ المدعى عليه العقوبة المقضي بها في هذا الحكم إجراء كل ما يقتضيه نص القانون والاتفاقات مع الأمم المتحدة أو سواها، وبما يتوافق مع منطوق هذا الحكم، بإخراج المدعى عليه إلى بلد ثالث غير سوريا ما لم تكن قد زالت الأسباب المذكورة في هذا الحكم، وما لم يكن موقوفا أو محكوما لداعٍ آخر».

وتعليقا على هذا الحكم، أوضح مصدر قضائي لبناني أن «المادة 32 من قانون الأجانب، والمادة 88 من قانون العقوبات، تلزم القاضي في الحالات العامة بترحيل الأجنبي الذي دخل لبنان بصورة غير شرعية أو ارتكب جناية أو جنحة شائنة على الأراضي اللبنانية، بترحيله من البلاد بعد تنفيذ العقوبة».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن القاضي العريضي «استند في حكمه إلى المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تقضي بعدم ترحيل أي أجنبي إلى بلاده إذا كانت حياته معرضة للخطر، والتي تقول إنه لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توافرت أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب».

موضحا أن «هذا الأمر جرى تطبيقه من قبل على المواطنين العراقيين (إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين)، وعلى السودانيين أيضا، والآن يفترض أن تطبق على السوريين الذين يتمتعون بهذه الخصوصية. وهذه الاتفاقية تصبح ملزمة وتصبح في منزلة القانون اللبناني»، مشددا على أن «لبنان يلتزم تطبيق الاتفاقيات الدولية ومراعاة حقوق الإنسان».

ولفت المصدر القضائي إلى أن «الحكم القضائي حافظ على الانتظام العام، بحيث ترك لجهاز الأمن العام الحق بإمكانية ترحيل الشخص المحكوم عليه إلى بلد ثالث، وأن لا يكون هذا البلد مصدر خطر عليه، وحتى لا يتحول لبنان إلى مأوى للخارجين على القانون.. عدا عن أن الدولة اللبنانية لا تستطيع منح اللجوء إلى آلاف الأشخاص». مؤكدا أن «هذا الإجراء استثنائي ويراعي المرحلة الاستثنائية التي تمر بها سوريا».

في هذا الوقت أعلن مصدر في الأمن العام اللبناني أن «الحكم القضائي لا يمكنه أن يقول للأمن العام رحل إلى هذا البلد وليس إلى ذاك البلد»، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «إما أن يكون هناك قرار بترحيل المحكوم عليه إلى بلاده وإما أن لا يكون»، مؤكدا أنه «إذا لم ينفذ جهاز الأمن العام قرار القضاء بترحيل المحكوم عليه يتعرض للمساءلة والملاحقة، والمؤسف أن التعاطي مع ترحيل السوريين الـ14 تحصل بخلفية سياسية وليس قانونية».

وأضاف: «كل الذين سلمناهم إلى السلطات السورية أفرج عنهم وأحدهم عاد إلى لبنان ويدعى طارق حموي، وهو يقيم الآن عند شقيقته»، مذكرا بأن الباب الرابع من قانون الأمن العام ينص على أنه «يعود لمدير عام الأمن العام أن يخرج أي أجنبي من لبنان، إذا كان وجوده يشكل ضررا للأمن والسلام العامين».