حداد رسمي في مصر.. والجيش يدك الأنفاق ويمشط سيناء

القوات المسلحة: هجوم بالهاون من غزة على معبر كرم أبو سالم تزامن مع الحادث * جنازة عسكرية اليوم لتشييع الضحايا

مدرعة مصرية أمام معبر رفح الحدودي وقد خلا من المسافرين بعد إغلاقه أول من أمس (رويترز)
TT

أعلن الرئيس المصري محمد مرسي الحداد في مصر على أرواح الضباط والجنود الذين قتلوا على يد مسلحين مجهولين يعتقد أنهم من العناصر الإسلامية المسلحة التي تنتشر في سيناء ومدعومة من قطاع غزة، فيما أكدت القوات المسلحة في بيان لها أمس أن هذا الحادث الإرهابي يعكس مؤشرات ودلالات تحمل في طياتها مخاطر وتهديدات تتعرض لها سيناء «تتطلب منا جميعا اليقظة والحذر تجاه المخططات والمطامع التي تتعرض لها مصر».

وتوجه الرئيس المصري والمشير طنطاوي ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة الفريق سامي عنان ووزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، إلى المنطقة الحدودية المصرية الفلسطينية الإسرائيلية، للوقوف على ملابسات الهجوم على قوات الجيش المصري قرب معبر كرم أبو سالم. وتفقد مرسي ومرافقوه مدينة رفح للاطمئنان على الجهود المبذولة لعلاج آثار الحادث. كما تفقد الأوضاع الأمنية هناك.

وأكد الرئيس مرسي في كلمة متلفزة له بثتها القنوات المصرية الحكومية في ساعة مبكرة من فجر أمس، أنه أصدر خلال اجتماع عقده للقيادات العسكرية والأمنية أوامر واضحة للسيطرة الكاملة على سيناء و«ملاحقة الذين ارتكبوا هذا الهجوم الجبان والقبض عليهم أينما وجدوا»، وقال: «سترون غدا الرد كيف سيكون على هذا الهجوم الإجرامي.. وأنه لن يمر هذا الحادث بسهولة».

وبث التلفزيون الحكومي المصري لقطات لاجتماع رأسه مرسي وشارك فيه المشير طنطاوي، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، واللواء مراد موافي مدير جهاز المخابرات العامة، وعدد من القادة العسكريين.

وقال الرئيس مرسي في كلمته المتلفزة إن «القوات المسلحة والشرطة تتحرك لمطاردة هؤلاء المجرمين، وإلقاء القبض على من قام بهذا الهجوم الغادر على أبنائنا، وإن قوات الأمن ستفرض كامل سيطرتها على مناطق سيناء لتصبح آمنة».

وتوعد مرسي الجناة بأنهم سيدفعون ثمنا غاليا هم وكل من يتعاون معهم، مشددا على أنه «لا مكان في مصر لهذا العدوان والإجرام»، وقال: «سيرى الجميع أن القوات المسلحة والشرطة قادرة على مطاردة وملاحقة المجرمين أينما وجدوا».

وأعلن الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن كل الأجهزة الأمنية تعمل على مدار الساعة للتحقيق في هذا الحادث وسرعة القبض على الجناة، مؤكدا أنه ستعلن في أقرب وقت النتائج التي ستسفر عنها التحقيقات، وقال: «هناك إجراءات تتخذ للتأكيد على سيادة الدولة المصرية على سيناء كاملة، وهذا أمر ليس محل شك أو نقاش»، مشيرا إلى أن الرئيس مرسي قرر تكريم ضحايا الحادث ومصابيه ومعاملتهم معاملة شهداء «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)».

وقالت القوات المسلحة في بيانها الذي صدر أمس إن الحادث وقع في توقيت الإفطار، وإنه مع أذان المغرب من مساء أول من أمس هاجمت مجموعة إرهابية يبلغ عددها 35 فردا إحدى نقاط تمركز قوات حرس الحدود المصرية جنوب رفح مما أسفر عن استشهاد 16 فردا وإصابة 7 آخرين، بينهم 3 إصاباتهم حرجة تم نقلهم إلى المستشفيات لعلاجهم. وأضاف البيان: «قامت هذه المجموعة الإرهابية بالاستيلاء على مركبة مدرعة واستخدمتها في اختراق الحدود المصرية - الإسرائيلية من خلال معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة حيث تعاملت معها القوات الإسرائيلية ودمرتها»، موضحا أنه تزامن مع هذا الهجوم قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة من خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون على منطقة معبر كرم أبو سالم.

وأشار البيان إلى أنه أيا كانت «الأيادي التي استهدفت أبناء مصر الأوفياء وسعت للإضرار بمصالح الوطن، ستقوم (القوات المسلحة) وبالتعاون مع قوات وعناصر وزارة الداخلية والأوفياء والمخلصين من أبناء سيناء باستعادة الأمن والاستقرار في أقرب وقت ممكن».

وقالت القوات المسلحة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «إنا غدا لمنتقمون لهم.. وكل من تثبت صلته بالجماعات التي امتدت يدها طيلة الشهور الماضية على قواتنا في سيناء سيدفع الثمن غاليا أيا كان وأيا كان مكانه على أرض مصر أو خارجها».

وتشيع القوات المسلحة جثامين ضحايا الحادث بعد صلاة ظهر اليوم الثلاثاء من مسجد القوات المسلحة (آل رشدان) بمدينة نصر، في جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها الرئيس مرسي والمشير طنطاوي وكبار رجال الدولة والقوات المسلحة.

وعلى صعيد متصل، أرسلت القوات المسلحة طائرة نقل عسكرية من طراز «سي 130» إلى العريش قامت بنقل جثامين الضحايا استعدادا للجنازة العسكرية، كما نقلت عددا من المصابين إلى القاهرة، لاستكمال علاجهم.

وقال الدكتور أحمد الأنصاري نائب رئيس «هيئة إسعاف مصر» في تصريح له إن إصابات المصابين تراوحت بين طلق ناري بالرأس والصدر والذراع والفخذ، وكدمات وسجحات بالجسم، وقامت الفرق الطبية بمستشفى العريش بعمل الفحوصات والأشعة والتحاليل اللازمة وتقديم الإسعافات لهم.

من جانبه، أكد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء المصري، «التصميم على القصاص للشهداء ومحاسبة المجرمين مرتكبي حادث الاعتداء على الجنود المصريين بسيناء»، مضيفا أن «هناك جهودا تبذل لمعرفة مرتكبي الهجوم الإجرامي». وقال قنديل: «سيكون الرد قاسيا ومؤلما لهؤلاء المجرمين».

من جهته، قال اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية المصري إنه تم تشكيل مجموعة عمل من المتخصصين على مستوى عال من أجهزة المعلومات والأجهزة المتخصصة بوزارة الداخلية للتوجه الفوري لموقع الأحداث لكشف الملابسات والخلفيات التي أحاطت بهذا الحادث وتحديد أبعاده والتوصل لكل من شارك أو تعاون مع مرتكبيه.

وقالت مصادر أمنية بالعريش لـ«الشرق الأوسط»: «قام رجال الشرطة بالتعاون مع رجال القوات المسلحة بفرض طوق أمني مشدد على مداخل ومخارج شبه جزيرة سيناء لتعقب منفذي الحادث». وأضافت المصادر: «تم الاستعانة بقوات الجيش الثاني الميداني ورجال الشرطة الموجودين في العريش لفرض الطوق الأمني»، مشيرة إلى أن هناك حالة من الاستنفار الأمني لم تشهدها سيناء من قبل، كما تم نشر قوات كبيرة من الجيش على مناطق الأنفاق المنتشرة في رفح المصرية. وتشير معلومات غير مؤكدة إلى أن الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة يقود تلك القوات على الأرض من سيناء.

وأوضحت المصادر أن قوات الجيش تقوم منذ ليلة أول من أمس بهدم ودك الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة، كما داهمت عددا آخر من الأنفاق بحثا عن مسلحين فلسطينيين ومصريين يشتبه في تورطهم في الحادث، مشيرة إلى أن الاشتباكات مع المسلحين الذين يعتقد مسؤوليتهم عن الحادث، استمرت حتى فجر أمس.