انطلقت مساء أول من أمس، الجمعة، فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى الروحية بالقيروان في دورته الأولى في أجواء احتفالية أعادت الروح إلى عاصمة الأغالبة وأرجعت لأحد مراكز الحضارة الإسلامية في المغرب العربي إشعاعه الثقافي والديني. المهرجان انطلق بافتتاح معرض للفنون التشكيلية وبعرضين أحدهما من ليبيا والثاني من إندونيسيا، ويتواصل المهرجان حتى يوم 15 أغسطس (آب) الحالي، وتقيمه فرق من أحباء الموسيقى الروحية بما يتماشى وأجواء القيروان المشبعة بعبق التاريخ. ويسعى المهرجان إلى التعريف بتراث الموسيقى الروحية التي تكاد تكون مهددة بالاندثار في مواجهة أنواع جديدة من الموسيقى. وفي هذا الشأن صرح عبد اللطيف الرمضاني، مدير الدورة الحالية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن المهرجان سيطلع التونسيين على مدارس مختلفة من هذه النوعية من الموسيقى وسيشهد مشاركة أسماء من تونس على غرار لطفي بوشناق ومنير الطرودي ومقداد السهيلي، إلى جانب مشاركة فنانين قادمين إلى تونس من بينهم المنشد المصري ياسين التهامي، وفرقة ابن عربي للسماع الصوفي من المغرب، وعرض من إيران تحت اسم «محراب». ويضيف الرمضاني أن مشاركتي ليبيا وإندونيسيا سيحتضنهما المهرجان في إطار التبادل الثقافي. ويقول الرمضاني، في لغة شاعرية، إن هذا المهرجان وجد برغبة من جدران مدينة القيروان وأزقتها وأعمدتها الراسخة. وأضاف أن مدينة القيروان كانت طوال تاريخها «أرض امتحان» وتسمى كذلك «أرض مزاق» يقصدها مريدو الشيوخ الكبار من المشرق العربي. وكانت مدينة القيروان قد استعدت لهذه التظاهرة الموسيقية الفريدة من نوعها بتهيئة «بطحاء الجرابة» لاستقبال مجموعة من العروض، ويطغى على هذه البطحاء المعروفة كذلك بـ«بطحاء زروق» طابع معماري مميز جمع حقبا تاريخية مختلفة جمعت بين العهد الأغلبي والعهد الحفصي والمعمار الأندلسي. وتصادف أيام المهرجان موسم السياحة الدينية والروحية والتراثية والثقافية في مدينة القيروان، ويرى عبد اللطيف الرمضاني مدير المهرجان أن القيروان قد دأبت على احتضان أنشطة دينية خلال شهر رمضان، مما يجعلها بحق تحتضن مهرجانا دينيا دون أن تعلن عن ذلك بصفة رسمية. ويعتبر أن «الدورة الأولى من المهرجان الدولي للموسيقى الروحية والصوفية قد نظمت الأمر فقط وجعلته احتفالا منظما».