وكأننا لم نزر لندن.. ولم نغش أولمبيادها.. فقط هبطنا.. ثم عدنا.. ولا خبر بعد ذلك. اللجنة الأولمبية السعودية بكل مسؤوليها في سبات الإجازة.. ولن يعنيهم أن حالا متأخرة متضعضعة تريد أن يُنفض غبارها لأجل أن تكون في محل القدرة على المنافسة.
هي الحال تتكرر بعد كل استحقاق رياضي كبير نعرف من خلاله الخذلان والتراجع.. لا نلبث أن نرفع العقيرة بالشكوى والتذمر والمطالبة بإصلاح الحال.. ثم لا نلبث أن نخفت ونتوارى مع أصواتنا.. وفق سياسة المسؤول الذي يستجير بالإجازة والغياب عن الأضواء لإدراكه وثقته أن الأيام القليلة كفيلة بأن ننسى كل آلام الإخفاق وسوءة المشاركة.
هذا البلد الغني بأهله قبل موارده أصبح لا يعرف الحضور الرياضي المشرف.. حتى ما نلناه من برونز كان بجهود من لا ينتمون للأولمبية.. يحدث هذا من فرط سوء العمل الإداري الذي غلبت عليه الأنانية والبيروقراطية حتى بات قاعا صفصفا.. لا يستثير مسؤوليه أن يكونوا في المراكز الأخيرة خليجيا والمتأخرة قاريا.. لا يعنيهم ذلك ما دام العمل يسير وفق ما ينطلق من النظرة الضيقة التي تحيط بهم.. وعليه فستذهب لندن وسيحضر غيرها.. والأمر كما هو.
كنا وإلى ما قبل سنين عشر نعتقد أن خطواتنا الرياضية للأمام.. ولكن يا خيبتنا حينما اكتشفنا أننا كنا نشاهدها عبر مرآة عاكسة.. الحق أنها كانت تعود للخلف.. وفي ذلك أتذكر بعد أولمبياد سيدني حينما غشتنا الفرحة من أن مجدا مقبلا نحن بانتظاره.. ألم نحقق فضية وبرونزية؟! لكن هيهات في ظل أن التخطيط والإدارة خبط عشواء، لأنهما بيد إداريين غير مدركين لماهية الارتقاء بالعمل الرياضي. هنا أتذكر قبل سنين حديثا لمجلة «المجلة» كان مع البطل الإماراتي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم الذي أحرز أول ميدالية ذهبية للإمارات في أولمبياد أثينا 2004 في لعبة الرماية، قال فيه «معظم المناصب الرياضية في الوطن العربي مناصب استغلالية ذات مصالح شخصية، لذا تجد أن أسباب الإخفاق العربي تعود لتسييس الرياضة وفرض المحسوبية في توزيع المناصب.. علينا تغيير هذا الواقع المزري».. حينها ومنذ ذلك الحين آمنت بأنه لا ارتقاء من دون فكر خلاق يدير العمل الرياضي.. وأحسب أننا لم نتعلم فقط.. ولنطّلع على اتحاداتنا المتضعضعة.. والأهم لجنتنا الأولمبية.. ولنشاهد من يديرها ويضبط خطواتها لنعلم أي حال نحن فيها!!
أعود إلى ما بدأت به لأقول إن ألما كبيرا يعتصر المحب لبلاده المتطلع لارتقائها حينما يشاهد ويقرأ عن المشاركين في الأولمبياد الأخير التقييمات المتتالية لأعمالهم من قبل لجانهم الأولمبية المتخصصة.. كل ينشد ما هو أفضل للمستقبل.. أما نحن وكثير ممن يشبهوننا من العرب.. فإننا في سبات.. ليس للهروب من الإخفاق فقط.. بل للبحث عن الراحة والنسيان.. لأننا ضامنون أن العجلة ستعود للدوران وتحت قيادتنا.. أوليس من ينتمون لنا من أهل النسيان والتجاوز.. «ودعهم في كرة القدم يختلفوا ويتشاتموا»؟!