الأزياء الحجازية القديمة تزين مجددا فتيات الجيل الحديث في أعراسهن

الـ«مديني» والـ«زبون» من أشهرها وتصل تكلفته إلى 30 ألف ريال

إقبال كبير بات يشهده ارتداء الأزياء الحجازية القديمة في ليالي الحناء والمناسبات التراثية («الشرق الأوسط»)
TT

مهما تطلق دور الأزياء والموضة من موديلات حديثة تعود أصولها إلى دول أوروبية اشتهرت بالحداثة والتميز، فإن الحنين للتراث الأصيل ما زال موجودا في نفوس فتيات الجيل الجديد الذي زرعته أمهاتهن وأجدادهن فيهن منذ سنوات مبكرة من أعمارهن، وساعد في ترسيخه ما يشاهدنه خلال المعارض والبازارت التي باتت تشهدها مدن السعودية بشكل عام سنويا لتعيد إليهن عراقة الماضي بأسلوب مقبول لديهن.

الكثير من المناسبات والأعراس، أصبحت أماكن جيدة تحفز جيل الشباب على التباهي بالأزياء التراثية والتقليدية القديمة، من ضمنها الزي الحجازي الذي يتميز بطابع مميز جعل منه محط أنظار مختلف أطياف المجتمع السعودي، حيث بدأ مجددا في الظهور بقوة خلال مثل تلك التجمعات.

ريم عسيلان، إحدى السيدات التي تعمل في حياكة أنواع متعددة من الأزياء الحجازية القديمة وتأجيرها على من ترغب في ارتدائها تؤكد أن إقبال الفتيات من الجيل الحديث بات يشهد تزايدا مع مرور السنوات خاصة في الحفلات والمناسبات التقليدية، إلى جانب ليالي الحناء للعرائس والمسماة بـ«الغمرة» باعتبار أن العروس في تلك الليلة ترتدي زيا تراثيا.

وتقول ريم في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة أنواع مختلفة من الأزياء الحجازية تتضمن سلطانة المجلس وصدر المحل والمديني والزبون والمنثور ودرفة الباب، والتي تشترك معظمها في ارتداء الكرتة والمحرمة والمدورة والسروال والسديري، عدا عن إكسسواراتها المتمثلة في الأزارير الذهب».

وتتمثل المحرمة في قماش من نسيج خفيف من القطن زينت أطرافها بشغل الإبرة وتضعها المرأة على الرأس بحيث يغطى معظم شعرها ويترك الشعر واضحا فوق الجبين، ثم تلم خصلتا الشعر وتلف بها المحرمة فتتدلى الخصلتان تحت الأذنين بحيث لا يظهر من الشعر إلا أطراف هاتين الخصلتين.

وفي أيام الأعراس والحفلات تستعمل المحارم المشغولة بالكنتيل الذهبي بدلا من المحارم المشغولة بالحرير أو القطن فإذا وضعت المرأة المحرمة تظهر خصلتا شعرها وقد لفتها المحرمة المشغولة بالكنتيل الذهبي.

بينما تتضمن المدورة الغطاء الذي يوضع فوق المحرمة ويستر الرأس ككل، ويتمثل أغلى أنواعها في تلك المصنوعة من اليشمك وهو نسيج قطني رفيع شفاف يتم تزيينه بأشغال الإبرة، إذ تلف على الرأس ثم تنسدل على الظهر ليبقى بعد ذلك الجبين بزينة الشعر المفروق من المنتصف.

الزي المديني، يتكون من ثلاث قطع تتضمن ثوبا داخليا وآخر خارجيا مشتغلا، إلى جانب سروال مطرز مع طرحة توضع على الرأس، في حين يتكون الزبون من ثوب داخلي وآخر شفاف مشتغل من قماش الأوراقنز، مع ارتداء المحرمة والمدورة على الرأس، وهي أزياء اشتهرت بها كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وترتدي العروس تحت الثوب المديني الملابس الداخلية المتمثلة في السديري المحلاة بأزارير الذهب والماس وسروال مطرز بالقصب، عدا عن المدرج وهو عبارة عن حبال من اللؤلؤ، حيث تسير وقت الزفة فوق كراسي حتى تصل إلى الكوشة.

أما الزي المسمى بـ«درفة الباب»، فهو عبارة عن قطعة واحدة من الأمام وأخرى من الخلف مطرز بالكنتيل والقصب، على أن يكون التطريز موزعا بكثرة على الثوب، وهو ما اشتهرت به النساء قديما أيضا في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وبالعودة إلى ريم عسيلان، فقد أفادت بأنها قضت من عمرها ما يقارب 7 سنوات في تفصيل الأزياء الحجازية القديمة وتأجيرها، حيث يساعدها شقيقها الذي يعمل طيارا في جلب الأقمشة والخامات من الهند أثناء رحلات عمله، لافتة إلى أن تكلفة تفصيل الزبون والمديني تتراوح ما بين 20 و30 ألف ريال، بحسب قولها.

وبينت أنها تقوم بخياطة مجموعة لتأجيرها فقط وليس بيعها، عدا عن تنفيذ قطع أخرى بحسب الطلبيات التي ترد إليها، مضيفة «عادة ما تقصدني جهات مختلفة لتنفيذ أزياء حجازية قديمة يتم استخدامها في المناسبات والاحتفاليات التقليدية، من بينها حفل «جدة في عيون أهلها» السنوي الذي تنظمه جمعية حي الروضة في جدة، ويشترط على الحضور ارتداء أزياء تراثية».

وترفض ريم إدخال أي تطويرات على كل من الزي المديني والزبون، وذلك خوفا من تشويهه، غير أنها قد تضفي بعض التعديلات على طرق ارتداء الأزياء الحجازية القديمة الأخرى، وذلك من منطلق مواكبة الموضة الحديثة، إضافة إلى تسهيل ارتدائه على الراغبات فيه.