رمان «بيدة».. فاكهة الباحة الأشهر على مستوى السعودية

نوعان أغلاهما الأفريقي

رمان بيدة اللذيذ سعره محدود.. الطلب عليه مضمون («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أن يغادر الزائر منطقة الباحة، في غرب المملكة العربية السعودية، في الطريق إلى مدينة الطائف، تلتقيه مجموعة من الباعة، هي خليط من المواطنين والعمالة الوافدة، عند مفترق طرق تأخذ المتجه شمالا إلى الطائف والمتجه شرقا إلى قرى بيدة.

وتستوقف الزائر إشارات التهدئة التي تصدر عن سيارات المسافرين لدى الاقتراب من الموقع المحاذي للطريق، وهنا تتجمع السيارات بشكل لافت للنظر، ويترجل منها السائقون للمساومة وشراء أكبر كمية ممكنة من الرمان - الفاكهة اللذيذة والبضاعة شبه الوحيدة التي تباع في هذه السوق الصغيرة التي تستهدف المسافرين عند آخر نقطة للتزود من خيرات منطقة الباحة.

المساومة لا تطول إلا لفترة قصيرة، فالمعروض من صناديق الرمان محدود غالبا، نظرا للإقبال الكثيف على الشراء. ثم إن الأسعار محدودة أيضا ولا مجال للمساومة. ذلك أن محبي هذه الفاكهة يعرفون سعرها في هذا المكان، وكل من ذاق حلاوة رمان بيدة مستعد لدفع ثمنه عن طيب خاطر مهما غلا.

حامد الزهراني، من سكان بيدة، قال وهو يقف أمام ثلاثة صناديق تبقت له من «البضاعة» التي جلبها، في رده على أحد المشترين: «هذا الرمان قطاف اليوم». وأضاف بعد مساومة سريعة: «صندوق واحد أو عشرة.. السعر واحد»، مضيفا: «والله، بعت لغيرك بـ120». هنا انتهت المساومة بعد تحديد السعر بـ120 ريالا، أي 32 دولارا أميركيا للصندوق الواحد، الذي يحتوي على ما بين 22 إلى 25 حبة رمان.

خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، قال حامد الزهراني: «بيدة منطقة زراعية خصبة، تنتج الكثير من الفواكه، منها الرمان والعنب والخوخ، كما تنتج أنواعا كثيرا من الخضار، إلا أن إنتاجها من الرمان هو الأشهر بفضل حلاوته التي لا توصف»، على حد تعبيره.

وأضاف حامد: «هناك عدة أسباب تجعل منطقة بيدة أهم منطقة لزراعة الرمان على مستوى السعودية، أولها المناخ الذي تتمتع به المنطقة، ثم طبيعة الأرض التي تزرع فيها شجيرات الرمان».

حامد الزهراني، الذي يمتلك ثلاث مزارع لإنتاج الرمان، قال لنا إن أهالي المنطقة يتوارثون زراعة الرمان ويعتنون بشتلاته منذ قديم الزمن، ولا يقبلون جلب شتلات من الرمان من خارج بيدة، مستطردا: «.. الشتلات تؤخذ من المزارع في بيدة ولا تجلب من خارجها». ثم أضاف: «الله الرازق، أنا لا أرد من يأتي ويطلب شتلات من مزرعتي». وعند سؤاله عن إمكانية شراء أشخاص من خارج بيدة مزارع وحقولا فيها، ابتسم ثم قال «الأرض عِرض، ومن العيب أن يبيع الرجل مزرعته».

حاليا تدر المزرعة المتوسطة في بيدة، التي تحتوي نحو 300 شتلة رمان، 15 ألف ريال في موسم الجني الذي يستمر لقرابة 4 أشهر. وهذا العام بدأ موسم جني الرمان مع مطلع شهر رمضان المبارك، وسيستمر إلى ما بعد موسم الحج. وتضم قرى الدغمان والعميس والزربة أفضل مزارع الرمان في منطقة بيدة، وذلك لبرودة أجوائها أكثر من غيرها من القرى. ولكن ينتشر إنتاج رمان بيدة، بالإضافة إلى القرى الثلاث، في كل من معشوقة ووادي بطحان.

والتقينا عوض رشدي، وهو عامل في إحدى مزارع بيدة، فأوضح لنا أن «جني الرمان يبدأ من المزارع في النصف الثاني من يوليو (تموز) ويستمر لمدة أربعة أشهر. أما عن الأسعار فهي شبه ثابتة، قد تتراجع 10 إلى 20 ريالا، لكن الأسعار لا تنخفض أكثر من ذلك بسبب شدة الطلب عليه».

أما بالنسبة لأنواع الرمان في بيدة، فأشهر ما تنتجه بيدة من الرمان نوعان هما الـ«سبعة كيلو» و«الأفريقي»، وتتراوح أسعار «الأفريقي» حسب حامد الزهراني، بين 350 إلى 400 ريال (ما يعادل 93 دولارا إلى 106 دولارات)، بينما يتراوح سعر الـ«سبعة كيلو» بين 100 إلى 120 ريالا، أي ما يعادل بين 26 و32 دولارا.

ثم التقينا أحمد محمد حسين، وهو عامل في إحدى المزارع، قال لنا إنه «في الشهر الثالث الهجري، يبدأ تكاثر الرمان حين تنبت فروع لشجيرة الرمان، يمكن قطعها بطريقة معينة يعرفها المزارعون، ومن ثم غرسها حتى تنبت شجيرات جديدة». وتابع قائلا: «مالكو المزارع لا يبيعون هذه الشتلات، بل جرت العادة في منطقة بيدة أن على من أراد عددا منها طلبها من صاحب أي مزرعة، وهو سيوفرها له عن طيب خاطر».

وأخيرا بالعودة إلى حامد الزهراني، الذي قال إن «أصحاب المزارع يستخدمون السماد الطبيعي في تسميد مزارعهم لزيادة خصوبتها، كما وفر سد بيدة للمزارعين مصدر ري مستمرا للمزارع، وهو عامل ساعد في زيادة حجم إنتاجها».