السعودية: مطالبات بالاستثمار الخارجي لمواجهة الفجوة الغذائية وشح الأسواق العالمية

لجنة الأمن الغذائي بـ«غرفة الرياض» تطالب بكيان اقتصادي لتأمين الغذاء

أحد متاجر بيع المواد الغذائية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

في خضم المتغيرات الاقتصادية والحديث عن توقعات بحدوث أزمة غذائية على مستوى العالم، طالب اقتصاديون بضرورة تفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للاستثمار الخارجي لتقليل حجم الفجوة المتوقعة، بسبب شح الأسواق العالمية، والتي سيكون لها دور كبير في توفير الاحتياجات الغذائية، وتقليل حدة الأزمات الغذائية محليا وعالميا.

وفي غضون ذلك، شددت لجنة الأمن الغذائي بالغرفة التجارية والصناعية في العاصمة السعودية (الرياض) على أهمية إيجاد كيان اقتصادي ذي صلاحيات مستقلة يختص بإدارة المخزون الاستراتيجي لأهم السلع الغذائية، يشارك في إدارته عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالمشاركة مع القطاع الخاص.

وفي هذا السياق أوضح حسن الشهري رئيس جمعية الحبوب والأعلاف التعاونية السعودية، في حدث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن مثل هذا الكيان مطلب استراتيجي معمول به في كثير من البلاد المتقدمة، وذلك لأنه يحدث نوعا من التوازن بين الطلب والعرض، حيث إنه يضمن الحصول على مستوى معين من الأمن الغذائي في البلاد، من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وأكد أن مثل هذا الكيان مهم في السعودية بوصفها جزءا لا يتجزأ من هذا العالم، الذي تتهدده أزمة غذائية مقبلة وفق المعطيات العالمية التي تتصل بهذا الموضوع، مبينا أن مثل هذا الكيان يسهم في الحد من أزمة الغذاء والآثار السلبية الناجمة والمترتبة على تذبذب أسعار تلك السلع الغذائية، كما يساعد على انسياب السلع الغذائية للأسواق المحلية طوال العام.

وعلى صعيد التحديات فإن «جمعية الحبوب والأعلاف التعاونية»، التي تم تغيير اسمها في عام 2008 من مسمى «جمعية القمح السعودي»، بسبب تغير السياسة الزراعية في البلاد، أوضح الشهري أن أبرزها استيراد المواد الخام لصناعة الأعلاف والحبوب من خارج السعودية، بسبب استنزافها للمياه، التي تعاني من ندرتها فيها أساسا.

ويرى الشهري أن هذا الواقع، يدعو المستثمرين لاتباع سياسة شراء المواد الخام ومن ثم صناعتها في الداخل، بالإضافة إلى أنه من الصعوبة بمكان زيادة الأعضاء المساهمين بحكم أن المستفيدين منها ليس لديهم الوعي الكافي للعمل التعاوني، مشيرا إلى أن كمية استهلاك أعلاف الشعير مثلا تقدر بـ8 ملايين طن سنويا، تزداد بزيادة الثروة الحيوانية.

وكانت لجنة الأمن الغذائي بغرفة الرياض خلال اجتماع عقدته مؤخرا، برئاسة سعد الخريف، اقترحت تكوين كيان اقتصادي يزاول كثيرا من المهام مثل بناء المساحات التخزينية لأهم السلع الاستراتيجية، بما يتفق مع مفهوم الأمن الغذائي وإعداد الدراسات والبحوث اللازمة في مفهوم الخزن الاستراتيجي، وتحديد مقدار الفائض والعجز في ذلك المخزون لأهم السلع الغذائية الأساسية، ودراسة الأسواق الخارجية والبورصات العالمية والتخطيط الأمثل لمصادر الاستيراد، وتحديد مقدار الفاتورة للواردات من كل سلعة لتحقيق المخزون الاستراتيجي الآمن ومتابعة عمليات التدوير والتجديد للمخزون ومقدار مساهمة التجار والمنتجين المحلين.

وقال الخريف: «اللجنة استعرضت مجموعة من المتغيرات العالمية، توحي بأننا فعلا متوجهين لأزمة غذائية من أهمها، ندرة الموارد المائية والظروف المناخية الصحراوية الجافة للسعودية، وتبني سياسات مائية تسببت في تدني نسبة الأراضي المزروعة، وانخفاض الإنتاج الزراعي بشكل عام، في الوقت الذي تشهد فيه السعودية زيادة سكانية سنويا تقدر بـ2.9 في المائة لعام 2011».

ويعتقد أن هذا الواقع يعني الإيذان بزيادة ارتفاع الطلب على الغذاء في السعودية، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والغذائي عالميا ومحليا، مع انخفاض المخزون الاستراتيجي العالمي للسلع الغذائية، بسبب الظروف الجوية والمناخية غير الملائمة خلال الفترات الأخيرة في الدول المصدرة للإنتاج الغذائي، ودخول بعضها في موجات جفاف، واتجاه بعض الدول المنتجة للمحاصيل الزراعية الاستراتيجية إلى استخدام بعضها في إنتاج الوقود الحيوي مثل إنتاج الوقود من الذرة.

وأضاف الخريف أن اللجنة سبق أن تبنت عددا من الحلول التي ترى بأنها هي أفضل السبل لمواجهات الأزمات الغذائية والتغيرات في أسعار السلع، كان أولها دعم الإنتاج الزراعي غير المستنزف للمياه والمرشد لاستخداماتها من خلال تحديد المحاصيل الزراعية واحتياجاتها المائية والطرق المثلى لريها وأفضل المناطق والمواقع بالسعودية لتوطينها واستنباط السلالات الجيدة وذات الكفاءة العالية، مؤكدا على سرعة اعتماد وتفعيل الاستراتيجية الزراعية.

كما طالبت اللجنة بتفعيل مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الخارجي لتقليل حجم الفجوة المتوقعة بسبب شح الأسواق العالمية، التي سيكون لها دور كبير في توفير الاحتياجات الغذائية وتقليل حدة الأزمات الغذائية ليس فقط بالسعودية ولكن على المستوى العالمي، مستعرضة مستجدات الأعمال المستمرة لإطلاق المرصد الوطني لأسعار السلع الغذائية والمقرر تدشينه خلال الـ3 أسابيع المقبلة، الذي بدوره سيساعد على عكس الأسعار التقريبية للسلع الغذائية ومقدار التغيرات التي تطرأ عليها.