أبو مازن: بصراحة نحن مفلسون وقد نتخذ قرارات لا تخطر ببال.. في يوم في شهر في سنة

انتقد استقبال مرسي لهنية.. وقال لنجاد: حبنا جميعا

أبو مازن في المؤتمر الصحافي في رام الله أمس (أ.ب)
TT

أيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) المظاهرات الشعبية، الموجهة ضد الغلاء والبطالة والفقر، قائلا إن للشعب أن يقول ما يريد، غير أنه لم يقدم أي حلول للمأزق الحالي، مرجعا وضع السلطة المتدهور ماليا إلى «حصار» تمارسه أطراف عدة، متهما بعضها (دولا عربية) باتخاذ قرار بعدم الدفع، وبعضا آخر باستخدام الأموال في المساومة، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال أبو مازن في مؤتمر صحافي في رام الله «نسمح للناس بمواصلة الاحتجاجات السلمية، وأنا قلت للشرطة ألا تتدخل». وأضاف «من يريد أن يعبر عن رأيه فليقف على الرصيف ويقول ما يريد ويشتمنا، ونحن نسمع ونلبي». وتابع أن «الشعب هو الذي انتخبنا وهو الذي أرادنا، فمن واجبنا اليوم أن نبحث ما يريد».

غير أن أبو مازن حذر من التخريب. وقال إن على من يرسلون المتظاهرين سواء أكانوا من حركة فتح أو غيرها أن يحكموا ضمائرهم، مضيفا أن المظاهرات «من الضروري ألا تكون مزعجة، ويجب ألا تكون بإغلاق الشوارع وتخريب ممتلكات المواطنين، فالفعاليات محمية من الشرطة، وهي لن تعتدي على من يحتج سلميا، فمن حق المواطن أن يقول ما يشاء».

وجاء حديث أبو مازن في وقت كان فيه متظاهرون يقطعون الطريق على رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وسط رام الله مطالبين برحيله. غير أن أبو مازن كان حريصا على إبداء الدعم لفياض، قائلا إنها حكومته وتعمل بأوامره وتوجيهاته. وأضاف «فياض جزء من النظام الفلسطيني».

ولم يغفل أبو مازن إمكانية أن تتطور هذه المظاهرات إلى ما هو أبعد من الاحتجاج، لكنه استبعد أن يذهب الشعب إلى فوضى.

وتظاهر أمس الآلاف في مدن الضفة ضد الغلاء الفاحش، وطالبوا السلطة باتخاذ خطوات ملموسة وليس مجرد الكلام. وتأججت المظاهرات أكثر بعدما قال أبو مازن إنه يبث لهم بشرى سيئة وهي أنه لا رواتب كاملة هذا الشهر، مضيفا «بصراحة نحن مفلسون، هم يريدون لنا أن نركع، لكنا لن نركع».

وربط أبو مازن بين الضغوط المالية والشخصية التي تمارس ضده وضد السلطة، وقراره الذهاب إلى مجلس الأمن، وقال إنه ذاهب في الـ27 من هذا الشهر إلى الأمم المتحدة لطلب دولة غير عضو. وأضاف «عندما نذهب إلى الأمم المتحدة نريد أن نقول إننا دولة تحت الاحتلال». وتابع «نذهب على الرغم من الضغوط التي يمكن أن تتخيلوها أو لا تتخيلوها.. ضغوط بكل الأشكال». واتهم أبو مازن صراحة الولايات المتحدة بممارسة هذه الضغوط، وقال إنه لا يفهم لماذا لا تريد منه واشنطن الذهاب إلى الأمم المتحدة وطلب دولة، مقرا بصعوبة الموقف، قائلا «نحن أمام أمرين صعبين، إما أن نذهب ونعرف ما ينتظرنا وإما ألا نذهب ونعرف أننا خاسرون».

وعلى الرغم من ذلك ترك أبو مازن الباب مفتوحا لاحتمالات كثيرة. وقال «في النهاية نحن لسنا أسرى لأحد»، ملوحا باتخاذ قرارات «لا تخطر ببال أحد» إذا بقي الأفق السياسي مسدودا. وحين سئل متى؟ رد مازحا «في يوم في شهر في سنة».

وفي السياق، نفى أبو مازن أنه تلقى تهديدات شخصية ومباشرة على حياته، غير أنه اعتبر أن إسرائيل قادرة على تنفيذ أي تهديد. وقال «إنهم قادرون.. كل شيء بأيديهم، ونحن محاصرون»، معتبرا أن ذلك أفضل من أن يخرج من أرضه. وقال «أنا لن أرحل، لن نكرر أخطاء 1948 و1967».

ولم ينس أبو مازن حركة حماس التي هاجمها بشدة قائلا إنها خربت المصالحة وتحاول ضرب التمثيل الفلسطيني، كما هاجم من يشجعها على ذلك، في إشارة صريحة لطهران وتلميح مباشر لمصر. وقال أبو مازن إنها عطلت المصالحة عندما منعت لجنة الانتخابات من العمل في غزة، معتبرا أن «المصالحة هي الانتخابات»، ودعاها لحل مشاكلها الداخلية. وقال إن حماس تمثل نفسها كحركة فقط، منتقدا بشدة «من يقول نحن واقفون على مسافة واحدة ونطلب من الطرفين أن يتفقا». وأضاف «بصراحة من يستقبل إسماعيل هينة كرئيس وزراء يشجع على الانقسام».

وكان أبو مازن يشير إلى الرئيس المصري محمد مرسي، وهو بذلك يؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط» في 27 أغسطس الماضي، حول غضب فلسطيني كبير من مرسي، إذ قالت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، آنذاك إن حالة من الغضب وعدم الرضا تسود القيادة الفلسطينية، من طريقة التعامل المصري الجديد مع الملف الفلسطيني بخصوص التمثيل والشرعيات.

وبحسب المصادر، فإن القيادة الفلسطينية غير راضية عن تعامل مصر بعد نجاح مرسي، مع الشرعية الفلسطينية والتمثيل «إذ تتعامل القيادة المصرية مع حماس كأنها عنوان الفلسطينيين في غزة، متجاهلة إلى حد ما السلطة». وتعتقد القيادة الفلسطينية أن مواقف مصر شجعت دولا أخرى من بينها طهران على الدعوة التي وجهت لحماس إلى قمة دول عدم الانحياز، وهي الدعوة التي تراجعت عنها طهران. وتطرق أبو مازن إلى هذا الأمر، وقال ساخرا من هنية «لا علاقة له بشيء هو ليس رئيس وزراء، ولا رئيس حكومة مقالة ولا غير مقالة، ولا نسمح له بأن يجلس معنا». وأردف «طلبنا من الجامعة العربية أن تساعد على وحدانية التمثيل الفلسطيني وليس تقسيمه. قلت في الجامعة العربية نحن نرفض تقسيم التمثيل الفلسطيني، ونرفض الوقوف منّا على مسافة واحدة». وأوضح أبو مازن أنه كان قرر الذهاب إلى قمة عدم الانحياز في طهران بنية الانسحاب إذا كان قد حضر أي مسؤول من حماس. وقال «لم نجد أحدا منهم، وتحدثت مع الرئيس أحمدي نجاد بعدها بشكل صريح، فقال لي: (إنني لم أدع أحدا). وأضاف: (إنني أحب الشعب الفلسطيني). فقلت له: (مشان الله حبنا كلنا)».

وأكد أبو مازن رفض دعوة نجاد، لحوار حماس في إيران. وقال «أصلا بصراحة لا حوار الآن ولا في أي مكان، قبل إجراء الانتخابات»، ملمحا إلى أن حماس سعيدة بالوضع القائم، وقال «2000 نفق بغزة صار وراءها ألف مليونير، ولديهم دائرة للإنفاق مختصة بإدارة شؤون هذه التجارة.. ولكني أقول لهم إن شعبنا لن يسمح بإقامة إمارة إسلامية هناك إذا كنتم تفكرون في ذلك».