الإبراهيمي: أزمة سوريا ستأكل الأخضر واليابس بالمنطقة.. ونعمل لتخفيض عدد القتلى خطوة تمهيدية

تركيا تؤيد دعوة الهدنة.. وأردوغان يقترح محادثات ثلاثية

عناصر من الجيش الحر أثناء تفحص قاذفة صواريخ محلية الصنع في سرمين بالقرب من إدلب أمس (رويترز)
TT

جدد المبعوث الأممي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، من بيروت، التأكيد على أن «الدعوة إلى وقف إطلاق النار في سوريا في عيد الأضحى تهدف إلى تخفيض عدد الضحايا خلال أيام العيد»، وآمل أن «يكون ذلك مقدمة لوقف إطلاق نار نهائي وإيجاد حل سياسي للأزمة»، داعيا «دول الجوار إلى أن تدرك أنه لا يمكن أن تبقى الأزمة داخل الحدود السورية إلى إلا بد، فإما أن تعالج أو أنها ستسوء وتأكل الأخضر واليابس».

وبينما أعربت تركيا، أمس، عن دعمها لخطة الهدنة خلال عيد الأضحى، قال رئيس الوزراء التركي، طيب أردوغان، إنه اقترح على الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إجراء محادثات ثلاثية بشأن الأزمة السورية.

وقال الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي عقده بالسراي الحكومي في بيروت عقب لقاءات أجراها مع مسؤولين لبنانيين، أمس، إن «الشعب السوري يدفن الآن 100 إنسان يوميا، فهل من المعيب أن نطلب تخفيض عدد القتلى في أيام العيد»، معتبرا أنه «لو تجاوبت الحكومة ونفذ ما قيل لنا من قبل المعارضة، يكون ذلك خطوة صغيرة ضمن خطة وقف النار، تمهيدا لإيجاد حل سياسي للأزمة».

وأوضح الإبراهيمي، الذي وصل إلى بيروت في زيارة غير معلنة سابقا التقى خلالها كلا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أن «جميع الأطراف في المعارضة السورية أكدت لنا أنه إذا أوقفت الحكومة استعمال القوة، فسيتم التعاون معها، ونأمل تحقيق هذه الخطوة، لتخفيض عدد القتلى أيام العيد»، لافتا إلى أنه «على سوريا أن تخرج من الوضع الخطير الذي انزلقت إليه، ونحن نعمل مع جميع الأطراف الداخلية والخارجية لإخراجها من الأزمة».

وأوضح الإبراهيمي أنه بحث مع الرؤساء اللبنانيين الثلاثة المخاوف من الوضع في سوريا، «وتكلمنا عن الموقف الذي سبق أن أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عندما طلب وقف إطلاق النار وضرورة أن تبادر به الحكومة السورية وتتجاوب معه المعارضة». وقال: «في الأيام الأخيرة، عرضت، كبداية للتجاوب مع هذا الطلب، أن نبدأ بهدنة بمناسبة عيد الأضحى».

وأكد الإبراهيمي: «إننا نتعامل مع هذه المشكلة المعقدة (الوضع السوري) على أساس الأفكار المتعددة، وخاصة اتفاق جنيف وخطة أنان، علما بأن اتفاق جنيف أجمع عليه الكل، ونحن نركز عملنا على إيقاف نزيف الدم»، لافتا إلى أن «كل الدول ترفض ما يحدث، وهناك إجماع على ضرورة إيقاف القتل، لكن المشكلة هي في أن كل واحد يحمل الطرف الآخر مسؤولية ما يجري». وردا على سؤال عن تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية ومشاركة حزب الله في القتال في سوريا، أجاب: «ما من أحد حدثني عن ذلك».

من ناحيته، آمل الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن «يتم إيجاد حل سلمي للأزمة في سوريا عبر الحوار وبعيدا من أي تدخل عسكري خارجي»، مشددا على «أهمية حل موضوع اللاجئين بما يسمح بعودتهم بعد بلورة صورة الحل السياسي»، كما جدد تأكيد التزام لبنان «إعلان بعبدا القاضي بتحييده عن صراعات الآخرين وعدم سماحه بإقامة مناطق عازلة وانطلاق المسلحين والسلاح».

وفي سياق متصل، قالت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن «الإبراهيمي لم يحمل أي رسائل إلى الرئيس سليمان، الذي بدوره لم يحمله رسائل محددة»، مشيرة إلى أن الإبراهيمي «وضع الرئيس سليمان في أجواء الاتصالات التي أجراها خلال جولته في المنطقة في السعودية وتركيا وإيران ومصر». وأوضحت أن «الإبراهيمي أكد أن جميع هذه الأطراف أجمعت على وجوب إيجاد حل لأزمة سوريا، لكن حتى اللحظة لا توجد أي آلية أو تصور عملي لما سيكون عليه هذا الحل، وما مقوماته»، مشيرة إلى أنه «ليس واضحا لدى الإبراهيمي بعد على ماذا سيتم الحوار الذي تريده الأطراف كافة وما مضمونه».

وفي موازاة تخوف النظام السوري من أن تمكن فترات التهدئة المعارضين من «التسلح أكثر»، شككت المعارضة السورية، ممثلة بقياديين عسكريين وفي المجلس الوطني السوري، في التزام سوريا أي هدنة خلال عيد الأضحى. وفي هذا الإطار، أوضح نائب رئيس الأركان في «الجيش الحر»، العقيد عارف الحمود، لـ«الشرق الأوسط»، أن «كتائب (الجيش الحر) تقاتل النظام منذ بدأ بقتل المدنيين في بداية الثورة، وتعمل على التزود بالسلاح من خلال ما تغنمه من قبل الجيش النظامي». وأشار إلى أن «تغيير موازين القوى لن يتم خلال يوم أو اثنين من الهدنة»، مؤكدا: «إننا لا ننتظر من يسلحنا من الخارج، ونحن نقاتل بأسلحتنا وبما نحصل عليه خلال المواجهات مع الجيش النظامي، خصوصا خلال الأسبوع الأخير، حيث استولينا على كمية كبيرة من الأسلحة في منطقة إدلب».

وفي حين قال الحمود إنه «بعد خبرتنا مع هذا النظام، نجزم بأنه لن يلتزم أي هدنة، خصوصا أنه سبق أن ارتكب المجازر خلال أعياد سابقة»، مؤكدا: «إننا نحترم حرمة الأعياد ورمزيتها الدينية، لكن النظام وخلال أربعة أعياد سابقة منذ بدء الثورة لا يقيم وزنا لأي حرمة أو وقت» - اعتبر عضو «المجلس الوطني السوري»، أديب الشيشكلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي وقف للقتل من قبل النظام مرحب به من قبل المعارضة، لأنه يوقف زهق أرواح المدنيين»، مشيرا في الوقت عينه إلى أن «النظام السوري يدرك جيدا أن الشعب السوري قادر على القضاء عليه متى توقف عن قصفه بالمدفعية وبراميل الـ(تي إن تي)».

في موازاة ذلك، جددت سوريا على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، التأكيد على أن «سوريا أبدت التزامها مبادرات عربية وأممية، وكان الجانب الذي أفشلها هو المجموعات المسلحة والدول التي لها تأثير عليها»، مشيرا إلى أن أي مبادرة، بغض النظر عن نوعها، تحتاج لكي تنجح إلى التزام الأطراف بها». وأضاف أن «الجانب السوري بانتظار قدوم الإبراهيمي إلى سوريا للاستماع منه إلى نتائج جولته في الدول التي زارها، ومنها الدول التي لها تأثير معلن على الجماعات المسلحة».

لكن الشيشكلي جزم بأن «النظام السوري لا يريد لأي مبادرة أن تنجح، وهو يخاف من الثورة السورية، سواء أكانت سلمية أم مسلحة»، معتبرا أنه «بات واضحا أن عدم مد (الجيش الحر) بالذخيرة والسلاح ساهم في تأخير تفوقه على الجيش النظامي ودفع النظام للإمعان أكثر في قتل المدنيين».

وعن ترحيب سوريا بالطروحات الإيرانية التي نصت على فترة انتقالية في سوريا برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد ووصفها بأنها «نبيلة»، قال الشيشكلي: «نحن لم نر أي خطوة نبيلة من إيران، بل رأينا الدعم للنظام السوري بالسلاح والعتاد وحتى الرجال، فعن أي طروحات نبيلة يتحدثون؟»، معتبرا أن «الشعب السوري لا يرى في الطرح الإيراني طرحا محايدا، بل يعتبره صادرا عن النظام السوري».

من جهتها، أعربت تركيا أمس عن دعمها لخطة الهدنة، وقال وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، في مقابلة مع تلفزيون «آي هابر»: «من حيث المبدأ، نعتبر أنه من المفيد إعلان هدنة أثناء عطلة عيد الأضحى».

بينما نقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن رئيس الوزراء التركي، طيب أردوغان، قوله خلال حديثه للصحافيين لدى عودته إلى أنقرة قادما من باكو، حيث أجرى محادثات مع أحمدي نجاد: «اقترحنا منظومة ثلاثية هنا. قد تتألف هذه المنظومة الثلاثية من تركيا ومصر وإيران»، وأضاف: «هناك منظومة ثانية قد تتكون من تركيا وروسيا وإيران. وثمة منظومة ثالثة قد تضم تركيا ومصر والسعودية».