رؤساء «الترويكا» يقيمون أداءهم في الذكرى الأولى للانتخابات التونسية بعد الثورة

حمادي الجبالي: تأخير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيعرض البلاد للمخاطر

TT

في أجواء اتسمت بانقسام الشارع التونسي والقيادات السياسية بين تأكيد المعارضة على نهاية الشرعية الانتخابية بحلول يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول)، وبين دعوة الائتلاف الثلاثي الحاكم التونسيين إلى الاحتفال بمرور سنة على إجراء أول انتخابات تونسية حرة، حضر أمس الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي) تحت قبة المجلس التأسيسي (البرلمان) وألقوا كلمات متتالية كشفت عن محاولات تقييم ذاتي لأداء كل مؤسسة من المؤسسات الثلاث مع اتفاق الرؤساء الثلاثة، ممثلي الترويكا الحاكمة، حول مجموعة من النقاط في تقييم الواقع السياسي والاجتماعي والأمني من بينها التخلص من النظام الديكتاتوري، واختلافهم في نقاط أخرى من بينها عدم التوصل لتحقيق الكثير من أهداف الثورة التونسية.

وكان الاتفاق واضحا على ضرورة تجاوز أزمة الشرعية الانتخابية التي تمسكت بها المعارضة ودعوتها إلى تعويضها بشرعية توافقية كما أن تقييم أداء الرئاسات الثلاث كشف عن عدم رضا حول ما تحقق إلى حد الآن بعد سنة من إجراء أول انتخابات حرة في تونس.

فقد تطرق مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي إلى ما سماها «جيوب الردة» داخل المجلس وقدم جملة من الأرقام وعدد المجهودات التي بذلها المجلس الوطني التأسيسي وتحدث عن أهم المحطات التي مر بها والأفكار التي طرحها. وقال إن المرحلة الماضية المقدرة بنحو السنة قد عرفت صعوبات مختلفة وكانت «مرحلة التوافقات بامتياز» ودعا إلى ضرورة توسيع رقعة التوافقات خلال المرحلة القادمة. وذكر بضرورة إرساء دعائم التنمية العادلة وإعادة الاعتبار للفئات الاجتماعية المهمشة، وقال إن صبر التونسيين قد نفد وإن الحل بيد الشعب، على حد قوله.

وبشأن كتابة الدستور التونسي الجديد، قال بن جعفر إن الأمر كان بالإمكان أن يوكل إلى لجنة خبراء عوض عرض مشاريع خلافية داخل المجلس التأسيسي. وقال إن الدستور الجديد سيكفل مبدأ التداول السلمي على السلطة وإنه دستور الحاضر والمستقبل. وقال إن المجلس التأسيسي سيصادق في القريب العاجل على القانون المنظم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات على أن تبدأ في تحضيرات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وخفض المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي من حالة التفاؤل ودعا إلى تكثيف المشاورات السياسية بين مختلف الأطياف السياسية، وقال إن تونس اليوم لا يمكن أن تتحدث عن نجاحها في تحقيق أهداف الثورة واعتبر الوضع الحالي غير مرض وأن الحكومة تحملت المسؤولية في أصعب الظروف ولكنها لم تتمكن من تحقيق وعودها بالتنمية وحل معضلة البطالة. وأضاف المرزوقي أن الدستور الجديد سيضمن أركان الدولة المدنية والنظام التعددي وأن الدستور سيكون موجها للخدمة الأجيال القادمة وليس الانتخابات القادمة على حد تعبيره. وحذر المرزوقي مما سماها ظاهرة «الخوف والفتنة» التي قد تدب في صفوف التونسيين. ودعا إلى إيقاف مظاهر الشيطنة والتحريض والقدح في الأشخاص وقال إن السجال السياسي مطلوب ولكن له حدود، وحذر من مظاهر الاستقطاب السياسي الثنائي، واعتبر أنها تمثل خطرا على المناخ الديمقراطي في تونس في إشارة إلى المنافسة الحادة بين التيار الإسلامي الذي تقوده حركة النهضة والتيار الليبرالي الذي تمثله حركة نداء تونس.

ومن ناحيته، قيم حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الفترة الماضية من عمل الحكومة التي ترأسها منذ يوم 27 ديسمبر من السنة الماضية ونبه بصفة ملحوظة على ضرورة الخروج من كل أشكال الانزلاق السياسي، وقال إن تأخير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة سيعرض البلاد للمخاطر وحمل المجلس التأسيسي المسؤولية التاريخية مما سماه «تباطؤ ودفع البلاد إلى التأزم» وقال إن هذا الوضع سيقود إلى الدخول في عالم مجهول لا أحد يقدر عواقبه، وقال إن حكومته عندما تسلمت قيادة البلاد كانت تدرك أن ملفات عويصة في انتظارها من بينها ملف البطالة والتنمية وعاد ليؤكد على الأرقام الإيجابية التي سجلتها تونس في فترة زمنية قياسية، حيث مرت نسبة النمو من 1.8 في المائة تحت الصفر إلى 3.5 في المائة حسب توقعات السنة الجارية. وقال: «يجب ألا تغيب عنا هذه النظرة التنموية لتونس».

ومن نقاط قوة الفترة الماضية ذكر حمادي الجبالي باتفاق التونسيين حول النظام السياسي الذي سيكون رئاسيا معدلا كما تطرق إلى الاتفاق المبدئي حول تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وقال إن هذا الأمر سينقل البلاد من المرحلة المؤقتة إلى المرحلة الشرعية الدائمة أو الرسمية وسيفتح صفحة جديدة من تاريخ تونس.