تعزيزات عسكرية في عملية احترازية تحسبا لأعمال عنف

مصادر في وزارة الدفاع التونسية نفت ما ورد حول التحضير لانقلاب عسكري

TT

غذى الانقطاع المفاجئ لبث القنوات التلفزيونية التونسية في وقت واحد ليلة يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي مخاوف التونسيين من إمكانية انزلاق البلاد في حالة من الفوضى على خلفية مطالبة الأقلية المعارضة بإنهاء شرعية الحكومة والمجلس التأسيسي (البرلمان) المنبثقين عن أول انتخابات ديمقراطية في تونس. وكانت هذه الخطوة مسبوقة بتعزيزات عسكرية دفعت بها وزارة الدفاع إلى أهم مفاصل الدولة التونسية، حيث زادت أعداد السيارات العسكرية وبدا أن تونس مقدمة على حالة أمنية غير عادية بحلول يوم أمس.

وشهد وسط العاصمة التونسية بالخصوص وبدءا من نهاية الأسبوع تعزيزات عسكرية وعادت الأسلاك الشائكة من جديد لتطوق أهم المباني من بينها وزارة الداخلية في خطوة أرجعت لأذهان التونسيين الأيام الأولى للثورة ضد نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وذكرت مصادر من مكتب الإعلام بوزارة الدفاع التونسية أن الجيش قد أعاد انتشاره في محيط مؤسسات الدولة وبعض مقرات أهم الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والهياكل الدستورية ومن بينها مبنى المجلس التأسيسي الذي أحيط بأكمله بأسلاك شائكة، ولكن العملية احترازية تستبق ما قد يحدث من أعمال عنف وشغب بحلول يوم 23 أكتوبر، إلا أنها خففت من أمر تلك التعزيزات ونفت نفيا قاطعا الحديث عن التحضير لانقلاب عسكري مثلما ورد في بعض التقارير الإعلامية وأعادت نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط» موقف المؤسسة العسكرية مما يدور من جدل حول الشرعية الانتخابية وقالت إن الجيش يعمل داخل الثكنات وهو يقف على الدوام على نفس المسافة بين مختلف الفرقاء السياسيين وهو في منأى عن التجاذبات السياسية مهما كان مأتاها، وقالت إنها ستلتزم الحياد وتدافع عن كيان الدولة التونسية ومؤسساتها تماما مثلما كان الأمر في بداية الثورة وعند الإطاحة بالنظام السابق.

وكانت المؤسسة العسكرية عرضة لحملة تشكيك من قبل عائلات شهداء وجرحى الثورة وذلك بعد تحويل ملفاتها من القضاء العادي إلى القضاء العسكري والبطء الملحوظ في فض معظم تلك الملفات الشائكة. وكان الرؤساء الثلاثة قد دافعوا عن المؤسسة وأشادوا بخصالها. وكان راشد الغنوشي قد انتقد قبل يومين في خطاب أمام حشد من مناصري حركة النهضة في أحواز العاصمة التونسية من يدعون الجيش إلى الانقلاب على الشرعية والاستيلاء على السلطة وقال إن «الجيش سور للوطن نحتمي به أيام المجن» على حد تعبيره. وأضاف أن الجيش التونسي ليس لعبة في أيدي بعض الأطراف وليس مرتزقة لدى الأحزاب وقال إن «العاجزين وحدهم يطالبون الجيش بالتدخل».

يذكر أن المؤسسة العسكرية التونسية لم تتعود على التدخل في الشأن السياسي وقد دأبت على العمل خارج أسوار السياسة وكان الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق قد حدد هامش تحركها بعد الاستقلال عندما قال إن المكان الطبيعي للجيش هو داخل الثكنات العسكرية.