منظمة العفو الدولية: حقوق الإنسان في تونس «تعود إلى الوراء على يد الحكومة الحالية»

قلقة رغم اعترافها بأن تدابير اتخذت من قبل السلطات للتصدي لإرث الانتهاكات

متظاهرون تونسيون يهتفون بسقوط الحكومة ويبدو رجال الشرطة في مواجهتهم في العاصمة أمس (ا.ف.ب)
TT

حذرت منظمة العفو الدولية أمس من أن التقدم الذي سجل في مجال حقوق الإنسان منذ إسقاط الرئيس السابق زين العابدين بن علي في تونس يتراجع على يد الحكومة الإسلامية الحالية، مشككة في التزام هذه الحكومة بالإصلاح.

وقالت المنظمة في بيان أصدرته بمناسبة مرور عام على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 إن «التقدم في مضمار حقوق الإنسان الذي أعقب إسقاط زين العابدين بن علي (...) يشهد اليوم عودة إلى الوراء على يد الحكومة الحالية» التي تقودها حركة النهضة الإسلامية. وأضافت أن ذلك «يثير الشكوك حول مدى التزامها بالإصلاح»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابعت المنظمة أن الحكومة الحالية «اختارت أن لا تحافظ على المبادرات» الإصلاحية التي اتخذتها قبلها حكومة تسيير الأعمال الانتقالية. وذكرت أن حكومة تسيير الأعمال الانتقالية «حققت تقدما مهما على طريق الإصلاح بما في ذلك التصديق على معاهدات دولية مهمة لحقوق الإنسان (...) والإفراج عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي المحتجزين منذ ما قبل الانتفاضة». كما أنها «سنت قوانين جديدة بشأن حرية الصحافة، وأزالت القيود المفروضة على تأسيس الجمعيات».

وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «نعترف بأن تدابير اتخذت من قبل السلطات للتصدي لإرث الانتهاكات والسير قدما إلى الأمام».

لكنها أضافت أن هذه التدابير «لم تمضِ بعيدا وثمة علامات تبعث على القلق اليوم بأن هذه الإصلاحات التي يحتاج إليها التونسيون بصورة ماسة وغيرها من الإصلاحات، قد تواجه مخاطر الردة».

وتابعت: «في الأشهر الأخيرة تزايدت القيود المفروضة على حرية التعبير بينما استهدف صحافيون وفنانون ومنتقدو الحكومة وكتاب ومدونون تحت ستار الحفاظ على النظام العام والأخلاق العامة».

وأضافت أن «من لحقت بهم الإصابات وعائلات من لقوا مصرعهم أثناء الانتفاضة يشعرون أن الحقيقة لم تظهر للعيان وطمست وهم ينتظرون تحقيق العدالة والإنصاف».

وقالت صحراوي: «بدا أيضا أن السلطات التونسية عاجزة أو غير راغبة، في حماية الأفراد من هجمات على أيدي جماعات يعتقد أنها تنتمي إلى التيار السلفي».

وأضافت: «خلال العام الذي انقضى منذ انتخاب الجمعية الوطنية التأسيسية، تلقت منظمة العفو الدولية تقارير بشأن تعرض تونسيين للتعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة، والكثير منهم من محتجين زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء المظاهرات وعند القبض عليهم أو في مراكز الاحتجاز».

وتابعت: «في مؤشر آخر يبعث على القلق، رفضت الحكومة التونسية الجديدة مؤخرا توصية لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أثناء المراجعة الدورية العالمية لسجل تونس، بإلغاء الأحكام المتبقية من القانون التونسي التي تميز ضد المرأة وإلغاء عقوبة الإعدام، وعدم تجريم العلاقات الجنسية المثلية». واعتبرت أن «تونس على مفترق طرق ولا بد للسلطات من استغلال الفرصة التاريخية المتاحة ومواجهة الإرث المؤلم من انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان في ما مضى وتكريس حقوق الإنسان العالمية في القانون والممارسة العالمية على طريق تحقيق حكم القانون وترسيخه في تونس الجديدة».

ورأت أن «الدستور الجديد الذي ستنتهي صياغته في الأشهر المقبلة يشكل اختبارا حاسما سيبين ما إذا كانت مرساة تونس قد استقرت حقا في ميناء حقوق الإنسان وحكم القانون».