تونس: نقاط خلاف قد تؤخر المصادقة على مسودة الدستور الجديد

تضم 170 فصلا موزعة على 6 أبواب مستقلة

TT

انطلق المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) في قراءة عامة لمسودة الدستور الجديد على أن يعرض ضمن قراءة تفصيلية فصلا فصلا خلل الفترة المقبلة. واعتبر موضوع صياغة الدستور التونسي الجديد ولا يزال موضع خلاف بين الحساسيات السياسية التونسية، ومثل عدم التوصل إلى إنهاء كل عملية الصياغة بعد مرور سنة على إجراء أول انتخابات في تونس يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، أحد عوامل التوتر بين الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة. ولكن أجواء التوتر كانت بادية بين التيار الديمقراطي (اليسار على وجه الخصوص) والتيار الديني الذي توصل إلى الفوز عليه في انتخابات المجلس التأسيسي بفارق قياسي في الأصوات الانتخابية.

وتضم مسودة الدستور الجديد 170 فصلا موزعة على 6 أبواب مستقلة. ومن المنتظر اختصارها خلال المناقشات لتصبح في حدود 100 فصل أو 110 فصول على أقصى تقدير.

وعلى الرغم من تجاوز إشكالية الهوية في الفصل الأول من مسودة الدستور التونسي الجديد والاحتفاظ بالفصل نفسه الوارد بدستور سنة 1959 الذي يقول إن تونس جمهورية دينها الإسلام ولغتها العربية، فإن مخاوف عديدة لا تزال تساور بعض الفئات الاجتماعية وقد نبهت في أكثر من مناسبة إلى إمكانية تهديد الحريات ومن بينها حرية الإبداع والتعبير وحرية المرأة وذلك بوصول الأحزاب الإسلامية إلى السلطة ووجود سيناريوهات بمواصلة سيطرة تلك الأحزاب على السلطة خلال الفترة المقبلة.

وتتفق منظمات حقوقية دولية مع الهياكل الحقوقية التونسية في الدعوة إلى ضرورة التفرقة بين حرية التعبير وحماية المقدسات. ويدور الجدل بين الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة حول الفصل الثالث من الدستور الذي ينص على أن «الدولة تضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وتجرم كل اعتداء على المقدسات الدينية»، وتعتبر المعارضة أن هذه الصياغة تهدد حرية التعبير. وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» قد نبهت المجلس التأسيسي التونسي في مراسلة سابقة إلى أن الفصل 22 من مسودة الدستور الجديد تضمن عدم التفرقة بين التونسيين في الحقوق والواجبات إلا أنها تتناقض مع فصل آخر يشير إلى أن «الترشح لرئاسة الجمهورية قاصر على المسلمين وحدهم». وكانت منظمة العفو الدولية عبر فرعها في تونس قد توجهت إلى المجلس التأسيسي بعشرة مطالب إنسانية من بينها إلغاء عقوبة الإعدام وضمان عدم التمييز بين التونسيين.

كما تتضارب الآراء حول مفهومي التكامل والمساواة اللذين تضمنهما الفصل 28 من الدستور الجديد حول العلاقة بين الرجل والمرأة. وكانت منظمات نسائية قد أشارت إلى أن هذا الفصل يهدد مكاسب المرأة التونسية ونبهت إلى ضرورة الإقرار بالمساواة التامة بين الجنسين. وقد تظاهر الآلاف من التونسيين في عدد من الولايات (المحافظات) التونسية وطالبوا بإدراج مبدأ «المساواة» بين الجنسين بدلا عن «التكامل» بينهما داخل الأسرة، ضمن الدستور الجديد.

وفي هذا السياق، قال لطفي عزوز رئيس الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية إن مثل تلك المكاسب ليست للمزايدة السياسية وإنه على الدستور التونسي الجديد أن ينص عليها بنصوص واضحة لا تقبل أي تأويل. ويدور جدل واسع حول دعوة أعضاء بالمجلس التأسيسي إلى إضافة فصل في الدستور يجرم أي «تطبيع» مع «الصهيونية والدولة الصهيونية»، وقد تمسك العديد من الأحزاب السياسية التونسية بالدعوة إلى ضرورة تجريم التطبيع مع الإسرائيليين.

ولا تزال مختلف تلك الفصول القانونية محل جدل بين الفرقاء السياسيين في المشهد السياسي التونسي. وفي هذا الشأن يدعم بلقاسم حسن الأمين العام لحزب الثقافة والعمل فكرة تجريم التطبيع ويقول إن «التطبيع مع العدو من الجرائم التي لا تغتفر، ولا يمكن للتونسيين ولكل الأحزاب السياسية أن تقبل بهذا الأمر، وعلى الدستور التونسي أن يشير إلى ذلك بكل وضوح».

وترى منظمات حقوقية دولية أن الفصل 17 الذي ينص على أن «احترام المعاهدات الدولية واجب في ما لا يتعارض مع أحكام هذا الدستور» ربما يغري القضاة والمشرعين بتجاهل تلك المعاهدات بذريعة أنها تناقض الدستور الجديد.