قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي: ندرك حجم الضرر ولكن للأسف التقشف مستمر

خلال جلسة على هامش جلسات البرلمان الأسبوع الحالي في ستراسبورغ

خوسيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية خلال جلسة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (إ.ب.أ)
TT

جرى نقاش داخل البرلمان الأوروبي حول نتائج اجتماعات قادة دول التكتل الموحد في بروكسل الأسبوع الماضي، وخلال جلسة على هامش جلسات البرلمان الأسبوع الحالي في ستراسبورغ، أطلع رئيس مجلس الاتحاد هرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية مانويل باروسو، أعضاء المؤسسة التشريعية العليا في الاتحاد، بتفاصيل المناقشات وأهم ما خرجت به القمة الأوروبية من قرارات على طريق التعامل من جانب المؤسسات والدول الأعضاء، لمواجهة أزمة منطقة اليورو.

وبعد ساعات من إعلان الكونفدرالية الأوروبية للنقابات العمالية عن تحديد منتصف الشهر المقبل للاحتجاجات في كل دول الاتحاد ضد السياسات الاقتصادية، وخاصة خطط التقشف، وأمام الأعضاء في البرلمان الأوروبي اعترف كل من فان رومبوي وباروسو بالمعاناة التي ألحقتها الأزمة بملايين الأوروبيين، وأكدا على الحاجة الماسة لتعزيز التنمية من أجل منحهم الأمل.

وقال باروسو: «الحقيقة هي أن الأزمة لا تزال قائمة، وينعكس ذلك في صورة الركود والبطالة، اللتين وصلتا لمستويات مقلقة بشكل كبير قد تؤثر على الاندماج المجتمعي، وأنا أشعر بآلام ذلك الموقف التي يعاني منها كثير من الأوروبيين».

وأوضح أن الأولوية يجب أن تكون لصالح دفع التنمية «من منطلق العدالة» وبهدف إيجاد «أمل» للمواطنين، وذلك في كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبي. وذكر أن «في عدد من الدول الأعضاء يبذل المواطنون تضحيات عظيمة بسبب الوضع الناتج عن الديون المبالغ فيها التي يتحملها القطاع العام، وكذلك السلوك المالي غير المسؤول للقطاع الخاص».

وفي نفس السياق، شدد فان رومبوي على أن الاتحاد الأوروبي يعاني بسبب ضعف التنمية، معترفا بأن المشاريع المنتظرة بالنسبة للعام المقبل «متواضعة كثيرا». وأبرز قائلا: «أدرك جيدا حجم الضرر الكبير الذي لحق بمجتمعاتنا، والتقشف في بعض الدول عصيب للغاية ومستمر لفترة أكبر مما كان متوقعا».

وأشار إلى أنه في جميع الحالات، فإن تقليص العجز المالي لدى دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك العودة للتنافسية «كان أمرا ضروريا بغض النظر عن الأزمة في منطقة اليورو».

وجاء ذلك بعد أن أظهرت إحصائيات صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) أن الناتج المحلي الإجمالي لحكومات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شهدت ارتفاعا من 80 في المائة بنهاية عام 2010 إلى 82.5 في المائة نهاية عام 2011.

ولفتت الإحصاءات إلى أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي ارتفعت في 17 دولة من دول الاتحاد من 85.4 في المائة في نهاية عام 2010 إلى 87.3 في المائة في نهاية عام 2011. وسجلت نسب الديون الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي في 14 دولة أعلى من 100 في المائة وعلى رأسها اليونان بنسبة (170.6 في المائة) وإيطاليا (120.7 في المائة) والبرتغال (108.1 في المائة).

وقد تم تسجيل أقل نسب لهذه الديون في إستونيا (6.1 في المائة) وبلغاريا (16.3 في المائة) ولوكسمبورغ (18.3 في المائة).

وكشفت الأرقام عن أنه في الإجمال شهدت 6 من دول الاتحاد الأوروبي تحسنا في نسبة الدين عام 2011 عما كان عليه في 2010، بينما تراجع العجز الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول الـ17 لمنطقة اليورو من 6.2 في المائة في 2010 إلى 4.1 في المائة في 2011 كما تراجع في الدول الـ27 العضو في الاتحاد من 6.5 في المائة إلى 4.4 في المائة في فترة المقارنة نفسها.

ولفت «يوروستات» إلى أن 17 من دول الاتحاد الأوروبي سجلت عجزا مقابل ناتج محلي إجمالي يعد أعلى من السقف الذي وضعه الاتحاد، البالغة نسبته 3 في المائة على رأسها آيرلندا (- 13.4 في المائة) وكل من اليونان وإسبانيا (- 9.4 في المائة) والمملكة المتحدة (- 7.8 في المائة).

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي أولوية مكافحة ظاهرة تفشي الفساد الذي يتسبب في ضعف مصداقية إيطاليا وقدرتها التنافسية في السوق الاقتصادية العالمية. وقال مونتي في تصديره لـ«كتاب أبيض» أصدرته حكومته كتقرير لتحليل ظاهرة الفساد وأبعادها المتشعبة إن «تفشي ممارسات الفساد يزعزع ثقة الأسواق والشركات العالمية في إيطاليا وينفر الاستثمارات الخارجية»، وهو ما يفقد القدرة التنافسية للبلاد، من بين «تداعيات الفساد المتعددة».

وبينما أثنى على جهود وزرائه المختصين في إعداد مشروع قانون مكافحة الفساد الذي أقره مجلس الشيوخ جزئيا، الأسبوع الماضي، أكد رئيس الوزراء أن حكومته تبنت مكافحة الفساد باعتباره إحدى أولوياتها الرئيسية.

وشدد على أن التصدي للفساد و«كما توصي المنظمات الدولية المنخرطة في هذه الجبهة الحساسة» يمر عبر استراتيجية متكاملة تستلزم صياغة وتطبيق سياسة تهدف في ذات الوقت إلى منع وقوع الفساد من ناحية، وقمعه من ناحية أخرى. وأكد في هذا الصدد الأهمية الخاصة للسياسة الوقائية الرامية إلى التأثير على أسباب الفساد والظروف التي تتيحه باعتماد تدابير ذات طابع إداري. وقدر التقرير الحكومي تكلفة الفساد بالمليارات من اليورو التي تتحملها الخزانة العامة على سبيل المثال في قطاع المشاريع الكبرى، التي تزداد تكاليفها بنحو 40 في المائة، بواسطة الرشى والفساد الذي تصل كلفته العامة إلى نحو 1500 يورو سنويا لكل مواطن إيطالي.

وتعد إيطاليا من أكثر الدول التي يتفشى فيها الفساد، حيث تقع وفق تصنيف هيئة الشفافية الدولية في المرتبة 69، بينما يصنفها آخر تقدير للبنك الدولي حول مستوى الفساد بين أكثر الدول الأوروبية فسادا.

وكشف تقرير أخير لديوان المحاسبة الإيطالي عن تفاقم الفساد في دوائر الدولة، وتفشي ظاهرة التهرب الضريبي الأوسع في أوروبا بعد 20 عاما من الكشف عن أكبر فضائح الفساد المعروفة بـ«الأيدي النظيفة»، مقدرا تكلفة الفساد في الإدارة الحكومية بأكثر من 60 مليار يورو سنويا، وعن اليونان، توقع الاتحاد الأوروبي أن تتوصل اليونان والجهات الدائنة لها إلى اتفاق في غضون أيام حول الإصلاحات التي ينبغي أن تلتزم بها أثينا للحصول على الدفعة المقبلة من أموال خطة الإنقاذ.

وتحتاج اليونان إلى الدفعة المقرر لها منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتقدر قيمتها بـ31.5 مليار يورو (41.2 مليار دولار) لتجنب الإفلاس. وقال سيمون أوكنور المتحدث باسم مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي أولي رين في بروكسل: «نحن حاليا في مرحلة استكمال العمل الفني مع السلطات اليونانية المتعلق بآخر الإجراءات المالية والهيكلية التي يتعين أن نتوصل إلى اتفاق بشأنها».

وأضاف أنه «يجب حدوث هذا خلال الأيام المقبلة». ويتعين أن يوافق وزراء المالية الأوروبيون وصندوق النقد الدولي على الاتفاق الفني، قبل أن يتم صرف الأموال في نفس الصدد. وتعتزم قبرص دعوة الدائنين الدوليين لعقد مفاوضات نهائية بشأن خطة إنقاذ شاملة. وعلى الرغم من أنه من غير المعروف حتى الآن متى ستتم زيارة ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، فإن السلطات القبرصية تقول إنها تريد التوصل إلى اتفاقية معهم قبل اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال المتحدث باسم الحكومة ستيفانوس ستيفانو للصحافيين إن حكومة بلاده سوف ترسل مقترحاتها لترويكا الدائنين قريبا، وتدعوهم لاستكمال المفاوضات بشأن الاتفاقية. وسوف تتبع قبرص خطى كل من اليونان وآيرلندا والبرتغال في الحصول على أموال إنقاذ بسبب تعرض نظامها المصرفي بشدة لقروض اليونان. وطلب الدائنون من قبرص خفض مرتبات موظفي القطاع العام، وهي من بين أعلى مرتبات في منطقة اليورو، كما طلبوا تنفيذ الحكومة القبرصية خطة خصخصة وإنشاء بنك لسحب الديون المتعثرة من القطاع المصرفي. لكن الحكومة القبرصية تقول إنها سوف تقاوم المطالبة بالخصخصة، وتقترح خفضا لمرتبات العاملين في القطاع العام يتراوح بين 6.5 في المائة و12.5 في المائة.

وقال ستيفانو إنه سيكون هناك ثمن للإنقاذ لكن الحكومة تسعى لجعل هذا الثمن يمكن تحمله بمساعدة الآخرين.