وزارة العدل تباشر أولى خطوات منح المرأة السعودية رخصة المحاماة

في حين بلغت القضايا النسائية في المحاكم 45%

TT

باشرت وزارة العدل في السعودية أولى خطواتها لتهيئة المناخ اللازم لمنح المرأة السعودية رخصة ممارسة مهنة المحاماة، حيث انتقلت الإدارة العامة للتراخيص من مقر الوزارة إلى مبنى مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء الذي سيشهد تخصيص مكاتب نسائية خاصة لإنهاء معاملات المتقدمات.

وأشارت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللائحة النظامية، الجاري وضع لمساتها النهائية، تقضي بمنح المرأة رخصة المحاماة خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تقدمها بالطلب، على أن تكون مستوفية للشروط، التي من أهمها وجود ثلاث سنوات من الخبرة إذا كانت حاملة للبكالوريوس وعامين في حال حصولها على شهادة الماجستير، في حين ستكون مستثناة من شهادة الخبرة إذا حصلت على شهادة الدكتوراه.

ومن المتوقع أن يلهب دخول المرأة مجال المحاماة وتمكنها من المرافعة من سوق المنافسة القانونية التي ظلت مقتصرة على الرجال خلال الفترة الماضية، في الوقت الذي تكشف فيه الأرقام عن أن 45% من منظورات المحاكم الشرعية قضايا تخص النساء. وبحسب ماجد قاروب عضو اللجنة الوطنية للمحامين، فإن «المرأة الحقوقية بطبيعتها تميل إلى العمل في مجال التخصصات القانونية المكتبية، حيث إن 70% من المحامين المتخصصين بقضايا العلامات التجارية وبراءات الاختراع والحقوق الفنية والتراث هم من السيدات». وأشار قاروب، الذي سبق أن رأس اللجنة الوطنية للمحامين وعمل في الاتحاد الدولي للمهنة، إلى أن «المرأة يمكن لها أن تنشط في الترافع حول الخلافات الخاصة بقضايا النفقة والولاية والميراث والوصاية، المندرجة ضمن دعاوى الأحوال الشخصية، في الوقت الذي تؤكد فيه تقديرات الاتحاد الدولي للمحامين أن نسبة كبرى من أطراف الدعوى في مختلف دول العالم يختارون المرأة للدفاع في هذا المجال نظرا لما تمتلكه من عاطفة وغريزة وعلم».

ولفت قاروب إلى أن «مكاتب المحاماة السعودية التي ستستقبل النساء الحقوقيات وتهيئ لهن المناخ المناسب والترقي المهني، ستستفيد بارتفاع كفاءتها المهنية عن درجتها الحالية التي تعاني عدم الاستقرار، بسبب عدم اتضاح الرؤية للمحامين المتدربين، من خلال عدم غرس أخلاقيات ومبادئ المهنة فيهم، بالصبر على مهنة تحتاج للوقت والاستعداد لمضي سنوات قبل تحقيق المكاسب الشخصية».

وقالت الحقوقية ميرفت السجان: «إن قرار السماح للمحاميات السعوديات بالعمل في الترافع أمام المحاكم ضرورة حتمية، ومطلب مهم تفرضه متطلبات الحياة، حيث تطورت القوانين والتشريعات التي تنظم حياة الأفراد وتحمي حقوقهم العامة والخاصة»، واصفة منح المرأة رخصة المحاماة بالواجب الشرعي والاحتياج المجتمعي «لتوفير الحماية العدلية لحقوق المرأة ربة البيت والعاملة والوارثة، حيث تعج المحاكم بالكثير من القضايا النوعية النسائية التي تحتاج فيها المرأة المتضررة إلى امرأة مثلها في الطبيعة والتفكير، محامية وقانونية، تستأنس باستشارتها وتترافع عنها بلسانها بعد أن علمت جميع مداخل الضرر التي تعرضت لها موكلتها».

وذكرت السجان أن «قرار السماح للمرأة بممارسة المحاماة أتى متأخرا جدا، إلا أنه يظل قرارا إيجابيا، من المنتظر أن يعمل على تطوير مرفق القضاء ويمهد لتوفير البيئة القانونية الصحية في المحاكم، ويمكن المرأة المحامية من مزاولة مهنتها بصلاحيات كاملة دون معوقات اجتماعية أو تنظيمية قد تحبط قيمة القرار وتؤجل فعاليته». من جهتها، كشفت العنود البرقان، عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة طيبة في المدينة المنورة، عن «إنقاص بعض المحامين لحقوق الفتيات المتدربات لديهم في مكاتبهم وفرض اشتراطات محبطة، أبرزها عدم منح راتب أو مكافأة أثناء التدريب، وضعف النسبة الممنوحة لهن من جلب القضايا التي لم تكن تتجاوز في بعض الحالات نسبة الـ5%».

وأشارت البرقان، المتخصصة في القانون التجاري، إلى أن «المرأة قادرة على إثبات نفسها وقدرتها في مهنة المحاماة، خصوصا في مجال صياغة العقود والاستشارات والأعمال المكتبية والنزاعات التجارية ودعاوى الأحوال الشخصية»، مؤكدة أن «دخولها في قضايا التحكيم محل جدل، حيث يرفض البعض دخولها رغم عدم وجود موانع شرعية».

ولفتت البرقان إلى أن «المرأة قد تعاني في البداية عند مباشرتها أعمال المرافعات الشرعية بعض العراقيل والصعوبات، لكنها ستتفوق عليها في النهاية»، منبهة إلى «أهمية إنشاء مراكز تدريب معتمدة لخريجات القانون».