تقرير دولي: سياج إسرائيلي جديد في الخليل يفرض مزيدا من القيود

طوله 500 متر ويحمي المستوطنين في «شارع الصلاة» على حساب حياة 70 عائلة

TT

قالت الأمم المتحدة إن بدء السلطات الإسرائيلية بناء سياج لطريق «الصلاة» المخصص للمستوطنين في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية «يفرض مزيدا من القيود على الفلسطينيين الذي يسعون للوصول إلى الخدمات في المنطقة، إذ يجبر عشرات العائلات على استخدام طرق التفافية طويلة للوصول إلى الخدمات الأساسية».

ويشير تقييم ميداني أجراه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» التابع للأمم المتحدة، وشركاء محليون، إلى أنه عند استكمال بناء هذا السياج «سيضطر ما يقرب من 70 عائلة تعيش في حي السلايمة الواقع شرق السياج، إلى سلوك طرق التفافية طويلة للوصول إلى المناطق الغربية من البلدة القديمة في الخليل، من أجل الوصول إلى مراكز الخدمات وسبل كسب الرزق».

ويتألف هذا السياج من أسلاك معدنية يبلغ ارتفاعها 1.5 متر، مثبتة على كتل إسمنتية، وهناك خطط لمد هذا السياج لمسافة 500 متر تقريبا على طول «شارع الصلاة»، وهو الشارع الذي يستخدمه المستوطنون للوصول إلى الحرم الإبراهيمي من مستوطنة كريات أربع.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أصدرت في 6 سبتمبر (أيلول) الماضي أمرا بمصادرة الأرض الضرورية لبناء السياج، فرد السكان الفلسطينيون المقيمون في المنطقة بتقديم اعتراض على الأمر للإدارة المدنية الإسرائيلية، وقوبل كما هي العادة بالرفض. وأبلغ مكتب الارتباط الإسرائيلي لمنطقة الخليل، مكتب الشؤون الإنسانية، بأن السياج الجديد لن يؤثر على حرية تنقل الفلسطينيين في المنطقة، كما أنه «ضروري لدواع أمنية».

ورد تقرير «أوتشا» قائلا: «حرية تنقل السكان في هذا الحي مقيدة أصلا بسبب الحظر الشامل المفروض على دخول السيارات الفلسطينية إلى (شارع الصلاة) والمتواصل منذ عدة سنوات.. والسياج سيشكل تحديا إضافيا أمام وصول السكان إلى مراكز الرعاية الصحية في الأجزاء الغربية في المدينة، وخصوصا السكان الذين يعانون إعاقات، والمرضى من ذوي الحالات الخطيرة».

وجاء في التقرير: «سيضطر أطفال الحي إلى المشي مسافات أطول للوصول إلى مدرسة الفيحاء ومدرسة الإبراهيمية، مما يزيد من تعرضهم لعنف المستوطنين أو مضايقة الجنود الإسرائيليين الشائع في المنطقة أصلا». كما أن عددا من أصحاب المحلات التجارية في المنطقة، ويعتمدون على عربات تجرها الحمير لنقل بضائعهم، عبروا عن القلق من أن الإجراء الجديد سيضطرهم إلى إغلاق محلاتهم.

وتسيطر إسرائيل على 20 في المائة من الخليل وفق اتفاق مرحلي مع السلطة، وتعرف هذه المنطقة باسم «إتش 2»، وفيها 5 مستوطنات إسرائيلية، يعيش فيها بضع مئات من المستوطنين، بين مئات آلاف الفلسطينيين.

وبسبب هؤلاء المستوطنين فإن ثمة طرقا مغلقة وأخرى محروسة جيدا من قبل الجيش الإسرائيلي، لتأمين حمايتهم. ويوجد في المنطقة، بحسب «أوتشا»، نحو 123 معوِّق حركة تفصل المناطق المقيد الوصول إليها في «إتش 2» عن بقية مدينة الخليل، وتشمل إلى جانب معوِّقات أخرى 18 حاجزا مأهولة بالجنود بصورة دائمة، و12 حاجزا مأهولة بشكل جزئي، و57 متراس طريق. وفوق ذلك فقد تم إغلاق 512 محلا تجاريا فلسطينيا في المناطق المقيد الوصول إليها، و1100 محل آخر على الأقل بسبب القيود المفروضة على دخول الزبائن والموردين. وتحولت البلدة القديمة في الخليل التي كانت مركز الحياة التجارية قبل الانتفاضة الأولى إلى منطقة أشباح شديدة التوتر.

ورغم أن جميع السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في الخليل يتضررون بين الحين والآخر، فإن 6000 نسمة يعيشون في المنطقة المجاورة للمستوطنات مباشرة، يواجهون سلسلة من القيود التي تقوض جميع جوانب حياتهم اليومية.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية القيود المفروضة على وصول السكان الفلسطينيين بأنها «وسيلة لحماية المستوطنين الإسرائيليين في المنطقة، بالإضافة إلى غيرهم من الزوار الإسرائيليين، وتمكينهم من العيش حياة طبيعية». وقال تقرير «أوتشا» إن هذا كله، إلى جانب سنوات من المضايقة المنظمة على يد المستوطنين، «أجبر كثيرا من السكان الفلسطينيين على الرحيل».