ليبرمان وافق على الوحدة مع الليكود لكي يرث نتنياهو

«هآرتس»: حكومة الوحدة ستكون حكومة الحرب على إيران

TT

عقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، عن خوض الانتخابات المقبلة بلائحة انتخابية واحدة مع حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، والهزة السياسية التي أحدثتها هذه الوحدة في الخريطة الحزبية الإسرائيلية، خرج المراقبون بالانطباع أن الحكومة المقبلة ستكون يمينية متطرفة بشكل غير مسبوق في إسرائيل وستكون حكومة حرب على إيران وستؤدي في نهاية المطاف إلى تولي ليبرمان منصب رئاسة الحكومة بعد نتنياهو.

واعتبرت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيسي، أمس، أن قرار التحالف بين الليكود، و«إسرائيل بيتنا»، هو عمليا الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة الحرب المقبلة. وقالت الصحيفة في تعليق لرئيس تحريرها، ألوف بن: «شكّل نتنياهو الليلة حكومة الحرب، التي ستقود دولة إسرائيل إلى مواجهة عسكرية مع إيران. لم يخف نتنياهو نواياه، عندما أعلن أن الهدف الأول والأسمى لحكومته المقبلة سيكون منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. فالوحدة مع حزب ليبرمان تقضي على المعارضة الداخلية (في الليكود) للحرب. وسيكون بمقدور نتنياهو بعد الانتخابات الادعاء أنه حصل على تفويض من الشعب للعمل وفق ما يراه هو مناسبا. سيواجه الوزراء وكبار الأجهزة الأمنية صعوبات في مخالفته. التحفظ الأميركي والمعارضة الأميركية هي الوحيدة الكفيلة بعرقلة أو إحباط الأوامر العسكرية لقادة سلاح الجو بالانطلاق نحو إيران».

وكان نتنياهو وليبرمان قد أعلنا بشكل مفاجئ، الليلة قبل الماضية، أنهما قررا أن يخوضا الانتخابات المقبلة في 22 يناير (كانون الثاني) 2013، في قائمة انتخابية واحدة يكون ثلثها من حزب ليبرمان والثلثان من الليكود، بحيث يكون ليبرمان الشخصية الثانية بعد نتنياهو. وقال نتنياهو مفسرا هذه الخطوة إن «توحيد القوى سيمنحنا القوة للدفاع عن إسرائيل، ولإجراء تغييرات اقتصادية واجتماعية». وأضاف أن «إسرائيل تواجه تحديات كبيرة، وأن هذا الوقت لتوحيد القوى من أجل الدولة. فإسرائيل تواجه تحدي البرنامج النووي الإيراني، والحرب على الإرهاب، وخفض غلاء المعيشة، وهذه قضايا تلزم بتوحيد الصفوف».

وقال ليبرمان إن «التحديات التي تواجهها إسرائيل تجعلنا بحاجة إلى المسؤولية الوطنية، وليس إلى شظايا أحزاب الموضة التي سرعان ما تختفي». ورفض الاثنان الإجابة على أسئلة الصحافيين.

وحال هذا الإعلان، شهدت الخريطة الحزبية توترا شديدا، اتسم برفض الخطوة من عناصر كثيرة في قيادة الليكود. واعتبرها الوزير ميخائيل إيتان «خطوة جبانة من نتنياهو تدل على أنه يخاف من المعركة الانتخابية ويضحي فيها بقيم الليكود الليبرالية»، داعيا رفاقه إلى عقد مؤتمر عاجل للتصويت ضدها. بينما أكد مقربون من الوزير سلفان شالوم، على احتمال حديث انقسام داخل الليكود بسببها. بيد أن حزب ليبرمان رأى في هذه الخطوة «إنجازا كبيرا لرئيس الحزب، الذي أصبح الآن الوريث الشرعي الوحيد لنتنياهو وصاحب أعلى منصب في التحالف بعد نتنياهو».

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن قرار توحيد قائمتي الليكود و«إسرائيل بيتنا» في انتخابات الكنيست الـ19 يأتي بسبب التراجع في قوة الليكود في الاستطلاعات إلى نحو 24 مقعدا، في حين نقلت عن مسؤولين في الليكود قولهم إن نتنياهو خشي من هروب ليبرمان بعد الانتخابات، ولذلك قرر إجراء الوحدة الآن. وكتبت الصحيفة أن الاستطلاع الذي أجراه أرتور فينكلشتاين لـ«إسرائيل بيتنا»، أشار إلى تراجع في قوة الليكود، كما بين الاستطلاع أن قائمة مشتركة لإيهود أولمرت وتسيبي ليفني، في حال قررا الترشح، ستحصل على نحو 20 مقعدا.

وكشفت الصحيفة أن نتنياهو لم يخبر غالبية الوزراء والنواب بقراره، فسمعوا عنه كما سمع بقية المواطنين في إسرائيل، مما زاد في رفض الفكرة داخل الليكود. ونقلت على لسان أحد الوزراء قوله «إن هذا الاتفاق سيكون اتفاق القضاء على الليكود وتهديدا للديمقراطية الإسرائيلية».

وقالت رئيسة حزب ميرتس زهافا غلأون إن الليكود تحول لتهديد استراتيجي على الطابع الديمقراطي لإسرائيل، وإن من يرغب في الحفاظ على هذا الطابع يجب أن يلتزم من الآن بعد الدخول إلى «حكومة ليبرمان». وقال رئيس حزب «كاديما» شاؤول موفاز إن نتنياهو خسر الانتخابات اليوم لصالح القوى الليبرالية. ودعا عضو الكنيست نحمان شاي من «كاديما»، رؤساء أحزاب الوسط واليسار، شيلي يحيموفيتش وتسيبي ليفني وشاؤول موفاز ويائير لبيد، إلى التوحد في قائمة لتشكيل «معسكر وسط - يسار». لكن قادة هذه الأحزاب رفضوا الفكرة الواحد تلو الآخر، لأنهم لا يتفقون على شخصية تقود التحالف بينهم.

وكتب ألوف بن، أن الدلالات الحزبية والسياسية الداخلية لقرار تؤكد أن نتنياهو يتنصل الآن نهائيا من محاولاته تصوير نفسه أنه رجل الوسط السياسي والقائد المعتدل. «فقد ألقى بالقناع الذي ارتداه عشية الانتخابات السابقة، في سلة القمامة نهائيا. ويتحول الليكود مع تعيين ليبرمان وليا للعهد، وبتوزيع جنوده في أماكن بارزة على لائحة الليكود، إلى حزب يميني متطرف، عدائي يكره الغرباء، يتدثر بالعزلة الدولية ويعتبر المجتمع العربي عدوا داخليا وخطرا يهدد الدولة».

وقال «يعيد التحول الذي مرّ به نتنياهو للأذهان التحول الذي مر به مؤسس الليكود، مناحيم بيغن بعد إعادة انتخابه عام 1981. ففي حكومته الأولى كان عيزرا فايتسمان وموشيه ديان وزيران أدارا المفاوضات السليمة مع مصر. أما في حكومته الثانية فقد كان شارون وزير الدفاع، ورفائيل إيتان قائد الجيش، وقادا سوية مع بيغن إلى الحرب الكارثية على لبنان».

وأضاف: «يعكف نتنياهو الآن على رسم خريطة مشابهة: ففي حكومته المنتهية ولايتها، كان كل من باراك ومريدور وبيغن الوزراء الذين حثوا على اتباع سياسة معتدلة، وقدموا للعالم وجوها عقلانية في الحكومة. سيختفي هؤلاء من الحكومة المقبلة أو سيتم تحييدهم، وسيفقد نتنياهو الغطاء الظاهري لاعتدال الليكود. سيتم دفعه باتجاه سياسة القوة ولن يتمكن من الادعاء عندها أن (وزير الخارجية لا يمثل الحكومة)، كما اعتاد خلال الولاية الحالية، كلما هاجم وزير الخارجية علنا أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس) أو تركيا أو أي دولة أخرى أثارت غضبه».

ويرى ألوف بن أن هذا الانقلاب سينعكس أيضا في السياسة الداخلية: فقد دافع مريدور وبيغن سوية مع ميكي إيتان وروبي ريفلين، داخل الحكومة عن ديمقراطية ليبرالية تحفظ حقوق الإنسان والأقليات في مواجهة ضغوط ليبرمان ونتنياهو والمقربين منه (وفي مقدمتهم الوزير يعقوف نئمان) لبناء دولية قومية لها حكومة قادرة على كل شيء. والآن تحطمت هذه الكوابح والتوازنات. يقوم نتنياهو بدمج الليكود الذي تمتع بديمقراطية داخلية في صفوفه، وبانتخابات تمهيدية مع قائمة الدمى للديكتاتور ليبرمان.

ويختتم: «توحيد الليكود مع إسرائيل بيتنا نبع من الضعف، وهو يحوي في طياته أيضا فرصة. فهو يلزم أحزاب اليسار والوسط وعلى رأسها (العمل) تقديم بديل أيديولوجي وعملي لحكومة الحرب. فلن تستطيع يحيموفيتش في مواجهة (الليكود – بيتنا) أن تبقى على غموض مواقفها السياسية، أو التلميح إلى نيتها المشاركة في الائتلاف الحكومي المقبل. إن نتنياهو وهو يضع ليبرمان في مقدمة المشهد يفرض على اليسار خصما يتعين عليه محاربته وتوحيد المعسكر الليبرالي العقلاني عند الجمهور الإسرائيلي لمواجهته. وفي غضون ذلك يجب على كل من باراك ومريدور وبيغن وإيتان الاستقالة فورا من الحكومة، وعدم الانصياع لمغريات الفتات الذي سيعرضه عليهم نتنياهو حتى يمنحوه شهادة شرعية جماهيرية ودولية».