تقرير: الاقتصاد العربي خسر 50% من التدفقات الاستثمارية الأجنبية في 2011

عزا ذلك لأزمة الديون السيادية الأوروبية وارتفاع معدلات التضخم

TT

أوضح تقرير اقتصادي أن منطقة الاقتصاد العربي شهدت في العام الماضي، تراجعا واضحا في حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية، التي من المفترض أن تنساب إلى دول المنطقة العربية، بمعدل 50 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله، ما أدى إلى شح في الموارد المالية وتراجع ملحوظ في حركة الاستثمار.

وعزا التقرير ذلك لتراجع الاقتصاد العالمي بفعل الأزمة المالية العالمية، وأزمة الديون السيادية الأوروبية، وارتفاع معدلات التضخم، مبينا أن الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول العربية، سجل بنهاية عام 2011 معدلات نمو بلغت 4 في المائة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي، التي سجلت معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 7 في المائة، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، ومن الأداء الجيد لقطاعاتها الإنتاجية والخدمية، نتيجة استقرار أوضاعها السياسية والاقتصادية.

وأكد التقرير السنوي الصادر عن الشركة العربية للاستثمار، أن الشركة تعاملت مع هذا الواقع من خلال تعزيز إدارة المخاطر، بما يراعي المستجدات التي تؤثر على أداء القطاعات الاقتصادية في المنطقة العربية، وذلك لتخفيف الآثار السلبية المباشرة وغير المباشرة على النشاط الاستثماري.

وبحسب التقرير السنوي لـ«الشركة العربية للاستثمار»، فإن الشركة تابعت أوضاع محفظة مشاريعها القائمة التي اشتملت على 36 مشروعا في 11 قطاعا متنوعا، حيث تنتشر في 13 دولة عربية، مشيرا إلى أنه في ظل توفر البيئة الاستثمارية الجاذبة في بعض الدول العربية، فإن تحقيق الاستقرار السياسي سيساهم في زيادة التدفقات الاستثمارية، شريطة أن تهيأ البيئة الاستثمارية المواتية على الأصعدة الاقتصادية والتشريعية والإجرائية والمؤسسية، والاستفادة من تجارب وخبرات مؤسسات العمل الاقتصادي العربي المشترك، والاستعانة بها في تنقيح التشريعات وتحسين السياسات ذات الصلة بالاستثمار المباشر.

ووفق التقرير فإنه في ظل هذه الظروف يبقى التحدي الحقيقي أمام دول المنطقة العربية، هو النجاح في اتباع سياسات متوازنة ومدروسة لجذب الاستثمار بوسائل تحقق الأمان والعائد الجيد للمستثمرين، وتراعي مصالح الدول المستقبلة للاستثمارات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك باعتماد برامج للإصلاح الاقتصادي، تساعد في ازدهار القطاع الخاص، وتمكنه من القيام بدور أكبر في توفير فرص العمل وخفض معدلات البطالة في تلك الدول.

كما تبقى هنالك حاجة ملحة لدفع العمل الاقتصادي العربي المشترك قدما إلى الأمام باستكمال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ودعم التجارة العربية البينية، وتنفيذ برنامج العمل الطموح الذي تبنته نحو القمة العربية الاقتصادية الأولى التي عقدت في دولة الكويت مطلع عام 2010 تحت شعار «وصولا إلى تكامل اقتصادي عربي حقيقي»، لتحقيق السوق العربية المشتركة.

ورغم هذه التحديات، فإن «الشركة العربية للاستثمار» تحرص على التنسيق والتعاون مع مؤسسات التمويل العربية، والشركات العربية المشتركة، ومؤسسات ضمان الاستثمار، وغرف التجارة والصناعة والزراعة العربية، والجهات المروجة للاستثمار في مختلف بلدان المنطقة، وذلك من أجل التعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة وبلورتها، والمشاركة في الترويج للملائم منها، والمساهمة في رساميلها، والإشراف على تنفيذها وإدارتها من أجل تحقيق أهدافها الأساسية التي حددها عقد تأسيسها.

وأفاد التقرير بأن الشركة اهتمت خلال عام 2011 بدعم استثماراتها القائمة في مجال المشاريع، وتقديم الخدمات المالية عبر ذراعها المصرفية في مملكة البحرين، الذي يعمل على تعبئة الموارد المالية من المؤسسات المالية في المنطقة وإعادة توظيفها لخدمة الاقتصاد العربي، بما يعزز من قدرة الشركة على المساهمة في المزيد من المشاريع.

وفي سبيل المساهمة في المشاريع الجيدة وضعت الشركة عددا من الضوابط والمعايير الاستثمارية، من أبرزها الأهمية الاستراتيجية للمشروع، والأولوية التي يتمتع بها ضمن أهداف خطة التنمية في البلد المضيف، واعتماد المشروع بشكل أساسي على الطاقات والموارد المحلية أو العربية، وقدرة المشروع على المساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي وتحقيق المزيد من الترابط بين مختلف القطاعات الاقتصادية في البلد المضيف، وتمتع المشروع بمزايا نسبية واضحة وقيمة مضافة عالية لتنمية الاقتصاد القومي، وتوفر البيئة الاستثمارية الملائمة التي تضمن نجاح المشروع وإمكانية تحقيق أهدافه، ودور المشروع في توطين التقنية المتطورة في الوطن العربي، ومراعاة الاعتبارات البيئية في الموقع الذي يتوطن فيه المشروع.

وتحت تأثير تلك الأحداث والتحولات تابعت الشركة خلال عام 2011 موقف مشاريعها القائمة والتأكد من سلامة أوضاعها، واقتصر نشاطها الاستثماري في مجال المشاريع على المساهمة في زيادة رأسمال شركة «تأجير للتمويل» في سلطنة عمان لتعزيز قاعدتها الرأسمالية طبقا لتوجيهات البنك المركزي العماني، ولدعم حصتها في سوق التأجير المالي في سلطنة عمان.

كما ساهمت الشركة في زيادة رأسمال الشركة العربية للصناعات الصيدلانية «سيف» في تونس؛ تلبية لاحتياجات خطة التوسعة الطموحة لرفع الطاقة الإنتاجية وتحسين آليات الإنتاج والرقابة والتخزين ودعم نظم المعلومات، حيث بلغ إجمالي مساهمات الشركة في زيادة رأسمال هذين المشروعين نحو 2.2 مليون دولار، وبالإضافة إلى متابعة الاستثمارات القائمة، واصلت الشركة خلال العام جهودها في البحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف الدول العربية بما ينسجم مع أهدافها ومعاييرها الاستثمارية.

ووفق التقرير فإن محفظة المشاريع بالشركة، اشتملت في نهاية عام 2011 على 36 مشروعا، توطنت جغرافيا في 13 دولة عربية، وتوزعت قطاعيا على 15 مشروعا إنتاجيا، و21 مشروعا خدميا، حيث تضم استثمارات الشركة في القطاع الإنتاجي مشاريع الزراعة، والبتروكيماويات، والبناء والتشييد، وإنتاج الورق، والطاقة، والصناعات الدوائية، أما استثمارات القطاع الخدمي، فقد توزعت على مشاريع المؤسسات المالية غير المصرفية، والمصارف، والسياحة والعقار، والاتصالات، والخدمات الطبية.

وبلغ إجمالي رساميل مشاريع المحفظة في مختلف القطاعات في نهاية عام 2011 نحو 7.6 مليار دولار، بينما يقدر مجموع حقوق مساهميها بنحو 11.9 مليار دولار، فيما يبلغ مجموع استثمارات «الشركة العربية للاستثمار» في هذه المشاريع نحو 350 مليون دولار، تمثل 50 في المائة من رأسمالها المدفوع.

وتضطلع المشاريع التي تساهم فيها الشركة بدور هام في دعم التنمية الاقتصادية في الدول العربية التي تحتضنها، حيث تساهم في توفير فرص العمل، وتوطين التقنية المتطورة، واستغلال الموارد الطبيعية المحلية، وزيادة قيمتها المضافة، والاستفادة من المزايا النسبية التي تتيحها تلك الموارد.

وأوضح التقرير أن الشركة تمارس نشاطها المصرفي الاستثماري من خلال فرعها في البحرين، بهدف إلى استقطاب وتعبئة الموارد المالية وتوظيفها لدفع جهود التنمية الاقتصادية العربية، غير أن أداء الفرع تأثر خلال عام 2011 بالأوضاع الصعبة التي عانتها الأسواق المالية الإقليمية والعالمية.

وعزا ذلك للانعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية المتمثلة في عدم استقرار البيئة الائتمانية، وتوقف عمليات الودائع المتوسطة الأجل بين البنوك، علاوة على حالة الضبابية التي نتجت عن الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية وانخفاض التصنيفات الائتمانية لعدد من الدول العربية، ما نجم عنه تقلص في حجم الودائع وتوقف لعمليات الودائع بين البنوك وتراجع في عمليات التمويل.