شعوب العالم في الرياض تتقاسم وجبة الشواء في عيد الأضحى المبارك

رغم ارتفاع أسعار الاستراحات وخراف الأضحية

الشواء في العيد
TT

اكتظت استراحات العاصمة السعودية الرياض عن بكرة أبيها، بأعداد هائلة من أسر الجاليات المنتشرة في مختلف أنحاء الرياض من مختلف الجنسيات العربية والآسيوية والأفريقية وغيرها من الجاليات المسلمة، بعد أن قضوا الساعات الأولى من أول أيام عيد الأضحى المبارك، في تحضيراتهم لتناول أضاحيهم وسط أجواء مفعمة بالفرحة والتسامح.

ورغم الصعوبات التي وجدتها بعض الجاليات في حجوزات الاستراحات، بسبب الإقبال الكبير من الجاليات التي سبقتها، فإن الغالبية الغالبة منها استطاعت أن توفر لبني جلدتها وأفراد أسرتها جوا احتفاليا، تشارك فيه الجميع بالاحتفاء بالعيد، حيث مارست كل جالية طقوسها وعاداتها في شكل استقبال العيد، بدءا من شراء الأضاحي وانتهاء بتناول وجبة الشواء.

ومن الملفت أن ارتفاع أسعار الاستراحات لم يثن الجاليات من الاستمتاع بأضاحيهم في استراحات وفرت لهم ولأسرهم وأطفالهم جوا أنسيا صافيا، حيث لوحظ أن أكثر الجاليات التي تعيد في الاستراحات هي الجالية السودانية تأتي بعدها في الترتيب الجالية المصرية فالجاليات العربية الأخرى والآسيوية.

وقال سمير فتحي، مصري الجنسية يعمل في إحدى الشركات بالرياض – لـ«الشرق الأوسط»: إن «عيد الضحى يمثل لنا مناسبة دينية واجتماعية وترفيهية مكتملة اللوازم، خاصة أن عملية الشواء، التي تتشابه في ممارسة طقوسها عموم الجاليات وخاصة العربية منها، ذلك أن الأصل في العيد هو عيد الأضحية وعيد الشواء واللحوم، الأمر الذي جعله يتفرد عن عيد الفطر في أنه لا بد لرب الأسرة من شراء خروف الأضحية وذبحه وفق الشريعة الإسلامية كشعيرة دينية».

وتابع، أن غالبية أفراد الجالية المصرية بدأت في ارتياد الاستراحات، في شكل مجموعات أو أفراد تجمع بينها المحافظة الواحدة أو المنطقة الواحدة، مشيرا إلى أن هناك ما يسمى بصندوق دعم المصريين، الذي تقوم على أمره القنصلية المصرية بالرياض، حيث يسهل للجالية الاشتراك في إكمال فرحة العيد في الاستراحات، وذلك برسوم رمزية بجانب الإعداد لبعض البرامج الترفيهية الأخرى، الأمر الذي يميز الجالية المصرية عن غيرها من هذه الناحية.

واتفق علاء الدين أبو العينين – مقيم مصري - مع كل ما ذهب إليه فتحي من حديث في هذا الصدد، ملفتا إلى أنه مع أن عيد الأضحى عيد الشواء، إلا أن بعض النساء يحولن ليلة العيد إلى مزاد من الطلبات المرهقة لكاهل زوجها، ولكن قطعا هذا لا يقلل من أهمية العيد والاستئناس برائحة الشواء، مبينا أن هذا يضيق مساحة الاهتمام بأكلات عيدية مصرية أخرى تجهز في الغالب في عيد الفطر المبارك من أهمها الترمس والفول السوداني والحلويات، لتقديمها للزائرين من الجيران والأقارب.

وزاد على أن هذا العام لوحظ أن غالبية أفراد الجالية المصرية وعموم الجمعيات، قامت بحجز استراحات قبل مدة كافية من حلول العيد تتجمع فيها أفراد الجالية ليستمتعوا ببرامج ترفيهية متنوعة تشمل الأشعار والطرف، مبينا أن هذا العيد يغير من نمط الأسرة المصرية الغذائي قليلا، بخلاف ما يكون عليه الحال في أول أيام عيد الفطر المبارك، والذي يتم فيه كالعادة تناول وجبة دسمة كاملة من أول الصباح بديلا لوجبة الغداء، تحتوي على الشواء والأرز المصري أو اللحم بجانب الخضار والمعكرونة أو المحشي، وغيرها من الوجبات المصرية المعتاد عليها في مثل هذه المناسبة.

أما هذا العيد لدى الجالية السودانية، يختلف شكلا ومضمونا عن غيره لدى الجاليات الأخرى، وليس من قاسم مشترك بينها في هذه الحالة عدا وجبة الشواء التي تتسيد الوجبات السودانية في مثل هذه المناسبة في كل عام، حيث اشتهرت بجعل العيد مناسبة دينية واجتماعية يتقابل ويتصافح ويتسامح فيها الكل مع بعضه البعض حتى لو لم تجمع بينهم المنطقة أو اللهجة أو العرق، بجانب أنها تعيد في شكل جماعات ومجموعات تتجمع في استراحات المنطقة التي يقيمون فيها، في حين إن الأسر السودانية تقدم دعواتها للعزاب منهم للاستمتاع ليقاسموهم وجبة الشواء.

ولم يختلف شكل هذه المناسبة بالنسبة للسوداني علي الشريف عبد الله، عن سابقه العام الماضي من حيث الطقوس والتجمع المألوف بجانب البرنامج الحافل للأطفال وللكبار بعدد من جلسات الأنس والشعر والرياضة وغيرها، وكل في ذلك الكساء الجديد، حيث يهيمن مظهر هرولة المجموعات السودانية زرافات ووحدانا إلى ميدان الاستراحات بعد العيد أو مساجد كبيرة لأداء صلاة العيد وتكملة العيد في الاستراحات كإحدى أشكال العيد المميزة.

وأضاف، إنه ضمن مجموعة من السودانيين المقيمين في الرياض والذين تصل أعدادهم إلى أكثر من خمس عشرة أسرة سودانية تربط بينهم صلات المعرفة أو الرحم أو الصداقة، استأجروا استراحة بحي الشفاء بالرياض لمدة ثلاثة أيام، مبينا أنه استقبلوا عيد الأضحى بأكثر من 15 خروفا تم تجهيزها في أحد المطاعم الشهيرة في الرياض، غير أنه أشار إلى أن سعر الخراف هذه المرة زاد على سعره في العام الماضي بنحو 10 في المائة.

وأضاف أن أسعار الخراف ارتفعت هذه المرة بحكم ارتفاع أسعارها في كافة أنحاء العالم نتيجة للمتغيرات الاقتصادية والتخوفات من إحلال غلاء في الغذاء في مقبل الأعوام، مبينا أن الحال كذلك حدث في أسعار الاستراحات مع تفاوتها بحسب أحجامها وما توفره من خدمات، ولكنها متفقة في مسألة زيادة أسعارها التي تراوحت هي الأخرى ما بين 5 إلى 10 في المائة عما كانت عليه في العام الماضي والذي كانت قد ارتفعت فيه هو الآخر عن العام الذي سبقه.

وبشكل عام بدأ العيد لدى الجالية السودانية بتوافد المجموعات بعد أداء صلاة العيد إلى الاستراحات التي تم حجزها لهذا الغرض مصطحبين أسرهم معهم، حيث يتبادلون التهاني بالعيد ومن ثم يقوم كل ممثل لكل أسرة منها بعدد متفق عليه لكل يوم من أيام العيد الثلاثة، بحسب عدد الأيام وذلك لذبح خرافهم لليوم المحدد في أماكنها المخصصة ومن ثم الاستمتاع بالشواء في تلك الاستراحات.

وأكد لطفي عبد الحفيظ – مقيم سوداني - أن أضحية عيد الأضحى المبارك لم تفلته من طلبات ربة البيت، حيث سبق ذلك شراء الهدايا بأشكالها المختلفة، مبينا أن المرأة السودانية عموما عليها التزامات تقوم بها، منها تجهيزاتها الخاصة، تبدأ من رسم الحناء ولبس الجديد، كما على الزوج تقديم ما تيسر من هدايا لشريكة عمره كل حسب ظروفه، تشتمل على الحلي والمجوهرات والساعات والملبوسات وغيرها، بينما تحرص هي على تجهيز الشواء بجانب الوجبات السودانية الأخرى مثل العصيدة، بجانب أنواع الأطعمة الأخرى والتي يتسيدها الشواء كوجبة رئيسية.

أما الجاليات الأخرى وخاصة الآسيوية فهي تتشابه إلى حد كبير في ممارساتها وعاداتها الخاصة بالعيد، ووفق ذكير إقبال - هندي الجنسية - فإن عادات الجاليتين الهندية والباكستانية تتطابقان تماما في ممارساتهما الخاصة بالعيد، وخاصة عيد الأضحى، إذ يبدأ استقبال العيد بزيارة مهمة لسوق الأغنام للوقوف على أسعار الأضاحي وشرائها وذلك لذبحها غداة العيد، مؤكدا أن هذا لا يغني عن زيارة للأسواق الكبيرة، وخاصة سوق البطحاء لشراء الهدايا والذهب والفضة والملابس.

وأضاف بأن ليلة العيد تبدأ لدى المرأة الهندية برسم الحناء وعند الأطفال بلباس الجديد وتوزيع قليل من الفلوس عليهم، فيما يبدأ عيد رب الأسرة بعد لباس الجديد ومن ثم أداء صلاة العيد بذبح الخروف بالطريقة الإسلامية ومن ثم تجهيز الموائد، كما أن للعيد وجبات معينة، منها «شعيرية بالحليب، منرود، فيني، كينو، سميا، كيير»، ولكن يبقى الشواء سيد الموقف مثلها مثل غالبية الجاليات.