«من غير تاء مربوطة.. البلد مش مظبوطة».. حملة لدعم المرأة المصرية

تهدف إلى تغيير الأفكار النمطية حول فاعليتها في المجتمع

TT

«البنت دي بنت بلد بصحيح»، «بنت آه بس بـ100 راجل».. نماذج لعبارات اعتاد المصريون على استخدامها للتعبير عن سيدات وفتيات ينافسن الرجال في خصال الكرم والشهامة والـ«جدعنة» مع أصدقائهم أو أحبائهم، ويمتد التقدير الذي تحمله طيات هذه الجمل الفلكلورية المصرية وصولا للتعبير عن تفوق الفتيات والسيدات في مجالات العمل والدراسة مقارنة بالرجال. وقد برز هذا على نحو لافت إبان ثورة «25 يناير»، حيث تعاظم دور المرأة المصرية، ولعبت سيدات وفتيات من كل الأعمار أدوارا مهمة ومؤثرة في نجاح الثورة جنبا إلى جنب بجوار الشباب، ابتداء من الحشد والمشاركة في المظاهرات ثم إمداد الثوار في الميدان بالغذاء والدواء لإسعاف وعلاج المصابين.

بدافع من المعاني والرموز الجياشة التي تحفل بها التعبيرات الفلكلورية احتفاء بمكانة المرأة المصرية؛ قرر أعضاء «الاتحاد النوعي العام لنساء مصر» إطلاق حملة تؤكد على قدرة المرأة على منافسة الرجال، وهي الحملة التي بدأت في شوارع القاهرة بعنوان «من غير تاء مربوطة البلد مش مظبوطة»، بهدف تدعيم دور المرأة في المجتمع والتأكيد على ضرورة تفاعلها ومشاركتها في جميع جوانب ومجالات الحياة، والتأكيد على مساواتها للرجل، وأن تحقيقها لمكانة مميزة أمر طبيعي وليس استثناءً.

الحملة لاقت إعجاب كثير من الفتيات اللاتي أعربن عن سعادتهن بوجود مثل هذا المجهود من قبل بعض المؤسسات لخدمة قضايا المرأة، وقالت إحداهن وتدعى نهلة ماهر (24 سنه) لـ«الشرق الأوسط»: «قدرة المرأة على القيام بدورها في المجتمع تتوقف على نظرة المجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها كاملة، ولذلك فمن وجهة نظري أرى أن وجود مثل هذه الحملات يمكن أن يسهم ولو بشكل بسيط في تغيير نظرة البعض للمرأة على أنها مواطن من الدرجة الثانية، أو مجرد ظل وتابع للرجل».

وبحسب الدكتورة هدى بدران، رئيسة الاتحاد النوعي العام لنساء مصر، ففكرة الحملة جاءتهم بسبب ملاحظتهم استمرار تهميش وإهمال دور المرأة في المجتمع حتى بعد قيام ثورة 25 يناير، التي قامت من أجل تحقيق مبادئ المساواة والكرامة الإنسانية والحرية. وأضافت بدران لـ«الشرق الأوسط»: «فكرنا في ضرورة اتخاذ خطوات عملية من أجل تدعيم حقوق ودور المرأة والحفاظ على مكتسباتها ومساواتها بالرجل، ومن هنا قررنا إطلاق حملة (تاء مربوطة) كحملة وطنية تجوب جميع محافظات مصر تحقيقا لهذا الهدف»، موضحة أن احترام حقوق المرأة هو الداعم الحقيقي للديمقراطية قائلة: «بلادنا لن تتقدم ولن تتحقق الديمقراطية إلا عندما تأخذ المرأة حقوقها كاملة». ويعد الاتحاد النوعي العام لنساء مصر، اتحاد نسائي يعبر عن رأي وحقوق المرأة المصرية بكل أطيافها.

يتم تنفيذ حملة «تاء مربوطة» على عدة مراحل، أولها يعتمد على تعليق اللافتات والملصقات على زجاج السيارات الخاصة بالمشاركين في الحملة وفي الشوارع والميادين المختلفة بجميع المحافظات، من أجل التوعية بدور المرأة في المجتمع وخلق حوار في ذهن رجل الشارع والمارة، كما تعتمد الحملة على نزول الشباب المتطوع بها إلى الشوارع المختلفة، وخاصة المناطق الشعبية والمناطق التي لا تهتم كثيرا بدور المرأة وحمل لافتات مكتوبا عليها جمل غير متناسقة مثل «مدير ناجحة»، أو «طبيبة متميز» أو «ناخبة واعي»، وإشراك المواطن العادي في تصحيح تلك العبارات بوضع التاء المربوطة، ثم التحدث معهم عن فكرة الحملة وأهمية دور المرأة ووضعها.

وتأتي هذه الحملة في الوقت الذي زادت فيه الحملات المناهضة للتحرش بالمرأة بشكل كبير، حيث انطلقت في الفترة الأخيرة عشرات الحملات والوقفات بمختلف مناطق مصر تأكيدا على أهمية احترام المرأة المصرية وحقوقها، خاصة مع بزوغ فجر جديد من الحرية والديمقراطية بعد قيام الثورة.

ويشارك في الحملة عدد كبير من الشباب المنتمي للاتحاد النوعي لنساء مصر، بالإضافة إلى جانب بعض الشباب المتطوع، حيث يقومون بتعريف المواطنين بأهمية دور المرأة والقضاء على بعض «التابوهات» المجتمعية والنظرة النمطية التي تعتبر المرأة مواطنا درجة ثانية وليست مساوية للرجل، بل إن في حال وصولها إلى مرتبة عالية يتم الحديث عنها بصيغة المذكر أو مقارنتها بالرجال بصورة مجحفة تنقص منها حيث يقال عنها «بنت آه بس بميت راجل».

ولم يقتصر صناع الحملة على الدعاية الخاصة بالشوارع بل قرروا استخدام الدعاية الإلكترونية، وذلك بنشر فيديو قصير خاص بالحملة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يفسر فكرة الحملة وأهدافها من أجل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الأشخاص.