القوات النظامية تكرر خرق الهدنة.. وقتلى في قصف جوي للمرة الأولى على عربين بريف دمشق

قصف أحياء عدة في حلب وانفجار سيارة مفخخة قرب كنيسة في دير الزور

أطفال يحاولون الاختباء تحت ركام بيت في كفروما في إدلب خوفا من القصف أول من أمس (رويترز)
TT

تلاشى مفعول هدنة المبعوث الأممي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي في يومها الثاني المصادف لثاني أيام عيد الأضحى، حيث سجل النظام السوري خرقا جويا تمثل في استخدام القصف الجوي للمرة الأولى منذ بدء الهدنة نظريا، حيث استهدف طيرانه الحربي مبنى في عربين بريف دمشق، مما أدى إلى مقتل 10 أشخاص، في حصيلة أولية.

ووثقت الشبكة السورية، حتى بعد ظهر أمس، في محصلة أولية مقتل 60 شخصا على الأقل بنيران قوات النظام السوري، أكثر من نصفهم في ريف دمشق. وقال المرصد السوري إن «طائرة حربية قصفت مبنى في مدينة عربين مما أسفر عن استشهاد ثمانية رجال على الأقل كانوا داخل المبنى»، مشيرا إلى أن «هذا القصف هو الأول بالطائرات الحربية منذ الإعلان عن هدنة العيد».

وتوترت أعصاب أم يزن (60 عاما) عندما اشتدت أصوات القصف مساء أول أيام العيد، وصرخت «العمى شو هذا.. مو على أساس فيه دهنة؟»، فانفجر أولادها بالضحك وقال أحدهم «نعم فيه دهنة عم تشرشر ع النار ودخانها عابق». أم يزن التي انتبهت لخطئها في لفظ الهدنة ضحكت وقالت بأسى «لا أحد غير السوري دهنة».

الكلام عن الهدنة كان هاجسا لمعظم السوريين في الأسبوع الذي سبق إعلان النظام قبولها، مع أن «الغالبية لديها قناعة عميقة بعدم جديتها»، بحسب أم يزن التي تعيش في حي برزة الساخن، وتقول إنه مع ذلك «كان لدينا أمل في وقف القصف على الأقل والاقتحامات احتراما لعيد الأضحى، أو على الأقل ليتمكن المحزونون من زيارة المقابر من دون شعور بالخوف والمخاطرة». وتضيف «للأسف لم تحصل هدنة، وطوال اليومين والأول والثاني كنا نسمع أصوات القصف على الغوطة الشرقية وحي القابون القريب»، إلا أن أم يزن لا تخفي إعجابها بالشعب السوري الذي يتحدى القصف وتقول «اليوم سرني قيام شباب الحارة بتسلية الأولاد في الأزقة الداخلية المحمية إلى حد ما، حيث نصبو مراجيح وألعابا وقاموا بالترفيه عن الأطفال مجانا وبالأخص أبناء العائلات المنكوبة والأيتام.. بدوا وكأنهم يصنعون الفرح وهم يغنون أغاني ثورية تتحدى القصف الدمار».

يشار إلى أن عددا من الناشطين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خصصوا صفحات لمراقبة اختراقات الهدنة بحسب شهود عيان كل في منطقته، كما خصصوا صفحات لمراقبة أحوال الطرق وتموضع الحواجز على مدار الساعة، والوضع عند كل حاجز، ومع كل رصد كان هناك تعليق يتساءل بسخرية عن الهدنة، وكتب أحد الناشطين أن «صوت الهدنة مرتفع جدا في دمشق، ولكن يبدو أنه في حلب أعلى بكثير».

وسجل، ثاني أيام العيد، تحليق للطيران الحربي في سماء العاصمة، وكان على علو منخفض في الأحياء الجنوبية التي تعرضت للقصف المدفعي لا سيما حيي العسالي والحجر الأسود. كما سجل سقوط قذائف هاون على منطقة السيدة زينب بريف دمشق، مع تحليق كثيف للطيران الحربي في المنطقة ومنطقة ببيلا القريبة. وفي دوما، قتل شخصان وأصيب كثيرون بقذائف هاون أطلقتها قوات النظام بالتزامن مع إطلاق نار كثيف وانتشار كبير للقناصة، وذلك إثر يوم شهد اشتباكات عنيفة في ساحة الشهداء، التي سيطرت عليها كتائب الجيش الحر بعد يومين من وقوع مجزرة في بناء قريب منها راح ضحيته أكثر 22 قتيلا بينهم نساء وأطفال، بعضهم قضوا ذبحا بالسكاكين. كما تساقطت قذائف الهاون على بلدة حمورية، طوال يوم أمس، أما مدينة حرستا فتم قصفها بالطيران الحربي. وفي عربين قتل عدة أشخاص وأصيب كثيرون جراء استهداف الطيران الحربي لمنطقة مسجد غبير مما أدى إلى انهيار عدة مبان سكنية، ولا تزال عمليات البحث عن الضحايا والمصابين تحت الأنقاض جارية.

وفي محيط حي العباسيين من جهة جوبر، جرت اشتباكات عنيفة وسمعت أصوات إطلاق النار، فيما سجل مراقبون قيام طائرة «ميغ» برمي عدد من القذائف على حي القابون أدت إلى اشتعال حرائق في عدة أبنية.

ويشار إلى أن الحصيلة النهائية لأول أيام العيد وأيضا الهدنة كانت 117 قتيلا، معظمهم في ريف دمشق وحلب، قضوا «جراء القصف الممنهج من قبل آليات جيش النظام»، بحسب الهيئة العامة للثورة التي قالت إن بينهم عشر سيدات وستة أطفال وستة شبان تم إعدامهم ميدانيا بدير الزور. أما يوم أمس، ثاني أيام العيد، فكانت الحصيلة الأولية مقتل أكثر 42 شخصا، منهم ثمانية قضوا في غارة على مدينة عربين بريف دمشق، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي قال إن من بين القتلى 25 في ريف دمشق، و5 في دير الزور، و4 في كل من درعا وحلب.

وتدور اشتباكات عنيفة منذ قرابة أسبوع في مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تعرضت لقصف عنيف، كما حلقت الطائرات الحربية في أجوائها، بالتزامن مع حملة مداهمات في بلدة جديدة عرطوز. وذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن اشتباكات دارت بين الجيشين النظامي والحر في مدينة حرستا، مشيرة إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى جراء قصف من طيران «ميغ» بالقرب من الجامع الكبير في مدينة دوما. كما أفاد ناشطون معارضون بإعدام قوات الأمن النظامية عائلة كاملة، مؤلفة من 5 أشخاص كانوا في طريق عودتهم إلى منزلهم في زملكا بعدما نزحوا عنه.

أما في محافظة حلب، فقد أكد ناشطون تعرض أحياء عدة في المدينة للقصف. وقال الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في حلب محمد الحلبي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا وجود للهدنة في مدينة حلب، حيث قتل 13 شهيدا وسقط أكثر من 15 جريحا، إصابة ثلاثة منهم خطيرة». وأشار إلى أن «القصف استهدف بشكل خاص 7 أحياء في مدينة حلب، منها صلاح الدين، ومساكن هنانو، وبستان القصر، وبستان الباشا، وحي الشعار، وحي بني زيد»، متحدثا عن «قصف هذه الأحياء بالمدفعية كما أن إطلاق الرصاص لم يتوقف».

وذكر الحلبي أن «قوات الأمن السورية فرقت المظاهرات التي خرجت يوم الجمعة، أول أيام عيد الأضحى، بإطلاق الرصاص الحي». ولفت إلى أن «الطيران الحربي حافظ أمس على تحليقه فوق أحياء حلب الشمالية، في موازاة وقوع اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر قرب مدخل مدينة حلب الذي يصلها بالريف الشمالي».

وفي حين أكد أن «الجيش الحر يسيطر على 75 في المائة من أحياء مدينة حلب»، أشار إلى أن «النظام يسعى جاهدا لسيطرة الجيش النظامي على الطريق الفاصل بين حلب وريف حلب الشمالي، وهو يحاول التعبئة لاقتحام المنطقة».

من ناحيته، أفاد المرصد السوري «بتعرض حي مساكن هنانو للقصف من قبل القوات النظامية وتضرر عدد من الأبنية فيه»، مشيرا إلى اشتباكات بين القوات النظامية والجيش الحر في محيط حاجز الليرمون العسكري. وفي أعزاز، أشارت لجان التنسيق المحلية إلى «اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي».

وفي سياق آخر، أبدى المرصد السوري أسفه لاشتباكات وقعت في حي الأشرفية بمدينة حلب أول من أمس «بين أحد فصائل الكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تقع المنطقة تحت سيطرته، وذهب ضحيته، وفق المرصد، 30 مواطنا عربيا وكرديا بينهم 22 مقاتلا من الطرفين وتم احتجاز المئات». وقال إن هذا «التطور يحمل مؤشرات خطيرة وينذر بعواقب وخيمة، فيما لو تكرر الأمر، لن تصب إلا في مصلحة النظام الذي يعمل جاهدا على إثارة النعرات والفتن القومية والطائفية والمذهبية».

وفي دير الزور، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من إحدى الكنائس، وذكر المرصد السوري عن «مقتل ما لا يقل عن ثلاثة من الشرطة العسكرية وإصابة نحو 12 آخرين بجراح خلال اشتباكات دارت إثر انفجار السيارة المفخخة في الشارع العام بالقرب من مقر للشرطة العسكرية وعند الجدار الخلفي لسور كنيسة الكبوشيين».

من ناحيته، أعلن التلفزيون السوري الرسمي أن «العصابات الإرهابية المسلحة انتهكت مجددا الهدنة بتفجيرها سيارة مفخخة أمام كنيسة السريان في دير الزور، مما أسفر عن أضرار مادية جسيمة».

من جهة أخرى، دارت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر في حي الجبيلة في مدينة دير الزور، مما أدى إلى مقتل عنصرين من الجيش الحر وأربعة عناصر نظاميين، بحسب المرصد السوري، الذي أفاد بتعرض الحي «للقصف من طائرة حربية إثر الاشتباكات». وفي إدلب، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن «قوات النظام قصفت قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي بقذائف المدفعية، فيما تعرضت مدينة خان شيخون لقصف عنيف بالصواريخ والقذائف من قبل الجيش النظامي الموجود في القطعة العسكرية شمال مدينه مورك». كما أشارت إلى «إطلاق قذائف الفوزديكا بشكل عشوائي من قبل حاجز اليعقوبية على القرى المحيطة في جسر الشغور».

ولفت المرصد السوري إلى وقوع «اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتلين من جبهة النصرة في محيط معسكر وادي الضيف، فيما تعرضت مدينة معرة النعمان وقرى محيطة بمعسكر وادي الضيف للقصف من قبل القوات النظامية».

وفي درعا، تعرض حي طريق السد ومخيم النازحين في المدينة للقصف من قبل القوات النظامية، بينما شهد حي درعا المحطة حملة تفتيش، وتعرضت بلدة الحارة للقصف من قبل القوات النظامية.