العراق: سلسلة هجمات في ثاني أيام العيد توقع عشرات القتلى والجرحى

من بين الضحايا زوار إيرانيون.. واعتداءات تستهدف طائفة الشبك بالموصل

عراقيون يعاينون ما خلفه انفجار قنبلة في منطقة المعامل ببغداد أمس (رويترز)
TT

على العكس من الأعياد والمناسبات الماضية لم تشهد العاصمة العراقية بغداد زحاما شديدا برغم كثافة الإجراءات الأمنية الصارمة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية قبل يومين من بدء عطلة العيد. ورغم إعلان الأجهزة الأمنية عن اكتمال عناصر تلك الخطة في تأمين انسيابية السير داخل العاصمة فإن العراقيين من جانبهم طبقوا خطة أخرى بديلة وتتمثل بعدم الخروج من المنازل بالكثافة التي اعتادوا عليها لا سيما مع انتشار معلومات مفادها أن تنظيم القاعدة سوف ينفذ عشرات العمليات الانتحارية داخل العاصمة.

وطبقا لمصادر الشرطة العراقية فإن سلسلة هجمات وقعت أمس ثاني أيام العيد في مناطق مختلفة من بغداد والتاجي والموصل أسفرت عن مقتل 18 شخصا على الأقل، بينهم زوار إيرانيون، وإصابة العشرات.

وحسب مصادر الشرطة العراقية فإن قنبلة انفجرت أمس بالقرب من سوق شعبية في منطقة المعامل، شمال شرقي بغداد، مما أسفر عن سقوط 8 قتلى بينهم 4 أطفال في ملعب. كما ألحق الانفجار أضرارا مادية بعدد من المحال التجارية والسيارات.

وقال أبو زهراء (37 عاما) صاحب محل لبيع اللحوم إن «انفجارا كبيرا حدث نحو الساعة التاسعة (06:00 تغ) ما أدى لوقوع ضحايا بينهم نساء وأطفال كانوا يتبضعون في السوق».

وانتشرت بقع دماء في أماكن متفرقة من السوق حيث اختلطت أجزاء معدنية لسيارات وخضر مختلفة في المكان، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي السياق نفسه فقد قتل 5 زوار إيرانيين وأصيب 12 آخرون بانفجار عبوة لاصقة وضعت في حافلة كانت تقلهم على الطريق العام في قضاء التاجي، شمال بغداد. وطبقا لمصادر الشرطة فإن «عبوة لاصقة كانت مثبتة في حافلة تقل زوارا إيرانيين متجهين إلى مدينة سامراء انفجرت لدى مرورها على الطريق العام في قضاء التاجي، شمال بغداد، مما أسفر عن مقتل خمسة منهم وإصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة وإلحاق أضرار مادية بالحافلة».

وفي مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) أعلن الملازم أول محمد عطا من الشرطة مقتل خمسة أشخاص وجرح عشرة آخرين جميعهم من طائفة الشبك في هجمات متفرقة استهدفت صباح أمس مناطق متفرقة في المدينة. وأوضح أن «مسلحين مجهولين داهموا منزل عائلة من طائفة الشبك في حي الكفاءات (شمال) وقتلوا رب العائلة وزوجته وابنه»، وأضاف أن «مجموعة مسلحة داهمت منزل عائلة من الشبك في حي سومر (شرق) وقتلوا سيدة وابنتها (18 عاما) وأصابوا أربعة من أفراد العائلة بجروح، ولاذوا بالفرار».

وتابع أن «مجهولين فجروا عبوة ناسفة داخل منزل لعائلة من الشبك في حي الكرامة (شرق) ما أدى إلى إصابة ستة من أفراد العائلة بجروح».

والشبك مجموعة كردية غالبيتها من الشيعة وذلك نظرا لتشابك معتقداتهم الدينية مع ديانات قديمة وحديثة، تعرضت لتهجير من قبل الجماعات المتطرفة في الموصل، ما دفعها إلى الانتقال خارج المدينة. ويتوزع الشبك في قرى تحيط بمدينة الموصل وسهل نينوى شمال العراق.

وفي قضاء الطوز (175 كلم شمال بغداد) قال النقيب أحمد البياتي من الشرطة إن «ثمانية أشخاص أصيبوا بجروح في انفجار سيارة مفخخة عند مبنى قيد الإنشاء تابع للوقف الشيعي وسط الطوز». وأكد الطبيب عمار البياتي من مستشفى الطوز معالجة الجرحى الثمانية.

وفي وقت لم تعلن فيه جهة ما مسؤوليتها عن سلسلة التفجيرات هذه فقد أعلنت السلطات الأمنية عن اعتقال ثلاثة عناصر من تنظيم القاعدة خلال عملية نفذتها قوة من لواء الرد السريع في قضاء التاجي، شمال بغداد، وناحية اللطيفية، جنوب بغداد.

من جهته، أعلن عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة أن كل الرهانات الأمنية فشلت وهو ما لم تعترف به الجهات المسؤولة وأقصد هنا القيادة العليا وليس الضباط والآمرين برغم أنهم يتحملون المسؤولية ولكن الخلل الأكبر يكمن في الاستراتيجية لا في سياقات التنفيذ». وأضاف طه أن «الأجهزة الأمنية والعسكرية تعلن قبل أي مناسبة سواء كانت وطنية أم دينية عن استعداداتها الأمنية التي يجب أن تدخل عنصر الأمان لدى المواطن وهو ما يجعله يتنقل في أماكن مختلفة أو حتى من يأتي من خارج العراق زائرا أو سائحا وهو ما ينطبق على الزوار الإيرانيين بينما الحقيقة أن هذه الخطط هي ليست أكثر من كلام ليس له رصيد على أرض الواقع». وأضاف طه أن «المشكلة تكمن في طبيعة الخطط التي تضعها القيادة العامة للقوات المسلحة التي لا تستند على أهم عنصر وهو المعلومة الاستخبارية واستعراض القوة والآن كثرة التسلح من خلال المزيد من الصفقات وبمليارات الدولارات بينما ما زلنا غير قادرين على تأمين حافلة زوار أو حماية شارع أو زقاق داخلي». وردا على سؤال بشأن طبيعة عمل لجنة الأمن والدفاع في البرلمان قال طه إن «طبيعة عملنا رقابية ولكن مشكلة لجنتنا لا تختلف عن سواها من اللجان البرلمانية الأخرى حيث إن عملها محكوم بسياقات المحاصصة وغيرها وهو ما يجعلها ليست ذات فاعلية كبرى». وأوضح أن «اللجنة توصي باتخاذ الإجراءات اللازمة كما توصي بإحالة قادة أو ضباط على التحقيق أو زيادة فاعلية المعلومات الاستخبارية لكن المحصلة النهائية أن القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء هو من يملك ويقرر ما يراه مناسبا له».