نزوح الآلاف من مسلمي ميانمار.. والحكومة تدرس فرض «الطوارئ»

دعوات دولية لتوفير الحماية لطائفة الروهينغيا مع تجدد العنف ضدهم

TT

ذكرت مصادر برلمانية في ميانمار أمس أن الحكومة قد تلجأ إلى فرض حالة طوارئ في ولاية راخين بغرب البلاد إذا استمر العنف الطائفي بين البوذيين والمسلمين في تلك المنطقة. وجاء هذا فيما تحدثت الأمم المتحدة عن نزوح الآلاف من سكان المنطقة إثر تجدد العنف الذي تسبب في مقتل 67 شخصا على الأقل وجرح المئات، غالبيتهم من طائفة الروهينغيا المسلمة، وتعرض آلاف المنازل لعمليات حرق، خلال الأيام القليلة الماضية.

ونقلت وكالات أنباء أمس عن البرلماني فو مين ثين، قوله إن وزير الداخلية اللفتنانت جنرال كو كو، تحدث عن إعلان الطوارئ في حال استمر العنف، خلال رده على سؤال من حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» حول الموضوع. ويتولى مستشفى سيتوي، عاصمة ولاية راخين، علاج 26 مريضا أصيبوا في الاشتباكات معظمهم يعانون من جروح جراء إطلاق النار عليهم طبقا لما قاله العاملون بالمستشفى لمصور من الهيئة الأوروبية للصور الصحافية في مدينة سيتوي عاصمة ولاية راخين.

وتجددت أعمال العنف الطائفية خلال الأيام القليلة الماضية عندما احتج ممثلون عن طائفة الروهينغيا على نقص المساعدات والمواد الغذائية في قراهم، وتم حرق منازل في بلدتي مين بيا ومراوك أو. ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس الحكومة إلى «اتخاذ خطوات فورية لوقف العنف الطائفي» في المنطقة. وقالت المنظمة إنها تلقت صورا التقطت بالأقمار الصناعية تظهر 811 بناء، من بينها 633 مبنى و178 مركبا وزورقا عائما، جرى تدميرها في هجوم متعمد وقع في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقال فيل روبرتسون، نائب مدير المنظمة لشؤون آسيا، إن «الحكومة تحتاج بشكل عاجل إلى توفير الأمن لأقلية الروهينغيا». وأضاف أن الوضع سيزداد سوءا فقط إذا لم تعالج الحكومة الأسباب الجذرية للعنف.

وبدورها، قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة إن آلاف الأشخاص فروا إلى مخيمات مكتظة في سيتوي، جراء تجدد أعمال العنف. وقالت فيفيان تان، المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين «حتى الآن، أبلغنا بأن 3200 مهجر جديد قد وصلوا إلى وحول مخيمات المهجرين الموجودة في سيتوي». وأضافت أن «2500 آخرين في طريقهم» إلى هذه المخيمات. وكان المتحدث باسم حكومة راخين وين ميانغ تحدث أول من أمس الجمعة عن وصول ثلاثة آلاف من الروهينغيا بحرا إلى سيتوي، لكن لم يسمح لهم بالتوجه إلى المخيمات وأبعدوا إلى جزيرة قريبة. وقال المتحدث إن «المهجرين ما زالوا في الجزيرة، ولا ننوي السماح لهم بالمجيء إلى سيتوي». وأكد من جهة أخرى أن قوات الأمن «سيطرت» على أماكن قد تقع فيها مواجهات في المنطقة، وأن الوضع بات هادئا.

وتأتي مواجهات هذا الأسبوع بعدما أودى القتال الطائفي بحياة أكثر من مائة شخص، وأسفر عن تشريد نحو 90 ألفا آخرين في يونيو (حزيران) الماضي. وظل كثير من مسلمي الروهينغيا محرومين من المساعدات الحكومية والدولية على مدار الأشهر الخمسة الماضية. يذكر أن مسلمي الروهينغيا الذين تصفهم الأمم المتحدة بأنهم يشكلون واحدة من الأقليات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم، محرومون من الجنسية. وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بـ800 ألف عدد الروهينغيا المحصورين في مناطق مونغداو وبوتيندونغ وراتندونغ بولاية راخين، القريبة من الحدود مع بنغلاديش.

وينص قانون ميانمار حول الجنسية الصادر في 1982 على أن المجموعات العرقية التي تثبت وجودها على أراضي ميانمار قبل 1832 (تاريخ الحرب بين ميانمار والقوات البريطانية) تستطيع وحدها الحصول على الجنسية البورمية، لكن ممثلي الروهينغيا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ. وعدا عن أنهم محرومون من الجنسية، يواجه أبناء أقلية الروهينغيا أيضا أشكالا أخرى من الاضطهاد والتمييز. وكتبت المفوضية العليا للاجئين في تقرير أصدرته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن هذا الاضطهاد «يشمل عمل السخرة، والابتزاز، والقيود على حرية التنقل، وعدم وجود قانون للإقامة، وقواعد زواج جائرة، ومصادرة أراض. كذلك فإن الروهينغيا لا يستفيدون إلا بشكل محدود من التعليم الثانوي والعالي ومن خدمات عامة أخرى». وحمل هذا الوضع عددا منهم على الفرار من ولاية راخين. وقد وصلت إلى بنغلاديش في 1978، ثم في 1991 – 1992، موجتان كبريان من اللاجئين الروهينغيا، ضمت كل منها نحو 250 ألف لاجئ، وتلتهما في كل مرة عمليات ترحيل «كان طابعها الطوعي موضع تساؤل فعلا».