اللاجئون السوريون بين مطرقة الصراع السوري وسندان الكوارث المناخية

الأمم المتحدة تتوقع أن يفوق عددهم في الدول المجاورة 700 ألف شخص بحلول نهاية العام

TT

من المتوقع أن يتضاعف عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة - والذي تجاوز بالفعل توقعات الأمم المتحدة ثلاث مرات - بحلول نهاية العام الحالي، ليصل إلى أكثر من 700 ألف شخص، مما يزيد من حاجتهم إلى المأوى، خاصة في ظل برد فصل الشتاء القارس، بحسب تصريحات مسؤولين وعاملين في مجال إغاثة اللاجئين.

وبينما يقع اللاجئون بين مطرقة الصراع السوري وسندان الكوارث المناخية التي يمكن أن تعصف بالبلدان المجاورة لسوريا، لم تكن الجهود المبذولة كافية لضمان حمايتهم في ظل تدني درجات الحرارة إلى ما يقرب من حالة التجمد في المناطق التي يتركز فيها العديد من اللاجئين - وغالبيتهم من النساء والأطفال - لا سيما في الأردن ولبنان، وفقا لموظفي الأمم المتحدة وممثلي الجمعيات الخيرية الكبرى التي تعمل مع اللاجئين.

ويقول مسؤولو إغاثة إن ما يزيد من مشكلة اللاجئين السوريين تعقيدا هو ما يتمثل في تزايد قلق الدول المجاورة لسوريا إزاء عدم توافر التبرعات الكافية لإطعام وإيواء اللاجئين الذين يتزايد عددهم باستمرار، فعلى سبيل المثال لم يتمكن صندوق تديره الأمم المتحدة ومخصص لرعاية اللاجئين السوريين من جمع سوى ثلث المبلغ المطلوب والبالغ 488 مليون دولار.

وقال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين في عمان بالأردن رون ريدموند «أصبح العديد من اللاجئين السوريين يعانون نقصا في المال وفي الموارد الأخرى. وتعد الدول المجاورة لسوريا غير مجهزة للتعامل مع أزمات كبيرة بهذا الحجم. صحيح أن تلك الدول قد أبدت كثيرا من مظاهر الكرم في استضافة اللاجئين السوريين، لكن يجب على الأمم المتحدة ألا تتوقع استمرار هذا الكرم إذا لم تقدم هي يد العون، ويعد هذا من بين المخاوف الكبيرة التي نشعر بها».

ومن بين الدول الأربع التي تستوعب الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين - الأردن وتركيا ولبنان والعراق - فإن كل دولة من هذه الدول، باستثناء العراق، تستوعب أكثر من 100 ألف لاجئ، بعدما تخطى لبنان هذا العدد هو الآخر خلال الأسبوع الماضي، حسب البيانات الصادرة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وقال ريدموند إن عدد اللاجئين قد وصل إلى 360 ألف شخص، ومن المتوقع أن يصل إلى 710 آلاف شخص بنهاية العام الحالي، لكن هذه الأعداد لا تعبر إلا عن السوريين الذين يتم تسجيلهم في سجلات مفوضية اللاجئين، والتي لم تشمل عشرات الآلاف من السوريين الذين فروا من الصراع الدائر من 19 شهرا، بسبب ما وصفه عمال الإغاثة بأنه خوف اللاجئين من الكشف عن البيانات التي تطلبها المفوضية والتي قد تعرضهم لعمليات انتقامية من جانب القوات الحكومية في حال عودتهم إلى سوريا مرة أخرى.

وقالت داريل غريسغرابر، وهي مسؤولة بارزة بمنظمة اللاجئين الدولية بواشنطن والتي قامت بزيارة في الآونة الأخيرة لمخيم الزعتري للاجئين بالقرب من الحدود السورية، إن وحدات سكنية جاهزة كانت في طريقها من الدول المانحة لكي تحل محل الخيام، لكن هذه العملية تسير ببطء شديد، ولا يزال مسؤولو المخيم في انتظار وصول تلك الوحدات. وأضافت غريسغرابر «لسوء الحظ، لا يقوم المسؤولون بما يتعين عليهم القيام به في الوقت الحالي». وأشارت غريسغرابر إلى أنه ما زالت هناك إمكانية لتهيئة المخيم لفصل الشتاء، لكن يجب القيام بذلك الآن».

وقال روبرت لابراد، وهو نائب رئيس قسم الاستجابة الإنسانية بمنظمة «أنقذوا الأطفال» التي تقدم خدمات الدعم العاطفي والتربوي في العراق والأردن ولبنان للأطفال السوريين الذين يشعرون بالخوف الشديد من العنف الموجود في سوريا، إن برودة الطقس من أكثر النقاط التي يتم التفكير فيها في الوقت الراهن، مضيفا «فصل الشتاء البارد سوف يؤثر على أشياء كثيرة، مثل الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للاجئين السوريين وأطفالهم، الذين لن يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة إذا كان الطقس شديد البرودة».

وفي لبنان، الذي لا توجد به مخيمات منظمة، وحيث يعيش العديد من اللاجئين السوريين في مبان مهجورة، يقول لابراد إن المشكلة قد تفاقمت لأن اللاجئين قد غادروا منازلهم على عجل جراء القصف ولم يحملوا معهم سوى ملابسهم الصيفية الخفيفة. واختتم لابراد حديثه قائلا «من الصعب العيش في مبان مهدمة نتيجة القصف بقية فصل الشتاء لا سيما مع عدم وجود ملابس ثقيلة تقيهم برودة الشتاء».

* خدمة «نيويورك تايمز»