المصريون هربوا من صخب القاهرة السياسي لقضاء إجازة العيد

بعضهم اعتبر الإجازة «هدنة مع مشاكل الحياة اليومية وهمومها»

مصريون يتنزهون في شرم الشيخ
TT

أصبحت العطلات والأعياد في حياة المصريين تشبه الفاصل الإعلاني بين أحداث فيلم سياسي درامي ثوري يقرب على الدخول في عامه الثاني. وأصبح معتادا لدى المصريين أن يضعوا جانبا مشاغل الألاعيب السياسية التي تحاك والهموم الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة وأن يحاولوا الاستمتاع ببهجة الأعياد حتى يتسنى لهم السعي في شق طريق الثورة المتعرج.

ولم يمنع زخم المشاكل السياسية والاقتصادية من جمعية تأسيسية للدستور ومحاكمات رموز النظام السابق وبراءة المتهمين في موقعة الجمل وصراعات القوى المدنية مع قوى الإسلام السياسي من الاستمتاع بصفو هدنة عيد الأضحى هذا العام، فالمصريون ماضون في طريق الاستمتاع ببهجة الهدنة على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم ودياناتهم وانتماءاتهم السياسية.

وتعتبر المدن الساحلية في مصر غربها وشرقها ملاذ المصريين لغسل همومهم، وإذا كان المصريون يفضلون قضاء أشهر الصيف غربا في مدن مثل الإسكندرية والساحل الشمالي ومرسى مطروح وغيرها، فإنهم في الشتاء يتجهون شرقا إلى المدن الأكثر دفئا مثل العين السخنة ورأس سدر والغردقة وطابا وغيرها، إلا أن فصل الخريف الذي يتزامن مع العيد هذا العام سيعطي فرصة لاستغلال منتجعات مصر المختلفة، خاصة أن الحفلات الغنائية لكبار المطربين المصريين والعرب تقام على شواطئها المتنوعة.

مع بداية أيام العيد خف الزحام من القاهرة لينتقل إلى شواطئ مصر على ساحليها، البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. ويقول جمال صفوت، وهو دكتور صيدلي في الثلاثين من عمره: «هذه هي آخر فرصة للسفر إلى الساحل الشمالي هذا العام قبل حلول فصل الشتاء وبرودة الجو، خاصة أن الموسم الصيفي هذا العام كان قصيرا جدا».

وفي ظل حالة ركود حركة السياحة في مصر التي لم تتعاف بشكل كامل وعزوف السياحة الأجنبية من القدوم إلى مصر بسبب الحالة الأمنية المتقلبة وتوجه السياحة العربية إلى دبي وتركيا، استفاد المصريون من الفرص والعروض التي تقدمها الفنادق والمنتجعات السياحية لمحاولة إعادة النشاط وزيادة نسب الإشغال. وينتهز المصريون المحبون للسفر في الأعياد فرصة الذهاب إلى المدن البعيدة مثل شرم الشيخ والغردقة بخلاف الإسكندرية والساحل الشمالي والعين السخنة ورأس سدر التي تعتبر أشهر مدن السياحة الداخلية بمصر.

ويقول شريف أسامة، وهو مهندس في منتصف العشرينات: «وقع اختياري على مدينة مرسى علم التي تقع جنوب محافظة البحر الأحمر لقضاء العطلة، فهي مدينة جذابة جدا وقد تكون من أجمل المنتجعات المصرية ولكنها ليست معروفة للمصريين فأنا قررت الذهاب إليها بعد ما كان صديق لي من سويسرا يحدثني عنها وأنا لم أكن أفكر في الذهاب إليها قبل ذلك».

وعلى الرغم من البيانات التي كان يصدرها مسؤولون مصريون من أن المحلات والمطاعم ستغلق أبوابها في العاشرة مساء توفيرا للطاقة فإن قطاعا من المصريين عادة ما يضربون بالقرارات التي تغير من عاداتهم بعرض الحائط. ويقول جمال قاسم الطالب بالجامعة الأميركية بالعاصمة المصرية: «القاهرة مدينة لا تنام صيفا أو شتاء فما بالك بالعيد، لا أعتقد أن التصريحات الحكومية لها مكان في العيد فدور السينما والمحلات والمقاهي والمراكز التجارية ستكون مكتظة بالناس ككل عام». وشهدت شوارع القاهرة أزمة غير مسبوقة خلال الفترة التي سبقت العيد بسبب الزحام المروري، نتيجة الإقبال على شراء مستلزمات العيد من ملابس وهدايا وغيرها؛ فكانت الشوارع متكدسة بشكل غير معقول، حتى سخر البعض من ذلك قائلا «مصر بدلت اسمها من جمهورية مصر العربية إلى جمهورية مصر في العربية (أي السيارة)».

وقد مرت أيام العيد هادئة وكانت شوارع القاهرة أقل زحاما وأكثر هدوءا لتعبر عن روح العيد بعيدا عن الصخب والجدال السياسي وحالة الإحباط من جمود حركة الإصلاحات المنشودة في البلاد، فالعيد إلى جانب مكانته الروحية والمبهجة في نفوس المصريين إلا أنه أيضا أصبح بمثابة وسيلة للهروب من الصداع السياسي الذي فاجأ الشارع المصري في 25 يناير (كانون الثاني) 2011.