لافروف: «حمام الدم» في سوريا سيستمر إذا لم يغير الغرب موقفه بشأن الأسد.. وفابيوس: الخلاف لا يزال قائما

حاولا البحث عن «نقاط الاتفاق»

وزيرا خارجية فرنسا وروسيا لوران فابيوس وسيرغي لافروف في مؤتمر صحافي في باريس أمس (إ.ب.أ)
TT

أخفق المسؤولون الفرنسيون والروس مجددا في التوصل إلى «قراءة مشتركة» لـ«ورقة جنيف»، وعاد كل طرف ليرى فيها ما يدعم موقفه. ومجددا، أكد الجانب الروسي تمسكه ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة ورغبته في أن يكون جزءا من الحل، بينما الجانب الفرنسي (ومعه الغربيون وعدد كبير من البلدان العربية) يرى في الأسد المشكلة، وبالتالي لا يمكن أن يكون جزءا من الحل.

وسعى الوزيران لوران فابيوس وسيرغي لافروف، رغم ذلك، إلى إبراز جوانب التوافق بين باريس وموسكو في النظرة إلى الأزمة السورية من خلال التأكيد على «نقاط الاتفاق» التي عددها لوران فابيوس كالتالي: الرغبة في وضع حد للنزاع، تحاشي أن تمتد العدوى السورية إلى بلدان الجوار، التعايش بين كافة الطوائف ومكونات الشعب السوري، التوازن الطائفي ووضع حد للعنف، دعم مهمة المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي وترقب مقترحاته وأفكاره، غير أن الخلاف الأساسي الذي برز بين الطرفين بقوة حول مصير الأسد كان هو الغالب.

وقال سيرغي لافروف بحزم: «إذا أصر شركاؤنا على طلب رحيل هذا القائد (الأسد) الذي لا يحبونه، فإن حمام الدم في سوريا سيستمر».

وليست المرة الأولى التي يتمسك بها لافروف بمواقف بالغة التشدد، رغم قوله في أكثر من مناسبة إن بلاده «لا تتمسك بالأسد». وسبق له أن نبه في اجتماع سابق مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على أن الأسد «لن يتخلى عن السلطة أبدا». ويقوم الموقف الروسي، كما كرره لافروف أمس في المؤتمر الصحافي المشترك مع فابيوس ووزيري الدفاع في البلدين، على التأكيد على القراءة الروسية التي تشدد على ترك القرار بخصوص تشكيل سلطة انتقالية وفق ورقة جنيف للسوريين أنفسهم من جانب، وعلى رفض إخراج الرئيس السوري ونظامه من إدارة المرحلة الانتقالية. أما الوزير الفرنسي فقد اعترف من غير مواربة بـ«وجود خلافات» حول هذا الموضوع بالذات. وكانت مصادر فرنسية رفيعة المستوى قالت أول من أمس لـ«الشرق الأوسط» إن السير بورقة جنيف يفترض أن يقبل الروس بتحديد المراحل التي ستقود إلى تخلي الأسد عن السلطة ووجود برنامج زمني واضح مع توافر ضمانات لتطبيقه. وأملت هذه المصادر بالتوصل إلى قراءة مشتركة «بالحد الأدنى» لورقة جنيف التي هي الوثيقة الوحيدة التي قبلها الخمسة الكبار في مجلس الأمن، وحظيت بدعم الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا.

وترفض المعارضة السورية رفضا قاطعا مشاركة الأسد في المرحلة الانتقالية، وتجعل من رحيله عن السلطة «الشرط» الذي لا مهرب منه للسير في العملية السياسية. لكن الكلام الروسي أمس في باريس لم يفاجئ الجانب الفرنسي الذي تقول مصادره إن موسكو «لن تغير موقفها جديا إلا عندما ترى أن الأسد سينهار حقيقة، والحال أنها تعتبر أنه ما زال يقاوم وأن ميزان القوى لم يمل بشكل فاضح إلى جانب المعارضة». فضلا عن ذلك، ترجح المصادر الفرنسية أن تكون موسكو بانتظار مرور الانتخابات الأميركية لترى ما إذا كانت واشنطن ستضع ثقلها في الميزان ولتبدأ عندها المفاوضات.

وتنص ورقة جنيف على تشكيل هيئة أو سلطة مؤقتة تتولى إدارة المرحلة الانتقالية مع قبول وجود أعضاء من الحكومة السورية فيها، لكن شرط أن يتوافق الأطراف (النظام والمعارضة) على تشكيلها. وبحسب القراءة الفرنسية، فإن الورقة أعطت الأطراف حق النقض (الفيتو) لأنها تحدثت عن «التوافق». وبالمقابل، قال لافروف إن بيان جنيف «لا يتحدث عن اختفاء المسؤولين السوريين، ولذا فإن الشعب السوري هو من يقرر»، ما يعني أنه لا يعود للأطراف الخارجية أن تفرض قراءتها لورقة جنيف. كذلك أخذ لافروف على المعارضة أنها لم تعين ممثلا لها ليقوم بالتفاوض نيابة عنها، بينما عمد النظام إلى ذلك. واختلف الوزيران على توصيف المعارضة المسلحة التي تمثل بالنسبة لباريس «المقاومة»، بينما وصفها لافروف بـ«الإرهابيين».