سوق الأسهم السعودية على بوابة «الجمود» والعودة إلى نقطة الصفر مجددا

خبراء اقتصاد يحذرون من تراجع حجم نشاط السوق

سوق الأسهم السعودية تستأنف تعاملاتها اليوم عقب إجازة عيد الأضحى (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي حذر فيه مختصون من أن يقود الضعف العام الذي يسيطر على سوق الأسهم السعودية إلى «الجمود» والعودة إلى نقطة «الصفر» مجددا، تستأنف سوق الأسهم المحلية في البلاد تداولاتها اليوم عقب انقطاع استمر لمدة 9 أيام (يتخللها يومي الخميس والجمعة) بسبب إجازة عيد الأضحى المبارك.

ويتمنى المتعاملون في سوق الأسهم السعودية أن ينجح مؤشر السوق في الأيام القليلة المقبلة من تجاوز حاجز 7 آلاف نقطة، والاستقرار فوقه خلال تعاملات الشهر الجاري.

ومن المتوقع أن يساهم الاستقرار الحالي في نفسيات المتعاملين برفع معدلات السيولة النقدية المتداولة في السوق المالية السعودية، حيث إن متوسط السيولة اليومية المتداولة خلال الآونة الأخيرة يبلغ نحو 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار)، وسط توقعات بأن يبلغ متوسط حجم السيولة المتداولة خلال تعاملات هذا الأسبوع نحو 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار).

فيما عزا خبراء اقتصاديون تراجع معدلات السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى عدم جدوى الاستثمار في هذه السوق، إضافة إلى تراجع معدلات الثقة في تعاملات السوق اليومية، نتيجة للأزمات المتتالية.

وأشار هؤلاء إلى أن النشاط لن يعود إلى سوق الأسهم السعودية مجددا في ظل الظروف الحالية، مطالبين هيئة السوق المالية بابتكار طرق وأدوات من شأنها التحفيز على الاستثمار في هذه السوق من جديد، يأتي ذلك في وقت شهدت فيه سوق الأسهم السعودية خلال الأعوام 2003 و2004 و2005. ومطلع عام 2006 نشاطا يعد الأقوى على مر تاريخ هذه السوق.

وقال فضل بن سعد البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «هيئة السوق المالية تسعى إلى أن يكون سوق الأسهم السعودية سوقا استثمارية، ولكنها للأسف لم تنجح في تحويلها لسوق مؤسسات واستثمار كالسوق الأميركية، كما أنها لم تساعد في أن تكون صبغة السوق خليطا بين المؤسسات والأفراد، مما قتل تعاملات السوق اليومية».

وأكد البوعينين أن الصناديق الاستثمارية السعودية لم تنجح في تدعيم عمق السوق المالية السعودية، وقال: «دورها غير المكتمل قاد إلى بعض المضاربات غير الصحية في عدد من شركات التأمين، حتى تجاوزت بأسعارها، المناطق السعرية لجميع الأسهم القيادية الرابحة، وهذا غير صحي على الإطلاق».

وحذر البوعينين من أن تصاب سوق الأسهم السعودية بنوع من «الجمود» في حال استمرارها على أدائها الحالي خلال الأشهر المقبلة، وقال: «للأسف مؤشر سوق الأسهم السعودية لا يعكس قوة ومتانة اقتصاد البلد، هو يقدم صورة مختلفة جدا عن الاقتصاد السعودي المتين».

وضرب البوعينين مثالا في السوق الأميركية كإحدى الأسواق المالية الناجحة، مشيرا إلى أن لديها صناع سوق قادرين على تحقيق التوازن والإيجابية، مضيفا «كل ذلك يأتي بسبب أن السوق الأميركية تعد سوق مؤسسات من الدرجة الأولى، كما أنها سوق استثمارية ولكنها لا تخلو من المضاربة التي لا يمكن حجبها في أسواق الأسهم على الإطلاق».

من جهة أخرى قال فيصل العقاب الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «فقدت سوق الأسهم السعودية خلال الآونة الأخيرة سيولة نقدية كبيرة كانت تتداول بصورة يومية، هذا الأمر أفقد تعاملات السوق قوتها، وقادها إلى الضعف والتراجع»، مشيرا إلى أن استمرار هذا الأداء سيعيد سوق الأسهم السعودية إلى نقطة الصفر.

وأرجع العقاب الضعف الحالي في حجم السيولة النقدية المتداولة إلى عدم الجدوى الاستثمارية في سوق الأسهم السعودية، إضافة إلى فقدان كثير من المتعاملين للثقة في هذه السوق، التي فقدت بريقها بشكل كبير جدا خلال السنوات القليلة الماضية.

وكان خبراء اقتصاد قد أكدوا أن فتح باب الاستثمار المباشر في الأسواق المالية السعودية أمام المستثمرين الأجانب سيعيد الروح إلى سوق السندات والصكوك في البلاد، وهو الأمر الذي يعني أنهم مرشحون لاكتشاف ثروة تمويلية هائلة لم يكتشفها المستثمرون والمتمولون السعوديون بعد.

وأشار هؤلاء خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، إلى أن سوق السندات والصكوك المحلية تعاني من قصور كبير لم يتم معالجته حتى الآن، رغم مرور أكثر من 5 سنوات منذ تدشين هذه السوق في البلاد، مؤكدين على أن السوق المالية السعودية باتت غير ذات كفاءة على الإطلاق.

وأمام ذلك، قال فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» حينها: «في الأسواق العالمية ذات الكفاءة، رؤوس الأموال تتنقل بين الأسهم والسندات وفقا للعوائد، وهو الأمر غير الموجود في السوق المالية السعودية على الإطلاق».

وأشار البوعينين خلال حديثه إلى أن سوق السندات والصكوك السعودية تعاني من قصور كبير جدا لم يتم معالجته حتى الآن، مضيفا «الصناديق الاستثمارية في سوق الأسهم تحتاج إلى سوق السندات، وذلك بهدف تحقيق التوازن للمحفظة الاستثمارية، وبهدف توفير أوراق مالية سهلة التسييل، كما أنها أوراق مالية شبه آمنة وذلك لمواجهة متطلبات التسييل». وتابع البوعينين حديثه: «جميع هذه المعطيات التي تحدث في أسواق السندات والأسهم العالمية غير موجودة في السوق السعودية، لدرجة أن التداول في سوق السندات والصكوك السعودية يكاد يكون معدوما، وهو الأمر الذي يعود إلى طبيعة الثقافة الاستثمارية غير الإيجابية في السوق المحلية».

وشدد البوعينين على أن أسواق السندات في العالم تمثل المشغل الحقيقي لأموال المودعين، معتبرا مثل هذه القنوات الاستثمارية مجدية جدا، على العكس من أن تكون الودائع لحسابات بنكية لا يستفيد منها المودع استثماريا على الإطلاق.

وأضاف: «في حال فتح سوق الأسهم أمام الأجانب بشكل مباشر، فإنه سيتم تفعيل سوق السندات والصكوك المحلية، لأن فتح هذه السوق سينقل الثقافة الغربية الاستثمارية إلى السوق المالية السعودية»، مشيرا إلى أن البنوك السعودية رغم أنها تمول جميع القطاعات إذا احتاجت هذه القطاعات للأموال، فإنها تذهب بنفسها إلى سوق الصكوك أو السندات، عند حاجتها إلى التمويل.