تقرير أوروبي يظهر تزايد رفض البنوك لطلبات الشركات الصغرى والمتوسطة للحصول على قروض

القطاع الصناعي لمنطقة اليورو ينكمش.. وعام على تولي دراغي رئاسة «المركزي الأوروبي»

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي (إ.ب.أ)
TT

نشرت المؤسسات الأوروبية ببروكسل تقريرا، أصدره المصرف المركزي الأوروبي، حول نتائج المسح السابع من نوعه، بشأن القروض التي تقدمها البنوك في منطقة اليورو للشركات الصغيرة والمتوسطة. وشمل المسح الفترة من 3 أبريل (نيسان) إلى 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، وغطى 7514 شركة في منطقة العملة الموحدة.

وأشار التقرير إلى وجود تغييرات في الأوضاع المالية وتطورات للحصول على تمويل من جانب الشركات الصغرى والمتوسطة. وتبين أن النسبة المئوية للتغير في صافي التمويل الخارجي لهذه الشركات قد وصلت إلى 5 في المائة بدلا من 8 في المائة في المسح السابق، كما أن الطلبات التي رفضتها البنوك من تلك الشركات بلغت نسبتها 15 في المائة مقارنة بـ13 في المائة في المسح السابق.

وتجرى عملية المسح بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، ويسعى المركزي الأوروبي لإجراء المسح كل ستة أشهر من أجل تقييم آخر التطورات في شروط التمويل للشركات الصغرى والمتوسطة في منطقة اليورو. ويهدف التقرير إلى تحقيق فهم أفضل لسلوك الإقراض المصرفي للمستهلكين والشركات والعائلات الأوروبية، وتضمن المسح الأخير محاولة للإجابة عن سؤال بشأن تأثير الاضطرابات المالية في الحصول على القروض وشروط البنوك في هذا الصدد، ولمح التقرير في حديثه عن نتائج البحث إلى وجود تشديد لمعايير الائتمان خاصة جهة الشركات الصغرى والمتوسطة مقارنة بالشركات الكبرى، ولمح أيضا إلى أن نسبة القروض للعائلات الأوروبية لشراء المنازل ظلت ثابتة وهي 13 في المائة.

ويتوقع البعض من البنوك الأوروبية تراجع طلبات الحصول على قروض بالنسبة للعائلات الأوروبية بهدف شراء المنازل خلال الربع الأخير من العام الحالي، كما شهد صافي تشديد الائتمان الاستهلاكي زيادة بلغت 4 في المائة مقارنة بـ3 في المائة في المسح السابق. وتزامن الإعلان عن التقرير مع مرور عام على رئاسة ماريو دراغي للبنك المركزي الأوروبي.

ولدى تسلمه الرئاسة كانت منطقة اليورو غارقة في أزمة ديون منذ بضعة أشهر، خصوصا اليونان التي كانت على وشك الإفلاس. وبعد عام واحد الأزمة لم تنته، لكن الأسواق سجلت بعض الانتعاش إثر وعود دراغي الذي قال «سنتخذ كل الإجراءات اللازمة لإنقاذ منطقة اليورو والعملة الموحدة». وأبرز الإجراءات التي اتخذها دراغي هو التخفيض القياسي لمعدل الفوائد على القروض ليكسر المعدل الأدنى وهو واحد في المائة ويصل إلى معدل صفر فاصل خمسة وسبعين في المائة.

بعد ذلك، أجرى دراغي تعديلا على برنامج شراء سندات الدين الطويلة الأمد، وجعل عمليات الإصلاح في الدول المستدينة شرطا أساسيا لتلقي قروض، لكن لتفادي اللوم في التحكم بسياسات الدول اشترط دراغي طلب خطة للإنقاذ قبل منح القروض. ونجح دراغي في الحفاظ على ثبات الأسعار عبر التحكم بمعدلات الفوائد، لكن أمامه تحديات كبرى بينها الارتفاع الحاد في معدلات الفوائد على سندات الدين الإسبانية، وتشاؤم المحللين بشأن النمو الاقتصادي الأوروبي وفشل الحكومات في توحيد رؤيتهم لمواجهة أزمة الديون.

من جهة أخرى، أظهر مسح أمس الجمعة انكماش الصناعات التحويلية في منطقة اليورو للشهر الخامس عشر على التوالي في أكتوبر الماضي، حيث تراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة، مما قد يعزز التوقعات باتخاذ مزيد من إجراءات التيسير النقدي من جانب البنك المركزي الأوروبي.

وكانت الصناعات التحويلية هي القوة الدافعة لتعافي المنطقة من الركود السابق، لكن تراجع نشاط المصانع الذي بدأ في دول صغيرة في أطراف منطقة اليورو امتد الآن إلى ألمانيا وفرنسا الدولتين الرئيسيتين في المنطقة. وتراجع مؤشر مؤسسة «ماركت» لمديري المشتريات في قطاع الصناعات التحويلية بمنطقة اليورو إلى 45.4 في أكتوبر من 46.1 في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقراءة أكتوبر أعلى قليلا من قراءة أولية وردت في وقت سابق عند 45.3. وما زال المؤشر تحت مستوى 50 - الذي يفصل بين النمو والانكماش - منذ أغسطس (آب) 2011.

ونزل مؤشر الإنتاج إلى 45 من 45.9. وأظهرت بيانات صدرت في وقت سابق من ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، أن قطاع الصناعات التحويلية انكمش للشهر الثامن، بينما أظهرت بيانات فرنسية انكماشا في كل الأشهر الخمسة عشر الماضية باستثناء شهر وحد.

ويرى البعض من المراقبين أنه ليس من الغريب أن تكون بداية الربع الأخير من العام الحالي غير مبشرة على الإطلاق بالنسبة لمنطقة اليورو، وذلك في ظل استمرار أزمة الديون السيادية ومن ثم مواصلة الحكومات في تطبيق سياسات التقشف الصارمة والتي أسهمت في تعمق الركود داخل المنطقة. وواصل القطاع الصناعي انكماشه أيضا في ألمانيا مسجلا 46.00 من 47.4 للقراءة السابق، بينما تحسن قليلا في فرنسا مسجلا 43.7 من 42.7 في سبتمبر، وكذا في إسبانيا، حيث سجل أدنى مستوياته منذ يوليو (تموز) السابق مسجلا 43.5 في أكتوبر من 44.6 للشهر السابق له فيما لا يزال منكمشا للشهر الثامن عشر على التوالي. وفي إيطاليا، سجل 45.5 من 45.7 للشهر السابق له.

ولا تواجه منطقة اليورو فقط أزمة الديون، بل أيضا تتعرض لضعف مستويات الطلب العالمي، وهو الأمر الذي يزيد من انكماش المنطقة.

جدير بالذكر أن منطقة اليورو حققت انكماشا بنسبة - 0.2 في المائة في الربع الثاني من العام السابق، فيما قام البنك الأوروبي بخفض توقعاته بشأن نمو المنطقة في تقريره الأخير إذ من المتوقع أن تنكمش لما بين مستوى - 0.25 و- 0.6 في المائة خلال العام الحالي، وبين - 0.4 في المائة و1.4 في المائة لعام 2013. هذا الانكماش الناتج عن السياسات التقشفية بجانب ضعف الطلب العالمي كان له الأثر على ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية، إذ ارتفع معدل البطالة في شهر سبتمبر إلى 11.6 في المائة وهو الأسوأ منذ البدء في تسجيل بيانات سوق العمل في عام 1995.