مصر: قوى سياسية تطالب بوقف أعمال «تأسيسية الدستور» لحين الفصل في بطلانها

قيادات إسلامية تدعو لتنظيم «مليونية الشريعة»

TT

طالبت عشرات الأحزاب والقوى والمنظمات الحقوقية في مصر بتجميد نشاط الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة دستور جديد للبلاد، وذلك لحين نظر قضية بطلان تشكيلها أمام المحكمة الدستورية العليا. وقالت تلك القوى في مؤتمر صحافي أمس إن ممثلي حزب النور السلفي (داخل التأسيسية) يركزون على فرض رؤية رجعية للمجتمع، بينما يركز ممثلو حزب الإخوان على السيطرة على السلطة وعلى مؤسساتها.

في المقابل، ردت قيادات إسلامية بقولها أمس إن «العلمانيين هم قلة منبوذة يضغطون على الجمعية التأسيسية ليطمسوا الشريعة في الدستور»، مؤكدة عزم القوى الإسلامية على تنظيم «مليونية الشريعة» الجمعة المقبل.

وكانت الجمعية التأسيسية المكونة من مائة عضو أغلبيتهم من الإسلاميين، قد دخلت في سباق مع الزمن لإنهاء الدستور قبل صدور حكم متوقع من المحكمة الدستورية العليا ببطلان تشكيلها، وسط خلافات سياسية حادة.

وكانت المحكمة الدستورية قد أبطلت التشكيل الأول للجمعية بسبب وجود برلمانيين في عضويتها، ثم اختار البرلمان جمعية جديدة ضمت أيضا برلمانيين، لكنهم قدموا استقالاتهم منها لتفادي بطلانها.

وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المحكمة الدستورية العليا ستقضي على الأرجح ببطلان التشكيل الحالي للجمعية، فيما رفضت الإجابة عما إذا كان حكم بطلان التشكيل الحالي يبطل الدستور إذا ما تم الاستفتاء بالفعل عليه أم لا.

ويبدو أن مساعي الرئيس محمد مرسي في التوصل لتسوية سياسية بشأن الدستور لم تصادف النجاح، حيث نظم أكبر تجمع سياسي لأنصار الدولة المدنية مؤتمرا صحافيا أمس في نقابة الصحافيين للإعلان عن موقفهم النهائي من مشروع الدستور الذي تستعد الجمعية للإعلان عنه في غضون الأسبوعين المقبلين.

وقالت القوى المدنية في بيان لها أمس إن «مسودة الدستور التي خرجت علينا حتى الآن، عكست ما كنا نخشاه من طريقة تشكيل الجمعية، بهيمنة تيار استبدادي معادٍ للحريات ولحقوق المواطنين على تشكيلها، حيث يركز ممثلو حزب النور السلفي على فرض رؤية رجعية للمجتمع، تستند إلى تنميط حياة الأفراد والجماعات بتصوراته الخاصة عن الحياة».

وتابع البيان: «بينما يركز ممثلو حزب الحرية والعدالة على الاستبداد السياسي، والسيطرة على السلطة وعلى مؤسساتها، ساعيا لوراثة تركة الاستبداد والاستغلال من النظام السابق كما هي، أو بتغييرات طفيفة».

وأشار البيان إلى أن «مسودات الدستور المطروحة من الجمعية حتى الآن، تعبر عن فلسفة مخاصمة لحقوق الإنسان، ومعادية للحرية ولحقوق المواطنين ولمضمون العدالة الاجتماعية، وتجافي مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وتسعى لوضع بذور دولة دينية استبدادية تستند إلى مذاهب محددة، تقيد الدولة طبقا لتفسيراتها الضيقة».

وقال البيان الذي وقع عليه 40 حزبا وحركة ومنظمة إن المسودات المطروحة تقيد أيضا «حرية التظاهر السلمي، وحرية المعرفة وتداول المعلومات بقيود فضفاضة، وبالنص على الإحالة للقانون، وترك حريات المواطنين رهينة في أيدي الأغلبية التشريعية في البرلمان، كما أصرت الجمعية على استبعاد مادة بمنع العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر؛ وهو ما يفصح عن عداء واضح لحرية الصحافة والإعلام، وتقييد المعرفة وإعلان الحقائق على الشعب».

وكان الرئيس مرسي قد التقى خلال الأسبوع الماضي قيادات سياسية معارضة ناقش معها الصعوبات التي تواجه التوافق بشأن الدستور، لكن قيادات حزب الإخوان داخل الجمعية واصلت تأكيداتها بشأن تسوية كل الخلافات حول مواد الدستور الجديد، وهو ما نفته قيادات ليبرالية مشاركة في أعمال الجمعية.

وتحتاج المواد الخلافية في الدستور لموافقة 57 عضوا بالجمعية من أجل تمريرها إلى الاستفتاء الشعبي، وهي النسبة التي يملكها الإسلاميون حاليا.

ووفق الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي في أغسطس (آب) الماضي، يملك الرئيس حق تشكيل جمعية تأسيسية جديدة.

ويقول مراقبون إن الرئيس مرسي سيكون أمام تحد حقيقي إذا ما اقتضت الضرورة أن يتخذ موقفا تجاه أزمة الدستور، مشيرين إلى أن حديثه الدائم عن أنه رئيس لكل المصريين سيكون على المحك.