قائد أميركي يكشف تفاصيل عن قوة تنظيم القاعدة في مالي

قدم دلائل على تعاونهم مع جماعة بوكو حرام

TT

صرح القائد العسكري الأميركي الأعلى في أفريقيا أول من أمس بأن الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا تدير معسكرات لتدريب الإرهابيين في شمال مالي، كما تقوم بتزويد تنظيم إسلامي مسلح في شمال نيجيريا بالأسلحة والمتفجرات والتمويل. وذكر الجنرال كارتر هام أن هذه الجماعة، المعروفة باسم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، استغلت قوة الدفع التي اكتسبتها منذ أن سيطرت على الجزء الشمالي من ذلك البلد الفقير في شهر مارس (آذار) الماضي في تجنيد المزيد من العناصر في أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وأوروبا.

ويعتبر هذا التقييم الذي قدمه الجنرال هام هو التحليل الأكثر تفصيلا ورزانة الذي يقدمه أحد العسكريين الأميركيين حتى الآن عن عواقب استيلاء الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة وجماعات المتطرفين المرتبطة بها على الجزء الشمالي من مالي كي تستخدمه مأوى لها. وقال الجنرال هام في تصريحات أدلى بها داخل «معهد سياسات الأمن الداخلي» في «جامعة جورج تاون»: «مع مرور كل يوم، يزداد موقف تنظيم القاعدة والتنظيمات الأخرى قوة في شمال مالي. هناك حاجة ملحة إلى أن يتعامل المجتمع الدولي، بقيادة الأفارقة، مع ذلك».

وبالإضافة إلى المخاطر القائمة داخل مالي، أشار الجنرال هام أيضا إلى أن أفرادا من جماعة بوكو حرام، وهي جماعة متطرفة في شمال نيجيريا، قد سافروا إلى معسكرات التدريب في شمال مالي، وأغلب الظن أن يكونوا قد حصلوا على تمويل ومتفجرات من الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة. وتابع قائلا: «لقد رأينا دلائل واضحة على التعاون بين هذين التنظيمين». وحول الإسلاميون المتشددون شمال مالي إلى معقل لمسلحي تنظيم القاعدة ولفرض أحكام شرعية صارمة يتم استخدامها لإرهاب الأهالي وخاصة النساء، مثل قطع الأطراف والرجم والجلد وغير ذلك من الانتهاكات. وأوضح الجنرال هام أن فرع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا يعتبر حاليا من أغنى فروع التنظيم وأكثرها تسليحا على مستوى العالم، ويعود الفضل الأول في ذلك إلى ملايين الدولارات التي تم الحصول عليها من فديات الاختطاف وعوائد المخدرات والاتجار غير المشروع في الوقود والتبغ.

واعترف الجنرال هام بأن مقاتلي تنظيم القاعدة سوف يعززون في الغالب من المكاسب التي حققوها في شمال مالي، وهي منطقة بحجم فرنسا، خلال الأشهر التي سيستغرقها تدريب وتجهيز القوة الأفريقية من أجل مساعدة الجيش المالي الممزق على إسقاط حكم المسلحين في الشمال. وأكد الجنرال هام على ضرورة أن يكون البحث عن حل دبلوماسي هو أول سبيل يتم السير فيه لتسوية هذا الصراع. وقد التقى دبلوماسيون ماليون مؤخرا مع بعض المتمردين من شعب الطوارق في بوركينا فاسو المجاورة، في محاولة لتسوية بعض المظالم القائمة منذ زمن بعيد لدى الطوارق وعزل المقاتلين الأجانب من العرب عن الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة.

وحدد الجنرال هام، وهو قائد سابق من قادة الحرب على العراق تولى الإشراف على الحملة الجوية الأولى التي قادتها أميركا ضد ليبيا العام الماضي، العقبات التي قد تواجهها عملية تشكيل قوة أفريقية عند طرد المتطرفين، حيث أوضح أن معظم الجيوش الأفريقية التي من المرجح أن تشارك في عملية كهذه تم تدريبها وتجهيزها في المقام الأول لتنفيذ مهام حفظ السلام، وليس لتنفيذ عمليات هجومية. وأضاف أن التضاريس الصحراوية للمنطقة والمسافات الشاسعة واحتمال أن يطول أمد الصراع تشكل هي الأخرى تحديات كبرى أمام تكوين قوة أفريقية، وكذلك أمام لعب أي جيوش غربية لأدوار داعمة. كما حدد بان كي مون المزيد من المشكلات الأساسية التي ينبغي التعامل معها قبل أن تكون هناك قوة بقيادة أفريقية جاهزة لإرسالها إلى هناك، حيث كتب في تقريره المكون من 39 صفحة والذي رفعه إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي: «إن الأسئلة الجوهرية المتعلقة بكيفية قيادة هذه القوة وتعزيزها وتدريبها وتجهيزها وتمويلها ما زالت بلا إجابات».

وكان الإسلاميون قد استولوا على الشمال الذي مر بفترة طويلة من عدم الاستقرار بعد القيام بانقلاب عسكري في العاصمة المالية باماكو في شهر مارس (آذار) الماضي، وانهار الجيش المالي بعد هذا الانقلاب، حيث فر من المدن الرئيسية في الشمال في أعقاب تقدم المتمردين، ومنذ ذلك الحين ظلت السلطة في باماكو منقسمة بصورة غير مستقرة ما بين زعماء مدنيين ضعاف وبين العسكر المتهمين بارتكاب انتهاكات صارخة ضد حقوق الإنسان. وقد دفع سقوط العقيد معمر القذافي في ليبيا المقاتلين الطوارق من شمال مالي، الذين كانوا يقاتلون إلى جوار قوات العقيد القذافي، إلى العودة إلى وطنهم بالأسلحة التي حصلوا عليها من ترسانة الأسلحة الليبية، وانضموا إلى المسلحين الإسلاميين الموالين لتنظيم القاعدة الذين كانوا قد انتقلوا إلى هذه المنطقة ذات الوجود الأمني الخفيف مقبلين من الجزائر، وتمكنت الجماعتان بسهولة من إخراج الجيش المالي الضعيف في أواخر شهر مارس (آذار) وأوائل شهر أبريل (نيسان) الماضيين، ثم التفت الإسلاميون إلى الطوارق، ليطردوهم من المنطقة ويحكموا سيطرتهم عليها خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»