الخارجية الإسرائيلية تصدر تعليماتها للسفراء بالدفاع عن الاستيطان في القدس

سياسيون إسرائيليون: نتنياهو يهدد مصالح إسرائيل بالخطر

TT

في أعقاب الانتقادات الحادة التي تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته، بسبب الإجراءات العقابية للسلطة الفلسطينية، خرج الكثير من السياسيين والصحافيين والخبراء، يحذرون من الأخطار التي تهدد إسرائيل ومصالحها من جراء سياسة نتنياهو. لكن الحكومة أعلنت رسميا أنها لن تتراجع عن مشروعها. وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليماتها للسفراء في الخارج بأن يعلنوا التمسك بالموقف الرسمي وبالدفاع عن قرار الاستيطان في القدس. وأعلنت لجنة التنظيم والبناء عن دفع مشروع استيطاني آخر إلى الأمام، لبناء 1700 وحدة سكن في حي «رمات شلومو» الاستيطاني شرقي القدس، وهو المشروع الذي كان أقر في اللجنة التابعة لوزارة الداخلية قبل سنة، خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن لإسرائيل، والذي اضطرت لتجميده بسبب الغضب الأميركي.

وكانت مصادر سياسية في إسرائيل، أكدت أن رد الفعل الأوروبي بدا هذه المرة شديد اللهجة ويتسم بالغضب فعلا، وليس مجرد ضريبة شفاه. وقال موقع «واللا» الإخباري التابع لصحيفة «هآرتس»، إن الأوروبيين بدأوا يسمعون نغمة جديدة غير مسبوقة، إذ باتوا يتحدثون عن إجراءات عقابية ضد إسرائيل. ونقل الموقع على لسان مسؤول قديم في الخارجية الإسرائيلية قوله، إنه لا يذكر موقفا حادا ضد سياسة إسرائيل بهذا الشكل منذ بدأ يعمل في الوزارة. ووصف الحالة بأنها أشد أزمة دبلوماسية تعانيها إسرائيل في السنوات الأخيرة. ونقل موقع إخباري آخر باسم «عنيان مركزي» على لسان سفراء في أوروبا قولهم، إن نتنياهو بات يقترب من وضع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الصحافة الغربية. وقالوا إن نتنياهو يهدم بلمح البصر علاقات تأسست بعمل النملة طيلة سنوات كثيرة بين إسرائيل والدول الأوروبية التي يخدمون فيها.

وقد صرحت وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي لفني، بأن «القائد الوطني في عصرنا هو ذلك القادر على تقريب العالم إلى شعبه، بينما نتنياهو يبعد العالم عن إسرائيل في سبيل خدمة مصالحه الحزبية والشخصية». وأضافت: «نتنياهو يعرض مصالح إسرائيل للخطر. فالدول الأوروبية استدعت السفراء الإسرائيليين إلى جلسات توبيخ، بسبب فشل دبلوماسي خطير. فهو لم يدرك أن قرار بناء 3000 وحدة سكن، بضمنها المشروع (اي – 1)، وحجب أموال الضرائب عن السلطة الفلسطينية كعقاب لها على توجهها للأمم المتحدة، يستفز العالم كله لما ينطوي عليه من مساس بعملية السلام. وهكذا، خلال شهر واحد حقق نتنياهو لنا دولة قوية لحركة حماس في قطاع غزة، ودولة فلسطينية في الأمم المتحدة ووضع إسرائيل في قفص الاتهام وفي عزلة خانقة في العالم».

وقال وزير الدفاع الأسبق في الحكومة الإسرائيلية، بنيامين بن أليعازر، إن «العالم بدأ يفقد صبره إزاء السياسة غير المسؤولة لحكومة نتنياهو. فالقرار ببناء 3000 وحدة سكن، صدر في توقيت سيئ ومضمون أسوأ. وهو يضر بمصالح إسرائيل. وأحذر من العزلة التي يحشرنا فيها. ومشكلتنا ليس فقط في أوروبا، بل في البيت الأبيض أيضا، أصدق أصدقاء إسرائيل. إن أقل ما يقال في سياسة نتنياهو إنها خطيرة للغاية على مصالح إسرائيل».

وكان رئيس الوزراء السابق، ايهود أولمرت، قد هاجم سياسة نتنياهو من واشنطن بكلمات أقسى، أول من أمس، واتهمه بنكران الجميل مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما.

وحتى في حزب «البيت اليهودي» المتخالف مع نتنياهو، وجهوا له الانتقادات. فقال نفتالي بانيت، رئيس الحزب الجديد الذي كان قبل أربع سنوات، مديرا لمكتب نتنياهو، إن سياسته غير الواضحة هي سبب الهجوم عليه في الغرب. وفسر هذا الموقف قائلا: «لقد سمعنا نتنياهو يعلن تأييده لقيام دولتين للشعبين، واحدة لإسرائيل والثانية لفلسطين. والعالم يحاسبه على أقواله ويجده غير صادق. وعليه الآن أن يقول الحقيقة. فإذا كان يؤيد الدولتين، فليقل لنا. وإذا لم يكن صادقا، فليصارح الغرب. عليه أن يكف عن التلون وأن يعلن مواقف شفافة بلا خداع لنا أو لهم».

من جهة ثانية، خرج وزير البيئة المقرب من نتنياهو، غلعاد أردان، بتصريحات يدافع فيها عن رئيسه، فهاجم لفني «التي كانت أول مسؤول إسرائيلي يصدر بحقه أمر اعتقال في بريطانيا بسبب الحرب الأولى على قطاع غزة (سنة 2009). فهل نسيت أنها هي أيضا كانت عرضة للانتقادات الدولية؟». وقال أردان إن المعارضة الإسرائيلية تضع نفسها في خندق واحد مع أعداء إسرائيل - «فأنتم تتجاهلون حقيقة أن أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، يدير حربا سياسة ضد إسرائيل ويمتنع عن إدانة إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية ويطلق أسماء المخربين من قتلة الأطفال اليهود على الساحات والميادين في رام الله، وبعدها ترون فيه شريكا لمفاوضات السلام وترددون أقواله ضد نتنياهو. عليكم أن تخجلوا من أنفسكم على هذا الموقف المعيب».

وقال نائب رئيس الوزراء، موشي يعلون، إن أولمرت تكلم في واشنطن بعد ساعات قليلة من الخطاب الشيطاني الذي ألقاه عباس في الأمم المتحدة، ولكنه بدل أن ينتقد عباس على لهجته العدائية، راح يهاجم نتنياهو. وقال إن قادة المعارضة في إسرائيل يسخرون أنفسهم للخطط الدعائية للعدو، في سبيل خدمة مصالحهم الضيقة.

وقال داني أيلون، نائب وزير الخارجية، إن المعارضة الإسرائيلية ترتعد خوفا من خيالها. فالموقف الأوروبي لم يتغير تجاه إسرائيل. فالمقياس للعلاقات هو ليس في عدد المصوتين في الأمم المتحدة، ولا في استدعاء السفراء، بل في العلاقات الثنائية. وهذه العلاقات جيدة جدا مع جميع دول أوروبا، وكذلك مع الولايات المتحدة ولا حاجة للهلع. فالخلافات مؤقتة ولا تؤثر على إسرائيل بشيء.

واستخف وزير المالية، يوفال شتاينتس، بالغضب الأوروبي قائلا، إنه كان محسوبا. وأضاف أن العقوبات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية هي في الواقع خفيفة و«نحن لم نستخدم كل ما لدينا من أسلحة ضدها بعد».

وأصدرت وزارة الخارجية ورقة تعليمات إلى سفرائها في الخارج، أن يعلنوا تمسك إسرائيل بحق البناء في القدس (الشرقية المحتلة)، كما في كل منطقة إسرائيلية أخرى، القائمة في خريطة المصالح الاستراتيجية. وتقول الوثيقة إن الحكومة الإسرائيلية لن تتراجع عن قرارها الاستيطاني، وترفض القول إن هذا القرار يمس بعملية السلام.

وتطرقت تعليمات الخارجية الإسرائيلية، إلى التهديد الفلسطيني بالتوجه إلى محكمة لاهاي لجرائم الحرب، فاعتبرت أن هذه المحكمة هي في الأصل، معادية لإسرائيل، وقالت إن «الفلسطينيين هم الذين يرتكبون جرائم حرب وليس إسرائيل»، واعتمدت بهذا الادعاء على غياب جهاز قضائي مستقل ونزيه في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.