نتنياهو يصل إلى برلين وجيشه يصدق على مشروع استيطاني في القدس

وسط حديث عن غضب ألماني من القرار الإسرائيلي

TT

قبيل مغادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تل أبيب، في زيارتين رسميتين لجمهورية التشيك وألمانيا، اتخذت مؤسساته الحكومية قرارا آخر، صباح أمس، لتعزيز النهج الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة وبعض مناطق الضفة الغربية، مؤكدا بذلك أن حكومته تضرب عرض الحائط بالمعارضة الدولية الشديدة للمخطط الاستيطاني، بينها الدولتان اللتان يحل ضيفا عليهما.

في غضون ذلك، قالت صحيفة «هآرتس» قبل اللقاء الذي تم بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ونتنياهو الليلة الماضية، إن ميركل وبخت نتنياهو على قرار البناء الاستيطاني، وحذرته من عزلة دولية خطيرة تواجه إسرائيل بسبب هذه الإجراءات الإسرائيلية.

وتجاهل نتنياهو، في بيان حول الزيارة، أي ذكر للموضوع الاستيطاني. وقال عشية مغادرته: «سأقلع إلى براغ لأشكر باسم مواطني إسرائيل رئيس الوزراء على موقفه الشجاع المتمثل في التصويت ضد الخطوة الفلسطينية الأحادية في الأمم المتحدة. إن تاريخ إسرائيل والتشيك علمنا أنه يجب التمسك بالحقيقة حتى عندما لا تكون الأغلبية واقفة معك. ومن هناك، سأزور برلين وألتقي المستشارة (أنجيلا) ميركل. سأشكرها على دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من إرهاب الصواريخ خلال عملية (عمود السحاب) (العدوان الأخير على غزة) وسأناقش معها التطورات التي تجري في منطقتنا. وسأشارك في برلين في مراسم تذكارية تقام في رصيف 17، حيث اقتيد عشرات الآلاف من اليهود إلى معسكرات الإبادة، وحيث ذبح 6 ملايين من أبناء شعبنا على أرض أوروبا. فنحن من رماد المحرقة أقمنا دولة وجيشا. ولم تتوقف الاعتداءات على الشعب اليهودي ودولته منذ نيلنا الاستقلال، ولكن الفرق هو أن اليوم لدينا جيش يحمينا ولنا حكومة تقول الحقيقة للعالم».

وكان «مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي، وبناء على تعليمات من الحكومة، صدق أمس على إيداع مخطط البناء في المنطقة (ئي 1)، الواقعة بين القدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»، لبناء 3200 وحدة سكنية يهودية في الحي الاستيطاني المسمى «ميشور أدوميم»، بالإضافة إلى مرافق اقتصادية وسياحية هائلة. وهو المشروع الذي يؤكد كل الخبراء أنه يؤدي إلى تقطيع الضفة الغربية إلى قسمين منفصلين ويمنع الامتداد الجغرافي الطبيعي لها لكي يمنع إقامة دولة فلسطينية مستقرة ومستقلة.

ويعتبر هذا التصديق مرحلة خامسة من مراحل ست يجب أن يمر بها المشروع، حتى يبدأ تنفيذه. فابتداء من اليوم يستطيع المعنيون تقديم اعتراضات على المخطط، وبعد مناقشة الاعتراضات وتجاوز هذه المرحلة، تأتي المرحلة الأخيرة قبل التنفيذ. وأكدت مصادر مطلعة في المجلس أن البحث أمس لم يكن مخططا ولا يستبعد أن يكون قد شابه خلل قانوني أو تنظيمي ويفتقد إلى العمق، وذلك في أعقاب تعليمات أصدرها المستوى السياسي إلى من يسمى «منسق عمليات الحكومة في المناطق (الضفة الغربية)»، تقضي بالدفع بالمخطط المشار إليه في أعقاب المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر، وصفته بالمطلع على التفاصيل، قوله إن الطريق لا تزال طويلة حتى تصل الجرافات إلى المنطقة. وبحسبه، سيتم تقديم اعتراضات كثيرة، وأن الأمر سيستغرق وقتا طويلا، ولكن قرارا صارما من الحكومة من شأنه أن يعجل من ذلك.

وأتاح هذا التصريح تخمينات في الحلبة السياسية والإعلامية بأن تكون حكومة نتنياهو قد تراجعت عن مشروعها في أعقاب المعارضة الدولية. وكتبت صحيفة «معاريف» في موقعها الإلكتروني، أمس، أن إسرائيل أبلغت واشنطن بعدم وجود نية لديها بالبناء في «ئي1»، وقالت إنه رغم الضغوط، خاصة من الدول الأوروبية، لإلغاء القرار، فإن إسرائيل تدرك أن المشكلة الكبرى لها مع البيت الأبيض، وأن الإدارة الأميركية هي مفتاح التهدئة أيضا في هذا الموضوع. وأضافت أن هدف نتنياهو المركزي هو محاولة تجنب أزمة جديدة مع الإدارة الأميركية في هذه القضية.

وقالت الصحيفة إن لديها معلومات تفيد بأن نتنياهو ومستشاره للأمن القومي، يعكوف عميدرور، بعثا برسائل لواشنطن مفادها أن «إسرائيل لا تنوي في هذه الأثناء البناء في (ئي1). وأن وتيرة التقدم في إجراءات البناء وإخراج المخطط لحيز التنفيذ منوطان بالتقدم في مسار المفاوضات». وتابعت أنه «تم إبلاغ الأميركيين أن المستوى السياسي يستطيع تجميد التقدم في إجراءات التخطيط في كل مرحلة، وأن القرار بإيصال الجرافات إلى المنطقة والبدء بعملية البناء يتطلب تصديق المستوى السياسي أيضا». ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن «الحديث عن عملية تخطيطية لا تزال في مراحلها الأولى، ومن الممكن أن تتم في شهور من خلال تسريع الإجراءات، أو تستغرق سنوات». وأضاف أن «هناك عدة محطات في عملية التخطيط تلزم بتصديق المستوى السياسي، وخاصة التصديق على القرار ببدء البناء فعلا».

لكن نائب وزير الخارجية، داني أيلون، الذي يرافق نتنياهو، قال في تصريح للصحافيين في مطار اللد، إن «الحكومة لم ترضخ للضغوط الغربية ولا ترى أن هناك مشكلة أو أزمة دبلوماسية مع الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة». وأضاف أن «هناك خلافا في الرأي بين إسرائيل بجميع حكوماتها من جهة وجميع الإدارات الأميركية، منذ سنة 1967 حول موضوع الاستيطان في المناطق (العربية التي احتلت في تلك السنة). ولكن هذا الخلاف لم يؤد في يوم من الأيام إلى أزمة».

وكان نتنياهو قد التقى، صباح أمس، في براغ، رئيس الوزراء التشيكي نتشاس وشكره على موقفه الداعم لإسرائيل ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ثم غادر إلى برلين، في زيارة مخططة سلفا، هدفها مواصلة تقاليد الاجتماعات المشتركة للحكومتين مرة كل ستة أشهر. ويرافقه عدد كبير من الوزراء الإسرائيليين، في مقدمتهم وزراء الدفاع إيهود باراك، والخارجية أفيغدور لبرمان، والمالية يوفال شتاينتس.