فتيات يعدن تدوير الكتب المستعملة وبيعها بأسعار رمزية

خصصن ريعها لشراء كراسٍ متحركة للمعاقين

انتشار ظاهرة بيع «الكتب المستعملة» في السعودية بدا أمرا مألوفا («الشرق الأوسط»)
TT

دفعها تكدس كتب والدها في غرفة صغيرة على سطح منزلها، إلى التفكير في طريقة عملية وعلمية في الوقت ذاته، للتخلص من هذه الكتب القيمة دون إتلافها، فقررت وئام بخيت، الفتاة العشرينية، أن تقوم بتوزيعها على معارفها وأقربائها الذين تجذبهم رائحة الكتب العتيقة ذات الأوراق الصفراء.

ونظرا لكثرة الكتب القديمة الموجودة لديها، إضافة إلى وجود ما يماثلها لدى أقربائها ومعارفها، اضطرت بخيت لأن تبحث عن طريقة أخرى لتوزيعها بدلا من هجرها وتكديسها، ففكرت بإقامة معرض صغير في أحد المقاهي الثقافية، تعرض فيه تلك الكتب إلى جانب الكتب الموجودة لدى معارفها والتي يرغبون بتوزيعها أو بيعها.

وفي خلال فترة وجيزة لا تتجاوز الشهر تمكنت بخيت من جمع أكثر من 600 كتاب مستعمل هي وبعض صديقاتها، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «وجدت في مكتبة والدي كتبا قديمة ونادرة جدا، ولا يوجد منها في الأسواق الآن، الأمر الذي جعلني أفكر بإعطائها لأشخاص يقدرون قيمتها ويحافظون عليها، إلا أنني وجدت لديهم كميات كبيرة من الكتب ويفكرون مثلي بالتخلص منها».

واستطردت بخيت: «اتفقنا على إقامة معرض صغير في أحد المقاهي الثقافية بعد أن نقوم بجمع الكتب وفرزها بمختلف أنواعها، ووضع الأسعار عليها، وقررنا أن نتبرع بالمردود المادي لشراء كراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، ونكون بذلك كسبنا أجر تلك الكتب من خلال بيعها، وتمكنا من مساعدة الفقراء من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين ليس لديهم الإمكانيات المادية لثمن الكراسي المتحركة».

وحول آلية جمع الكتب أوضحت بخيت أنها قامت وصديقاتها بعمل إعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنها قامت بنشر الفعالية عبر برامج الهواتف الجوالة، كالـ«واتس أب» والـ«بلاك بيري»، لجمع الكتب بمختلف أنواعها، سواء الدينية والأدبية والعلمية والثقافية، إلى جانب الروايات بمختلف اللغات، مستثنية من ذلك الكتب الدراسية والمجلات. وبينت بخيت أن الاستجابة للمعرض في بداية الأمر كانت ضعيفة ولم تجد تجاوبا كبيرا من الأشخاص، وقالت: «يوجد أشخاص يحبون كتبهم ولا يريدون الاستغناء عنها حتى لو أنهم لا يقرأونها، إلا أننا نجحنا في إقناعهم بالمشاركة ببعضها بدلا من هجرها حتى يستفيد منها الغير والذين هم بحاجة لها».

وتمكنت من جمع أكثر من 600 كتاب تم بيع كميات كبيرة منها خلال اليوم الأول؛ إذ إن زائري المعرض لم يكتفوا بشراء كتاب واحد، بل مجموعات من الكتب المختلفة، لا سيما أن رخص ثمنها إلى جانب ندرتها كانا سببا رئيسيا لأن يأخذ الشخص أكثر من كتاب.

وأشارت بخيت إلى أنهم تمكنوا خلال اليوم الأول من جمع أكثر من 2000 ريال، متوقعة أن يبيعوا خلال اليومين المقبلين جميع الكتب ويحصلوا على المبلغ الكافي لشراء مجموعة من الكراسي المتحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، لافتة إلى أن ثمن الكرسي المتحرك الواحد يصل إلى 400 ريال، ولا يستطيع الفقراء من تلك الفئة شراءه.

ونفت الفتاة العشرينية ما يقوله البعض حول تهميش الشباب والفتيات للكتب، مؤكدة أنه رغم وجود المكتبات الإلكترونية وغيرها، فإن الكتب الورقية لا تزال مطلوبة وذات قيمة، وقالت: «هذا ما لمسناه من بعض الشباب الذين يحرصون على اقتناء الكتب القيمة والمفيدة، حيث إن البعض قام بشراء مجموعات كبيرة، كما أن البعض لم يكن سهلا عليه الاستغناء عما لديه من كتب».

وبينت أن مواعيد المعرض ستكون لمدة ثلاثة أيام من الساعة العاشرة صباحا وحتى العاشرة مساء نهاية الأسبوع الحالي، وهو الوقت الذي يتردد فيه الأشخاص على المقاهي الثقافية، مبينة أنهن يطمحن مستقبلا لتحويلها إلى جمعية تستقبل الكتب المستعملة تدر عليهن دخلا جيدا مستقبلا يخصص ريعه لمساعدة المحتاجين.