منتدى «دافوس»: وجوه عربية جديدة.. ونفس المشاكل القديمة

الأمم المتحدة تناشد العالم مساعدة السوريين أمام المنتدى الاقتصادي العالمي

الرئيس السويسري يربط حذاءه (رويترز)
TT

جاء المشاركون العرب والمهتمون بالشأن العربي، إلى «منتدى الاقتصاد العالمي» في دافوس هذا العام وهم يتذكرون اجتماعات المنتدى قبل عامين حيث كانت الثورة التونسية في أوجها وبدأت مظاهرات ميدان التحرير في مصر. واليوم، هناك مساع للتوصل إلى حلول جديدة للتعامل مع مشاكل قديمة، بعضها اجتثتها الثورات العربية وأخرى تنذر بالمزيد من المصاعب. طرحت في اليوم الأول من المنتدى أسئلة حول المنطقة ومستقبلها، بعضها حول الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين وأخرى بعيدة الأمد.

وفي جلسة مغلقة حول الأوضاع في العالم العربي، تم تداول عناصر عدة على رأسها الأسباب الاقتصادية وراء الانتفاضات العربية والاستياء بين أوساط عدة في دول عربية منذ سنوات. وكان من اللافت أن المشاكل القديمة، من أزمة البطالة بين الشباب والعجز في مواجهة التحديات السياسية في دول مثل سوريا، أثيرت ولكن من دون طرح حلول جديدة. ولكن التغيير ظاهر في المشاركة العربية للمنتدى، إذ تحضر شخصيات من الحكومات الجديدة التي تلت الثورات العربية، من بينها رئيس الوزراء الليبي علي زيدان للمرة الأولى. وقال حبيب حداد، الرئيس التنفيذي لـ«ومضة»، المؤسسة المهتمة بدعم وتمكين رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «من المحير أن نأتي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي ونسمع خطابات تشبه خطابات اجتماعات سابقة وطرح نفس القضايا التي طرحت في السابق قبل الربيع العربي». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن، يبدو أنه لا يوجد حافز قوي يدفع المسؤولين القدامى للتغيير». وأضاف حداد أن «هناك انعداما في القدرة على وضع خطة وتنفيذها بشكل يسمح لنا بحل المشاكل المستعصية مثل البطالة بين الشباب»، موضحا: «بات الحديث عن البطالة بين الشباب تعبيرا يردد من دون مفعول حقيقي». وتعقد جلسات عدة يدور محورها حول العالم العربي، على رأسها جلسة متوقعة اليوم حول سوريا بمشاركة وزيري الخارجي التركي أحمد داود أوغلو والأردني ناصر جودة. ولكن غالبية الجلسات مغلقة، مما يسمح للتداول الصريح بين المشاركين. وتحدث مشتركون عدة عن المأساة الدائرة في سوريا، حيث اعتبر أحدهم أن «ما يحدث في سوريا دليل على انعدام القدرة على التعامل مع الأوضاع المحلية، لذا نذهب إلى الخارج لنحل مشاكلنا»، مشيرا إلى تدخل الناتو في ليبيا.

ومن بين الحضور المفاجئ في دافوس كان عبد الله الدردري، نائب رئيس الوزراء السوري السابق الذي يعمل الآن لدى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي سيا «اسكوا» في بيروت. ولكن شدد المسؤول السوري السابق على أن مشاركته في المنتدى تأتي في إطار عمله لدى الأمم المتحدة. والدردري من بين عدد من السوريين الذين دعوا إلى المنتدى لبحث فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

ولم تغب الأزمة الإنسانية السورية عن المداولات في دافوس، إذ ناشدت منسقة المساعدات الطارئة للأمم المتحدة فالري ايموس الحضور لزيادة الدعم للسوريين. وقالت أمس إن موظفي الأمم المتحدة الذين زاروا سوريا والدول المحيطة بها صدموا لشدة الأزمة، موضحة: «تأثير عامين من النزاع أدى إلى أثر مرعب على الناس وخاصة الأطفال». وأضافت: «4 ملايين سوري بحاجة للمساعدة وهناك مليونا نازح في الداخل». وأضافت: «نحن بحاجة للمزيد من الناس والمزيد من الشركاء ونحن بحاجة لتوصيل المساعدات بوتيرة أسرع». وايموس تسعى من خلال لقاءاتها في المنتدى لتطوير آليات جديدة لتوصيل الدعم والمساعدات للسوريين وخاصة بمشاركة القطاع الخاص.

ورغم الاهتمام بالشأن السوري، فليس وحده على أجندة أعمال المنتدى. إذ كان هناك تركيز على شمال أفريقيا، كما تقرر في اللحظة الأخيرة انضمام وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي إلى المجتمعين في دافوس للحديث عن الأحداث المتسارعة في الجزائر عقب حادثة احتجاز ومقتل العاملين في منشأة عين أميناس.

وبالطبع، تصدرت القضايا الاقتصادية اهتمامات المشاركين، بينما عبر أحد المشاركين في الجلسة عن أهمية تأسيس صندوق مماثل لصندوق «خطة مارشال» التي تم اعتمادها في أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لفت آخر مطلع على مداولات القمة الاقتصادية العربية التنموية في الرياض إلى أن هناك تحركا تجاه انسجام اقتصادي أوسع بين الدول العربية. وأضاف أن قرار كيفية تحديد الأموال الداعمة للدول التي تعاني من عدم الاستقرار أيضا يحمل عوائق عدة. وشدد حداد على أهمية القطاع الخاص، قائلا: «هناك فرصة لفتح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دورا أفضل وليحرص على تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم». وأضاف: «من أبرز المشاكل هي وضع الحواجز بين الدول العربية، لا يمكن أن تكون لدينا شركات ضخمة بناء على سوق دولة واحدة، بل يجب أن يقوم القطاع الخاص بالتعاون الأوسع بين العرب ليتخطى الحواجز التي تفرضها المشاكل السياسية».