هل بدأت «أبل» تفقد بريقها؟

خسرت 50 مليارا من قيمتها بعد أن جاءت مبيعاتها دون المتوقع في الربع الثالث

تماما مثل شعارها (التفاحة المقضومة) حصة «أبل» في السوق تتعرض للقضم مع تزايد المنافسين (رويترز)
TT

سجلت «أبل» إيرادات أدنى من توقعات وول ستريت للربع الثالث على التوالي بعد أن جاءت مبيعات آي فون دون المتوقع مما أثار مخاوف من تراجع هيمنتها على قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية.

وهبط سهم أكبر شركة للتكنولوجيا في العالم عشرة في المائة إلى 463 دولارا في تعاملات ما بعد الجلسة الرسمية ليمحو نحو 50 مليار دولار من قيمتها السوقية التي تساوي تقريبا قيمة «هيوليت باكارد» و«ديل» مجتمعتين.

وقالت «أبل» أول من أمس الأربعاء إنها سجلت شحنات قياسية في الربع المنتهي في ديسمبر كانون الأول بلغت 8.‏47 مليون جهاز آي فون بزيادة 29 في المائة عن الفترة المقابلة من العام السابق. لكن ذلك أدنى من 50 مليونا توقعها المحللون في المتوسط.

وكانت التوقعات في الأيام التي سبقت إعلان النتائج ضعيفة بسبب أنباء عن احتمال أن يخفض بعض موردي المكونات في آسيا إنتاجهم مما أثار مخاوف من تباطؤ الطلب على آي فون - الذي يشكل نصف إيرادات «أبل» - وآي باد.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية فإن محللين قالوا إن بعض المستثمرين يتشبثون بالأمل في تكرار السنوات التي شهدت تفوقا تاريخيا.

وتتوقع «أبل» إيرادات بين 41 مليار دولار و43 مليارا في ربع السنة الحالي وهو الربع الثاني من السنة المالية بينما تتوقع وول ستريت في المتوسط أكثر من 45 مليار دولار.

وارتفعت إيرادات «أبل» في الربع الأول من السنة المالية 18 في المائة إلى 5.‏54 مليار دولار مقارنة بمتوسط توقعات المحللين البالغ 73.‏54 مليار دولار غير أن ربحية السهم التي بلغت 81.‏13 دولار فاقت المتوقع وهو 47.‏13 دولار وفقا لبيانات «تومسون رويترز اي/بي/اي/إس».

وبحسب تقرير لـ«واشنطن بوست» فقد تباطأ النمو في أرباح شركة «أبل» بشكل هائل وانخفض حجم مبيعاتها على نحو أطاح بتوقعات «وول ستريت»، معززا المخاوف بين المستثمرين من أن تكون قد ولت الأيام التي شهد فيها عملاق الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية نموا ضخما.

باعت «أبل» 47.8 مليون جهاز «آي فون»، الذي يعد أهم منتجاتها، في الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول)، وهو سجل قياسي، حسبما أشارت الشركة يوم الأربعاء. غير أن هذا لم يؤثر بدرجة كبيرة على مستثمري «وول ستريت» الذين سارعوا ببيع الأسهم في وقت متأخر من أول من أمس الأربعاء، مما أدى لهبوط الأسهم بنسبة 10 في المائة خلال التداول بعد إغلاق البورصة.

ومنذ وصول قيمة السهم إلى ذروة ارتفاعها مسجلة 705 دولارات في سبتمبر (أيلول)، فقد السهم الآن ما يقرب من 35 في المائة من قيمته. وهبطت قيمة الأسهم إلى قرابة 460 دولارا للسهم خلال التداول بعد إغلاق البورصة، بعد الإقفال عند سعر 514.17 دولار.

وبحسب تقرير الصحيفة الأميركية استشعر الخسارة قطاع عريض من الأميركيين العاديين. لما يقرب من عقد، شهدت قيمة أسهم شركة «أبل» ارتفاعا هائلا، على نحو جعل الشركة في نهاية المطاف أعلى الشركة قيمة في العالم. فربع تلو ربع، حطمت الشركة حتى أكثر التوقعات تفاؤلا، إذ اشترى المستهلكون أجهزة «آي فون» و«آي باد» بأرقام قياسية.

وعلى طول الطريق، قامت صناديق التقاعد وصناديق الاستثمار المشتركة بشراء الأسهم، مما جعل سهم الشركة يتصدر الأسهم التي يمتلكها المستثمرون في العالم.

غير أن كثيرا من المحللين يتساءلون الآن حول ما إذا كان بإمكان شركة «أبل» مواكبة هذا الإيقاع السريع وما إذا كان خط إنتاج الشركة يعاني من نقص في المنتجات المتقدمة. إن جهاز «آي فون»، أكثر منتجاتها مبيعا، قد تفوقت عليه أجهزة منافسة أقل سعرا. فضلا عن ذلك، فإن الخطوة الخاطئة الممثلة في طرحها برنامج خرائط «أبل» وإجراء تعديل لاحق في مناصب المسؤولين التنفيذيين بها جاءا أيضا كصدمة زعزعت ثقة المستهلكين في اتجاه الشركة.

وفي مكالمة جماعية أجريت يوم الأربعاء، صرح الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، بأن شركة «أبل» لا تعتزم خفض مستوى جودة منتجاتها للاحتفاظ بحصتها في السوق بطرح أجهزة أرخص ثمنا.

يقول كوك: «نحن لسنا مهتمين بالعائد في حد ذاته. يمكننا وضع علامة (أبل) على كم كبير من المنتجات وبيع عدد أكبر من الأشياء».

لقد بات التسابق للاستحواذ على حصة بالأسواق الأجنبية أمرا حتميا بالنسبة لشركات صناعة الهواتف الذكية. يأتي أكثر من 60 في المائة من مبيعات شركة «أبل» من خارج أميركا الشمالية.

لقد واصلت شركة «سامسونغ»، على وجه الخصوص، مساعيها المكثفة لاقتحام سوق المنتجات فائقة الجودة التي تتطلب مهارات وجهودا ضخمة والتي كانت بمثابة مصدر الربح الأساسي لشركة «أبل». لكن عملاق التكنولوجيا الكوري قادر أيضا على اقتحام سوق منتجات أقل جودة بالخارج، والتي لا تزال شركة «أبل» عاجزة عن ملاحقتها.

لا يزال جهاز «آي فون» باهظ التكلفة في دول نامية مثل الصين، حيث لا تمنح شركات الاتصالات إعانات ضخمة للمستهلكين. وتحتل الشركة المرتبة السادسة في حصة السوق في الصين والمرتبة العاشرة في الهند، بحسب رامون ياماس المحلل بشركة «إنترناشيونال داتا كوربوريشن».

وبحسب «واشنطن بوست» ففي الولايات المتحدة، ربما تصل شركة «أبل» بالفعل إلى نقطة التشبع في قطاع المنتجات فائقة الجودة بالسوق. أظهرت أرقام مبيعات شركة «فيريزون وايرلس» في بداية هذا الأسبوع أن أقل من نصف مبيعات جهاز «آي فون» الجديد كانت من أحدث الموديلات، مما يدل على الطلب القوي على هواتف «آي فون» الأقدم والأرخص، حتى في أكثر الأسواق تقدما في العالم.

وتحظى الإصدارات الأقدم من هاتف «آي فون» بالمثل بشهرة في الصين، بحسب بريان وانغ، المحلل بشركة «فوريستر» الكائنة في سنغافورة. يحصل الكثير من المستهلكين هناك على أجهزة «آي فون» عبر البائعين لمرة ثانية أو القنوات الخلفية، مما يعني أنه إذا ما قدمت شركات النقل في الصين إعانات مالية مماثلة لتلك التي تقدمها الشركات في الولايات المتحدة، على حد قوله، فربما تشهد شركة «أبل» نموا ضخما.

وبحسب الصحيفة يرى كثير من المحللين أنه يتعين على شركة «أبل» توسيع نطاق عناصر الجذب لمواصلة نجاحها، لكنهم حذروا من أن ذلك يأتي حاملا معه مخاطر.

يقول آدم ليتش، محلل تكنولوجيا بشركة «أوفوم»: «أبل ناجحة وفقا لهامش الربح الذي تجنيه من كل جهاز. وقد ينظر لخسارة ذلك الهامش بوصفه عامل خطر بالنسبة للمستثمرين».

وحتى مع الخسارة التي تكبدتها الشركة، يقول محللون إنه لا يزال الوقت مبكرا جدا لاستبعاد شركة «أبل» أو القول إنها قد وصلت إلى ذروة خسارتها.

تقول سارة روتمان إبس، المحللة بشركة «فوريستر»: «ليست لدينا معلومات كاملة يمكننا أن نتحقق من خلالها مما إذا كانت شركة أبل تتكبد خسائر فادحة أم لا لأننا لا نعلم ماهية منتجاتها المستقبلية». وأشارت إلى أن تركيز منتجات «أبل» ينبغي أن ينصب دائما على تقديم تجربة أجهزة وبرمجيات كاملة للمستهلكين، لا على قيادة السوق من خلال تكنولوجيا عالية التطور.

تقول: «لا يعتبر هذا توقعا يمكن أن تحققه أبل على الإطلاق لأنه ليس ما تحاول تحقيقه».

وأعلنت شركة «أبل» عن تحقيق عائد قيمته 54.5 مليار دولار لهذا الربع من العام، وهو ارتفاع عن 46.3 مليار دولار. حققت الشركة صافي ربح مكافئا لذلك الذي حققته العام الماضي والبالغ 13.1 مليار دولار. كانت فترة رفع التقارير بالنسبة لشركة «أبل» في هذا الربع من العام أقصر بمدة أسبوع من الفترة نفسها العام الماضي.

من جانبها، أشارت شركة «أبل» لقيود العرض التي يواجهها كل من جهاز «آي باد» اللوحي المصغر وأجهزة كومبيوتر «ماك»، جنبا إلى جنبا مع ضعف الدولار، كأسباب لعدم ارتفاع قيمة العائد مثلما قد توقع المحللون. كذلك، حذر كوك المستثمرين من ضرورة عدم الوثوق بدرجة كبيرة في التقارير التي تفيد بأن الشركة تقوم بتقليل طلبيات شراء الشاشات بعد مواجهة طلب ضعيف على أجهزة «آي فون»، قائلا إنه من المستحيل فهم سلسلة عرض الشركة من مصدر بيانات واحدة.

يذكر أن شركة «أبل» باعت 22.9 مليون جهاز «آي باد»، على نحو أتى متماشيا تقريبا مع توقعات المستثمرين.

وتتساءل «واشنطن بوست» ماذا عن أجهزة «آي فون» رخيصة؟ قلق مستثمرو شركة «أبل» من عدم وجود استراتيجية للأسواق الناشئة. أطلق جهاز «آي فون» الذي يحمل اسم «ماث» والموديلات الأخرى إشاعة مفادها أن جهاز «آي فون» الذي تنتجه «أبل» بحاجة للتكيف مع نمو السوق الناشئة، ويقول سكالي إن علينا تسجيل الدخول اليوم لتلقي «ذا سيركويت»، وهي دورية يومية تعرض أحدث أخبار سياسات التكنولوجيا من واشنطن وكيف تشكل مجالات العمل والترفيه والعلم.