هدد سيف الله بن حسين الملقب بـ«أبو عياض» أحد زعماء تيار السلفية الجهادية في تونس بشن «حرب» ضد رئيس الحكومة علي العريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تهديد غير مسبوق. ووجه رسالة عبر المواقع الاجتماعية إلى عقلاء النهضة قال فيها «إلى عقلائكم نقول، أمسكوا مريضكم عنا وإلا سنوجه حربنا إليه حتى إسقاطه وإلقائه في مزبلة التاريخ». وأضافت الرسالة التي نشرها تنظيم أنصار الشريعة الذي يقوده «أبو عياض» «اعلموا أننا لن نطيل القول، فالجواب عليه ما ترون لا ما تسمعون إن لم تتداركوا أمركم».
بشأن مدى جدية هذا التهديد، قال علية العلاني المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الرسالة قد تكون تحمل في طياتها بعض ألغاز عالم السياسة بين شفراتها. وأضاف لا يمكن الاستهانة بالتهديد الذي تضمنته فأنصار الشريعة تنظيم مهيكل استطاع في ندوة إعلامية بالقيروان خلال شهر أبريل (نيسان) 2012 من جمع ما لا يقل عن 15 ألف مناصر. كما أن الأعضاء المنضوين تحت لوائه يحسنون فنون القتال ولهم تجارب في مواقع عدة من العراق إلى أفغانستان إلى ساحات الحرب المفتوحة في العالم العربي وهذا ما يجعل التهديد يحمل على محمل الجد.
وأشار العلاني إلى صعوبات السيطرة على التيارات السلفية المتشددة وقال على وزارة الداخلية أن تسعى إلى إخراج المواجهة من الطابع الشخصي بين «أبو عياض» والعريض إلى ملف قضائي لا بد أن تنظر فيه العدالة وتبت بشأنه.
وتعد هذه الرسالة حسب بعض المتابعين للشأن التونسي ردا على اتهامات وجهها علي العريض رئيس الحكومة التونسية الحالية لـ«أبو عياض» حمله من خلالها المسؤولية على أحداث العنف التي تشهدها تونس.
وكان العريض قد أجاب عن سؤال لصحيفة «لوموند» الفرنسية عن الأسباب التي حالت دون القبض عليه، بالقول إن أبو عياض كان محاطا بعدد كبير من الأنصار مما منع عملية اعتقاله التي كانت على وشك التنفيذ. وأفاد أن «أبو عياض» متورط في انتشار العنف وتجارة السلاح كذلك.
وتتفادى الحكومة التي تقودها حركة النهضة بعد فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011. في مواجهة مباشرة مع التيار السلفي المتشدد وكان راشد الغنوشي رئيس الحركة قد وصفهم بأبنائه وهم الذين يذكرونه بفترة الشباب ودعا إلى محاورتهم ومجادلتهم بالموعظة الحسنة. إلا أن المواجهة بين أبو عياض المطلوب للعدالة التونسية وعلي العريض وزير الداخلية السابق، تعود إلى أحداث السفارة الأميركية بتونس التي جرت في 14 سبتمبر (أيلول) الماضي والمتهم في أحداثها الدامية من قبل وزارة الداخلية. وكان أبو عياض قد نجح بعد يوم واحد من أحداث السفارة في الإفلات من قبضة قوات الأمن التونسية التي حاصرت مسجد الفتح بالعاصمة تحصن فيه أبو عياض قبل أن تخلي سبيله درءا لمواجهة قالت الداخلية إنها لا يمكن أن تتنبأ بعواقبها.
ونجح أبو عياض في الإفلات من قبضة قوات الأمن التونسية التي تتعقب خطاه ثلاث مرات خلال شهر سبتمبر وتتهم أحزاب المعارضة الحكومة بالتساهل في التعامل مع التيارات السلفية ما سهل عملية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) الماضي. وكانت وزارة الداخلية قد اتهمت التيار السلفي بالوقوف وراء أول عملية اغتيال تنفذ على الأراضي التونسي بعد الاستقلال عن فرنسا سنة 1956.
ومنع القضاء التونسي بث مقابلة مع «أبو عياض» كانت مبرمجة على موجات إذاعة «موزاييك» الخاصة، وأعلن القاضي التونسي جلال الدين بوكتيف في الرابع من فبراير الماضي أن «سيف الله بن عمر بن حسين الملقب بـ(أبو عياض)، هو محل تتبع لدينا (..) من أجل قتل نفس بشرية عمدا مع سابق القصد وارتكاب مؤامرة واقعة قصد اقتراف أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي، وارتكاب اعتداء ضد أمن الدولة الخارجي وتكوين وفاق قصد الاعتداء على الأملاك والأشخاص».
وتفيد تقارير إعلامية أن «أبو عياض» قد قاتل ضد القوات الأميركية في أفغانستان والتقى سنة 2000 أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. وفي سنة 2003 اعتقل أبو عياض في تركيا وتسلمته تونس حيث حكم عليه بالسجن لفترة وصلت حدود 68 سنة بموجب قانون «مكافحة الإرهاب» الذي يعود تاريخ إقراره إلى العاشر من ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2003.
وأفرجت السلطات التونسية عن «أبو عياض في شهر مارس (آذار) من السنة الماضية بموجب قانون العفو التشريعي العام وهو يقود منذ ذاك التاريخ تنظيم «أنصار الشريعة» المتهم بالتشدد.